حسن العاني /
لا يحتاج الأمر إلى بحث متعب أو دراسة مستفيضة للتأكد من أنه منذ بدء الخليقة وإلى يومنا المبارك هذا، عرف العالم، أو عرفت الشعوب آلاف المناسبات التي تفرض حضورها الحياتي بهذه الصورة أو تلك.
ومعلوم أن المناسبات، أياً كان نوعها أو سببها، لا تخرج عن إحدى حالتين من حيث المكان، الأولى (عالمية)، أو أُممية، تحتفي بها الشعوب أو تستذكر حلولها وقدومها بما يتناسب مع طبيعتها، فرحاً واعتزازاً، أو حزناً وألماً. والثانية (محلية) خاصة بكل دولة او مجموعة دول يربطها رابط ديني أو قومي ..الخ ، لكن الغالب الأعم هو أن معظم الدول تجمع بين الحالتين..
يلاحظ أن بعض المناسبات – وهي القليلة – تحافظ على بقائها واستذكارها مئات أو آلاف السنين، وبعضها الآخر، التي هي الأكثر والأشمل تُهمل مع الأيام، او تتغير، أو تصبح مرفوضة، إما بحكم التطور أو التبدلات السياسية.. إلخ. ومن الطبيعي أن العراق لا يغرد خارج السرب، كما يقولون، ولديه مناسبات عالمية مقتبسة، حاله حال الآخرين، مثلما لديه مناسبات محلية. و.. وعلى العموم فقد أخذ بعضها اسم (عيد)، فيما انضوى البعض الآخر تحت اسم (يوم)، على وفق طبيعة او نوع المناسبة، دينية / وطنية/ سياسية / اجتماعية.. إلخ. لكن الشيء الوحيد الذي انفرد به العراق هو العدد الكبير من مناسباته وأعياده وأيامه، ليس فقط بسبب التنوع الجميل في تركيبته الدينية والمذهبية والقومية، وإنما كذلك لأن سياسة بعض زعمائه لعبت دوراً واضحاً في هذه الزيادة، ففي ظل النظام السابق مثلاً – وهو اقرب الأمثلة – ابتدع رئيس النظام جملة من المناسبات المحلية جداً، تتعلق بعيد ميلاده أو يوم انتخابه.. إلخ!
أمام ذاكرتي الآن قائمة طويلة من المناسبات، سأكتفي بالإشارة إلى أسمائها من دون التطرق إلى دلالاتها وتفاصيلها بالنظر لصعوبة المهمة. ومع ذلك أقول بثقة عالية إن ما فاتني من أيام ومناسبات وأعياد أكثر بكثير مما استحضرته الذاكرة، فهناك : الفطر والأضحى والسنة الهجرية والمولد النبوي والإسراء والمعراج و.. ومئات المناسبات التي تتعلق بولادة أو وفاة أو استشهاد (الرموز الدينية، أو الوطنية، أو العلمية، أو الثقافية ..الخ). وهناك 14 تموز / 17 تموز / 30 تموز / 7 نيسان / 9 نيسان.. إلخ. وهناك النخوة والبيعة والنصر العظيم والعودة واللقاء، وهناك أعياد الشجرة (النوروز)، والمرأة، والعمال، والأم، والطفل، والطالب، والمعلم، والجيش، والعلم، والشهيد، والرجل، والشرطة، والحب.. إلخ، وبمقدور النساء الكريمات والرجال الذين هم أكرم منا جميعاً تهيئة أقلام وأوراق، لكي يستحضروا ويستذكروا أضعاف ما أتيتُ على ذكره. لكنني أتحدى الحكومة والبرلمان، والعراقيين جميعاً، إذا استطاعوا العثور على المناسبة الأهم في واقع العراق الحديث والمعاصر .. وهي يوم الفقير .. أو عيد الفقراء!!