نرجس .. ترسم

#خليك_بالبيت

جمعة اللامي /

“ويصل التصوير العربي إلى الذروة في المحاولات المختلفة
والمتصلة التي ظهرت في منمنمات المقامات التي أٌنجزت ببغداد”
(ثروت عكاشة ــ مقامات الحريري)

نرجس سعيد، طفلة باكستانية تقطن أسرتها بإمارة الشارقة، تعودت منذ كان عمرها ثماني (8) سنوات، الجلوس عند ظل عمارتنا السكنية، لترسم ما تشاء، كما أخبرتني من دون أن ترفع عينيها نحوي.
ــ ” نرجس، أنظري اليَّ، فأنا من قوم الواسطي”.
ازدادت الطفلة حياءً على حيائها المستدام، لا سيما بعد أن التمّ حولنا أطفال بعمرها، فلم أجد بُدّاً من التحدث إلى مُعلمتها التي أخذت تنصت إليَّ باهتمام. قلت: يقول الدكتور ثروت عكاشة في كتابه: ” فن الواسطي – من خلال مقامات الحريري” في صفحته (17) السابعة عشرة ما يلي: ظفرت المخطوطة المحفوظة بدار الكتب القديمة بباريس تحت رقم 2847 التي سمّيت باسم مقتنيها الأول “شيفر” بشهرة أوسع من غيرها، وكان الأحرى أن تسمّى باسم مصوّرها الواسطي. وقد نُشِرَ عدد من منمنماتها التي أنتزعت من المخطوطة وعُرضت فرادى في معرض خاص عام 1938″.
يضيف الدكتور عكاشة: “ويرجع تاريخ نسخ هذه المخطوطة التي أخترنا لعرض صورها – إلى الثالث من شهر مايو (أيار) عام 1247 ميلادية (934 هـ)، وتبلغ صور منمنماتها (100) مائة منمنمة ملوّنة، قلّة منها صوّرت على صفحتين متقابلتين، وذلك في مئة وسبع وستين ( 167) ورقة، طول كل ورقة سبعة وثلاثون (37) سنتمتراً، وعرض كل ورقة ثمانية وعشرون ( 28) سنتمتراً”.
ويخلص الدكتور ثروت عكاشة إلى “إنّ ناسخ هذه المخطوطة ومنشئ صورها هو : يحيى بن محمود، الذي اشتهر بلقب “الواسطي”، نسبة إلى مدينة “واسط” التي كانت موطنه في جنوب العراق . ويكاد يكون “الواسطي” الفنان الأوحد الذي انتهى إلينا اسمه، مُكلّلاً عملاً متكاملاً من بين المخطوطات المصورة لمدرسة بغداد”.
و”مدرسة بغداد” هي التعبير التشكيلي عن “الواسطي”.
نرجس سعيد “الرسامة الصغيرة، لا تعرف جدّها الفني . لكنّها ترسم بحرية، أشكالاً فطريّة، تماماً كما تفعل زميلتها “بشاير” ذات السنوات العشر أيضاً.
وسيأتي يوم تتعرف فيه العراقيات إلى “جدّهنَّ الفني” يحيى بن محمود الواسطي، قبل الأطفال في باكستان وغيرها .