حسن العاني /
يزعمُ أنصار الأعشاب الطبية، أنّ هذه الأعشاب تُعدّ العلاج الوحيد الذي لا يترك آثاراً جانبية على الجسم، ويؤكدون بحماسة عالية، أن الميزة الرئيسة لهذا العلاج، هي خلوّه تماماً من أية مركبات كيمياوية، بخلاف النسبة العظمى من الأدوية المطروحة في الصيدليات، فإنها لا تخلو من تأثيرات عرضية، بما في ذلك أقراص وجع الرأس التي يتناولها العراقيون بدون حساب وكأنها فستق عبيد أو حب عين الشمس!!
لم تكن الأعشاب الطبية متداولة في العراق إلا بحدود ضيقة، ولكنها سرعان ما تحولت الى ظاهرة بعد الحصار، حتى أصبحت دكاكين العشابين أكثر من الصيدليات، ومن المفيد التذكير هنا بنصيحة الأطباء التي تذهب الى عدم تعاطي أي دواء حتى لو كان “لصقة جونسون”، أو كان أقراص فيتامينات إلا بعد الاستشارة الطبية، لأن كثيراً من الأدوية التي يستعملها المواطن لأنها “شائعة” في معالجة آلام المفاصل مثلاً أو إحمرار العين.. الخ يمكن أن تكون لها أعراض جانبية قد تؤدي أحياناً إلى تكسر الخلايا أو العمى أو هشاشة العظام، ولذلك يبقى الطبيب ووصفته وإشرافه الضمان الوحيد لصحة المواطن وسلامته..
كثيرون منا يقعون في الخطأ عندما يتوهمون أن الأعشاب الطبية إن لم تنفع فهي لا تضر لكونها خالية من المركبات الكيمياوية، وهذا كلام غير دقيق، لأن بعض الأنواع لها تأثيرات بالغة السوء، من دون دراية علمية بمكوناتها وكيفية استعمالها، والأسوأ من هذا إن عدداً كبيراً من العشابين ليس بالدراية الكافية ولا العلمية، واتخذ من هذا العمل بوابة للرزق ولقمة العيش.. آخذين بالحسبان إنّ العشّاب ألغى من قاموسه السونار والمفراس والأشعة والمختبر!!
على المستوى الشخصي، أعترف -وعلى قناعة- بأنني مؤمن بجدوى (بعض) الأعشاب الطبية وفائدتها التي تُغني عن المستشفيات وعيادات الأطباء، كأوراق الخروع والحِلبة وشحمة الرمان والحبّة السوداء والدارسين وغيرها.. ولعل عجائزنا وجداتنا يعرفن طرق استعمالها وفوائدها العلاجية عن طريق التجربة والخبرة الموروثة، وأعتقد في هذا المجال أن النبتة أو العشبة الأكثر شهرة، والمعروفة باسم (الورد الماوي) أو (ورد لسان الثور) هي أفضل نموذج، وطريقة إعداد هذا (الورد) لا تختلف في شيء عن طريقة إعداد الشاي!!
لعل أهمية هذا العشب هو الذي دفعني الى التركيز عليه من باب تقديم الخدمة للناس طلباً للثواب والدعاء لي بالستر، بعد أن ثبُتَ لدي بالتجربة الأكيدة والدليل القاطع، إن الورد الماوي شراب مضمون لمعالجة المواقف (الصعبة والمفاجئة) التي يتعرض لها الإنسان، وقد يصاب على إثرها بمرض السكر أو الجلطة أو السكتة أو فقدان النطق.. الخ، أما أقل الأضرار التي تحدثها المواقف المفاجئة فهي (الطفح الجلدي)، ومن هنا فأن الوصف الشائع لهذا النبات بأنه (علاج سريع الشوطة)، والشوطة هي ردُّ فعلٍ لأعلى درجات الانفعال المباغت، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر، أن يصدر أمر إداري بتعيين شاب لم يكمل المرحلة الاعدادية بدرجة مدير عام فلا يحتمل الفرحة، أو تكتشف سيدة أحلى من آلاء حسين وأكثر أناقة من هند كامل، ومخلصة لزوجها وموظفة محترمة بشهادة جامعية، وربة بيت نادرة، وأم لثلاثة أبناء.. إن زوجها قد اقترن بواحدة غيرها في السر فلا تحتمل الصدمة.. الخ.
والدتي أعطاها الله العمر والعافية -وهي من أشد المؤمنين بمفعول الورد الماوي- مواطنة صالحة، وقلبها على العراق.. كانت وما زالتْ تناشدني أن أدعو السادة أولياء أمورنا والنواب إلى الإكثار من شرب ورد لسان الثور، لاسيما عند ظهورهم على الفضائيات لكي يمتص غضبهم ويجنبهم “الشوطة”.. على الرغم من أنني أخبرتها عشرين مرة، أن مشكلة الكرسي لن ينفع معها شيء.. حتى لو شربوا الثور نفسه!!