يوسف المحمداوي /
عانت أغلب الدول أثناء الحروب أو الانقلابات من العديد من الظواهر السلبية التي تفرض عليها، بعضها من حوّلت تلك السلبيات إلى إيجابيات خدمت هذه البلاد أو تلك، والبعض الآخر من استسلم لتلك السلبيات وهي نتيجة حتمية للحكم الفاشل في تلك البلدان على العكس من الحكومات القوية التي استطاعات إنقاذ أوطانها من شبح الخيبات والانكسارات.
ما قادني إلى تلك المقدمة أنَّ الكثير من الدول استطاعت انتشال وضعها الاقتصادي من حالة الانهيار إلى الانتعاش، فعلى سبيل المثال حين تطوف بأسواق مصر وفي جميع محافظاتها لا تجد أيَّ بضاعة مستوردة لكونها تمنع الاستيراد الاجنبي بكل تفاصيله وتعتمد على المنتج المحلي والعديد من السلع المصرية تعج بها أسواقنا، وكذلك الحال ينطبق على أسواق سوريا المنهارة اقتصادياً ولا تجد أيَّ بضاعة مستوردة فيها، بل إنَّنا إحدى الدول المستوردة من سوريا على الرغم من الحرب الداخلية التي تعيشها!، أما نحن الذين كنّا في خمسينيات القرن الماضي نصدر لدول العالم أنواع السلع المصنوعة محليا فنستورد اليوم حتى الخضار من جيراننا لكون القائمين على البلاد ما بعد التغيير عملوا بالمبدأ الذي يقول: “لا يمكنني أن أعطيك وصفة للنجاح، لكنني أعرف وصفة الفشل وهي: محاولة إرضاء الجميع”، فالكثير من سياسيينا أصبحوا تجاراً وأصحاب نفوذ يتحكّمون بالاستيراد، ولابد من أن ترضيهم السلطة التنفيذية وتتحاشى التصادم معهم لكونهم مرتبطين بدول تنعم بأموال المستورد العراقي التي وصلت إلى عشرات المليارات من الدولارات، ولو رصد جزء منها لا جميعها لدعم الإنتاج الوطني لما وصلنا إلى هذه الحالة من الإفلاس، بحيث لا تستطيع الدولة أن توفر مرتبات الموظفين والمتقاعدين وشحة شبه دائمية في مفردات البطاقة التموينية.
مقترحنا أن تبادر الحكومة بمنع الاستيراد لمدة عامين فقط لا أكثر باستثناء الدواء والغذاء، وتخصيص أموال الاستيراد لتشغيل مصانعنا وما أكثرها التي كنّا نتباهى بمنتوجها الوطني، ودعم الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية المحلية، وبالتأكيد سنرى مواطناً منتعشاً اقتصادياً والبطالة المتفشية في المجتمع ستصبح في خبر كان، لأنَّه من غير المعقول هذا العراق الذي يعد من أغنى دول العالم نفطياً وزراعياً وسياحة دينية يترنح اليوم في ميدان الإفلاس، نعم إنَّ الأمر فيه معوقات لكن تجارب العديد من الشعوب أتت بثمارها ونجحت في النهوض من جديد، وكما قال القائد الفرنسي نابليون نقول لحكومتنا: “من قال لا أقدر قلت له: حاول، ومن قال لا أعرف قلت له: تعلّم، ومن قال مستحيل قلت له: جرّب”.