نرمين المفتي/
والله هذه ليست نكتة، ففي العام 1994، حين كان سعر الكيلو غرام الواحد من السكر اربعة آلاف دينار، جاءني احدهم وبيده اطروحته للدكتوراه، نال عليها درجة امتياز لتوصله الى اختراع (مبيد للذباب يصنع بيتيا) بعد ان منع العراق من استيراد المبيدات. وكان الاختراع عبارة عن طحن ذباب مريض (اعراض المرض انتفاخ البطن وشعيرات منتصبة عليه وتهدل الجناح الأيسر) مع كيلو غرام من السكر! وكانت هناك مقادير 100 غرام من الذباب المريض لكل كيلو من السكر. في حين كانت عبوة المبيد المهربة بألفي دينار وكانت لها فاعلية وان لم تكن اصلية. ولم يذكر صاحب الابتكار كيفية الحصول على الذباب المريض الذي يحتاجه من يريد القضاء على الذباب في منزله!
كتبت حينها شخصيا عن هذا (الاختراع) العجيب في عمودي الاسبوعي (مشاكسة) في صحيفة الجمهورية… اليوم واجهتني قصة شبيهة بقصة البارحة، ففي الوقت الذي يعاني فيه العراق عامة من النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب خاصة والمياه العذبة عامة، يزف الينا خبر مهم جدا بابتكار عراقي توصل الى صناعة الورق بالمياه العذبة، بينما العالم كله، عدا العراق، يفكر في كيفية المحافظة على مصادر المياه العذبة استنادا الى ان الحرب القادمة ستكون حرب المياه العذبة بسبب تغير المناخ والاحتباس الحراري الذي اثر على كمية الثلوج والأمطار وبالتالي كمية المياه العذبة والصالحة للشرب في العالم. هل هناك مفاجأة بأن الحكومة قامت بتخزين مياه عذبة ستكفي العراقيين في المستقبل باعتبار ان العراقيين الحاليين مشاريع تضحية؟ وهناك فائض عن الحاجة في هذا الخزين سيتم صرفه على صناعة الورق؟ اين هو صاحب العقل الحصيف الذي قرر ان يكتب على حاويته التي ينقل فيها الماء الى الأحياء السكنية في اسابيع انقطاع المياه الصالحة للشرب عن الحنفيات (مياه ابراهيم للشرب) وحين سئل عما كتبه، كان جوابه (صالح ليس احسن مني ليكتب اسمه على حاويته)! ليأتي ويكتب الآن (مياه ابراهيم او صالح ،لا فرق، للورق)، وليفسر كل عراقي (الورق) كما يرغب، بدءا من الورق الذي يعني (الدولار) انتهاء بكل انواع الاستخدامات.. وهنيئا للمخترعين والمبتكرين أفكارهم الخلاقة سواء بالقضاء على الذباب أم بأي ابتكار آخر يجلب الابتسامة المريرة للعراقيين وكأنه نكتة سوداء.