مهمة المثقف

كاظم حسوني/

ربما هذا التساؤل يدور في خلد كل منا، ففي ظل المتغيرات والحروب التي عصفت بالحياة العراقية وطالت شتى المجالات، كان المثقف وما زال يعيش أوضاعاً صعبة ومضطربة ولم يأخذ دوره المرجو والمنتظر منه، برغم توفر أجواء الانفتاح ووجود هامش الحرية، اذ وجد نفسه يواجه اقصاء متعمدا كما في السابق، من قبل الأوساط المتنفذة، ففي الوقت الذي نعلم فيه جميعاً أنه لا يمكن بناء مجتمع متحضر ودولة حديثة تنعم برحاب الحرية، من دون المساهمة الفاعلة للمثقفين، كونهم الفئة الأكثر قدرة على قراءة الأحداث واستجلاء خفاياها وسبر أغوار الواقع وفهم حركته وتحولاته، نجد المثقف يلاقي التجاهل والاهمال والحيف من لدن أكثر القوى السياسية في مسعى منها لابعاده خارج اطار مهمة رسم خارطة الوطن وأعمال البناء والتحول، للحيلولة دون ممارسة دوره الطبيعي واجهاض فاعليته وعزله من جديد ليبقى كما هو شأنه في السابق ضحية أهواء السياسة وتقلباتها لأنه ببساطة (اي المثقف) كائن مسالم وشفاف درج على الدوام النأي بنفسه عن الانزلاق الى أحابيل السياسة ومماحكاتها الدامية، ولا يجيد سوى انتاج الكلمة والفن والتطلع لحياة خالية من العنف، إلا أن تفاؤله ورؤاه للمرحلة الراهنة احبطتا أيضاً، ففي ظل التجاذبات وأجواء التوتر ولعبة التوازنات، لم يعد للمثقفين اي دور يذكر على أرض الواقع، ولم يكن لهم ثقلا أو خطراً على الجهات والقوى الحاكمة، وازاء مثل هذه المعضلة الشائكة يبدو أنه لم يعد أمام المثقفين سوى بذل كل الممكنات لاقامة مشروعهم الثقافي وطرح رؤاهم واطلاق خطابهم بشأن مختلف القضايا والمخاطر التي تحيق بالوطن، الى جانب اعلان مطالبتهم بحقوقهم من الأوساط الحكومية، والأطراف التشريعية، بعد لم الشتات وتكوين جبهة واحدة تضم مختلف التنوعات والتوجهات، وتهيئة الامكانات للتعامل مع الأحداث بمسؤولية بغية رسم الطريق لافق المرحلة الجديدة واستشراف ماهو أبعد، كيما تمارس الثقافة دورها الحقيقي.