جمعة اللامي/
ماذا نقول لأحدهم، يعلم باسم الطامع بمياهه، ثم يعهد إليه بصيانة سدود أنهار بلاده؟ لا تجعل أوساً حارساً على غنمك، ولا تأمن أويساً فتلبسه لباس الحرس وتقول له: تعال احرس حلالي وبيتي وثروتي.
ولكن، اختر لحراسة قطيعك من هو على سنخ السلهب، لأنه وفيّ في طبعه، لا يغدر بك، ولا يخون أمانتك، لأنه حسيب نسيب، كما صنّفته العرب.
أوس، الذي يتسمى به بعضنا، هو: الذئب، وأويس هو الذئب أيضاً. قال “الهذلي”:
يا ليت شعري عنك والأمر أمم … ما فعل اليوم أويس في الغنم!
أما ذلك “السلهب” فشأنه مفيد، إذا ما أخذت من القول ليس الظاهر فقط، بل الباطن أيضاً، أي كأنك تنظر الى الجبل عالياً على وجه البسيطة، وعروقه البعيدة في أعماق الأرض، وفي هذا دليل على فطنة.
ومن الفطنة أيضاً أن تعرف أن هذا “السلهب” هو اسم كلب حسيب نسيب لدى أحد العرب. وكان العرب في قديم أزمانهم يعرفون أنساب الخيل والإبل، والكلاب أيضاً. ونقل الجاحظ عن أحدهم قوله: “ليس الديك من الكلب في شيء، فمن الكلاب ذوات الأسماء المعروفة والألقاب المشهورة، ولكرامها، وجوارحها، وكواسرها، وأحرارها، وعتاقها، أنساب قائمة، ودواوين مخلدة، وأعراق محفوظة، ومواليد محصاة، مثل كلب جذعان، وهو: السلهب بن اليراق بن يحيى بن وثاب بن مظفّر بن هارش.”
هذا على ذمة أبي عثمان بن بحر، أحد أشياخ العقل وأرباب الطريقة العقلية في الثقافة العربية، وهو يشير من بين أمور أخرى إلى أنه وضع كل ما يتعلق بالحياة في ميزان العقل والتجربة العقلية، هو الفيصل في المعرفة.
لذلك قال الجاحظ: “العقل حجة.”
ولعلك تجد، عزيزي القارئ، حجة ما في حكاية الرجل البريطاني ديفيد بالمر مع صديق العائلة نيك يوينغ بعد عطف وحنو من الأول تجاه الثاني. وحسب صحيفة “ديلي ميل” في شهر يوليو/ تموز من سنة 2008، فإن “نيك” يتقاسم المنزل مع عائلة صديقه بالمر منذ ثلاث سنوات، بل إنه صار أحد أفراد العائلة تماماً، فهو يحضر التلفزيون، ويأكل البسكويت، وصار وزنه 140 كيلوجراماً.
تقول “ديلي ميل” إن الفرق بين “نيك” وأطفال بالمر، هو أن “نيك” يهوى تناول الأعشاب في حديقة المنزل، لأنه خروف، سبق أن وجده بالمر في حالة سيئة قبل ثلاث سنوات فعالجه وأكرمه، وجعله يعيش مع زوجته كارولين وابنته ناثان.
ستكون غلطة بالمر فادحة جداً إذا وجد أوساً مريضاً وضمه الى العائلة، كما فعل بعضنا، ويفعل الآن أيضاً.