جمعة اللامي /
“يا مليكتي .. ! أنت سيدة الأدب والعلم والشعر ،
عرشك ليس عرش روسيا فحسب بل إنه عرش قلوبنا كلها”
(فولتير-إلى كاترين)
في مرحلة الفتوّة كان اسم فولتير: فرانسوا ماري أرو,يه، غير بعيد عن مسامعنا نحن الطلبة في مدرسة “الصادق النموذجية” بمدينة العمارة. وبعد ذلك، في السجن، عندما تجاوز عمري السابعة عشرة، عرفت جدارة فولتير، المفكر المتحرر، كان يكتب لمدة (18) ساعة يومياً. وهكذا ردَّ فولتير على كاترين العظيمة، انطلاقاً من موقفه الثقافي، وثقته بنفسه، غير عابئ بما كان يُشاعُ عن جرائمها الدموية، فهذا منوط بسواه، أما المفكر المتحرر، فلا تشبهه إلا كلماته.
وقد علمني فولتير الاستقلال وعدم اتباع أي منهج سوى قناعاتي، مهما كانت “قوة المقابل”، كما تعلمت منه “قُوة المعتذر” عن قدرة وتسامٍ، بعدما نشر مقالاته الاعتذارية، رداً على مسرحيته المعنونة “محمد” التي اعتبرها المؤرخون عاصفة من النقد المتواصل للرسول الكريم. وكان الفيلسوف الألماني “غوته “، يوهان فولفغانغ، مصيباً عندما كتب مسرحية “محمد”، وأخرى بعنوان “نشيد محمد”، لأنه ينطلق من أهمية أن يكون الإنسان المثقف متنوراً ومستقلاً، ولهذا حاز على تقريظ مجايليه والذين تلوه.
أما الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام وكرم الله وجهه”، ففي رسائله المكتوبة، وتلك اللسانية أيضاً، ما يجعل المرء موجهةً إليه شخصياً. خُذ على ذلك مثالاً رسالتة إلى مالك بن الأشتر، التي صارت عنواناً بارزاً في ثقافة إدارة الدولة والمجتمع، والتي أدعو الشباب العراقي الصاعد إلى قراءتها والتوقف عندها طويلاً. أما مجتمع الأدباء العرب، ففي خزائن بعض مُبرّزيه، دررٌ ثمينة، وهذه متوفرة في أسواقنا، لاسيما في “رسائل البلغاء” ورسائل “الجاحظ” الكناني، العراقي، على وجه التخصيص.
وفوق هذا كله، وبعد هذا كله، يبقى “القرآن الكريم” تاج تيجان المكاتيب، كل المكاتيب، لأنه مكتوب الله تعالى، إلى كل إنسان.