عبد الحليم الرهيمي/
تبث فضائية الحرة – عراق ما بين الأخبار والبرامج ولأكثر من مرة في اليوم الواحد، مقطع فيديو قصيرا لرجل كهل بسيط يعتمر (العرقجين) ويبدو عليه أن حالته الاجتماعية والثقافية دون الحالة المتوسطة. يقول هذا الرجل وبحرقه مريرة: (نريد ناس تفتهم .. نريد ناس تصلح ) بهذه الكلمات القصيرة، الصريحة والمعبرة رد هذا الرجل على سؤال وجهه اليه – كما يبدو – مراسل القناة طالباً رأيه بالأوضاع العامة وبالطبقة السياسية المتنفذة والعاجزة عن اصلاح تلك الأوضاع، ويبدو واضحاً ان رأي هذا الرجل الذي أطلقه بعفوية تتسم بالحرقة والمرارة أنما يعبر عن رأي وضمير ملايين العراقيين الذين تطحنهم الأزمات المعيشية والأمنية والاجتماعية والتي عبر عنها قطاع واسع منهم بالتظاهرات الشعبية المطلبية واسعة النطاق لنحو عام ونصف العام والتي يذهب البعض لأعتبار انطلاقتها الحقيقية منذ شباط 2011.
لقد عبر هذا الرجل الكهل بأختصار شديد ومكثف ليس فقط عن أزمته الخاصة كمواطن مفجوع ومتألم لما يجري ولما يرى، انما عبر أيضاً، وأساساً، عن أزمة النظام السياسي وأزمة الطبقة السياسية المتحكمة بمصير العراق والعراقيين، بدءاً من المؤسسات العليا للدولة وصولاً الى مجالس المحافظات حيث يعتقد هذا الرجل الكهل ببصيرة ثاقبة، ان معظم اعضاء هذا الطبقة لا تفهم ما يريده الناس وما يريده العراق من خطط وإنجازات للبناء والأعمار وتوفير الأمن والخدمات والصحة وفرص العمل للعاطلين والخريجين حيث صرفت، بل نهبت، المليارات من الدولارات دون تحقيق تلك المطالب، ولكي يفسر عجز وفساد معظم عناصر تلك الطبقة بمصداقية كبيرة يربط عدم الفهم بعدم القدرة على الاصلاح، لذلك يؤكد هذا الرجل الكهل، الواعي بالفطرة تجربته في الحياة بالقول: نريد ناس تفتهم.. نريد ناس تصلح، وهي اشارة واضحة اننا نفتقر الى مثل هؤلاء الناس ضمن الطبقة المتنفذة. وبالطبع، يمكن ان نضيف لما قاله الرجل بصراحة، أو ضمن رأيه بالتأكيد، ان الناس الذين تمنى ان تفتهم وتصلح هم اناس يتمتعون بالنزاهة والاخلاص والأهلية.. انها امنيات تتطلب الكثير من العمل والأمل كي تصبح حقيقة نشهدها في الواقع.