يوسف المحمداوي /
للسيدة زينب (ع) من خطبة قالتها في وجه الطاغية يزيد لعنة الله عليه، وكانت كلماتها عبارة عن نبوءة رسمت فيها مصير ذلك الحاكم غير الشرعي للأمة الإسلامية، وكذلك بينت فيها أن البقاء للحق والعدل ومصير الطغيان إلى زوال ولو بعد حين، تقول في خطبتها بقصر ذلك الزنديق: “فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا” إنها رسالة نبوءة صادقة وكيف لا وجدّها الصادق الأمين وأبوها سيد البلغاء وكانت مقولتها عبارة عن تهديد واضح لعرش ذلك الفاسق الملعون.
صدقتِ يا مولاتي، لم يستطع ذلك الطاغية أن يمحو ذكركم ولم ولن يدرك أمدكم، فأين قبر ذلك المهووس بالمجون. إنه في دمشق عبارة عن مكب للقاذورات، وهذا مرقد أبي الأحرار الإمام الحسين (ع) تفوح منه عطور الجنة ويقصده العالم الإسلامي من جميع بقاع العالم ليرفعوا أكف الدعاء من تحت قبته الذهبية إلى الباري عز وجل لمكانته كسبط لرسوله الأعظم (ص) ليصل حجيج مرقده إلى أضعاف عدد الحجاج الذاهبين إلى مكة لأداء فريضة الحج، لتصدق نبوءتك “فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا” لتبقى تلك الثورة وثائرها الحسين (ع) مشعلاً للثائرين من أجل العدالة والحرية ونصرة الحق على الباطل في جميع دول العالم المسلمة وغير المسلمة، لكونها الثورة الوحيدة في الكون التي انتصر فيها الدم على السيف، وهي الثورة التي يجود قائدها منذ مئات الأعوام ولأربعين يوماً على زائريه في كل عام بأشهى موائد الرحمن، ليصبح كريم أهل البيت (ع) في استشهاده مثل ما كان الإمام الحسن (ع) كريمهم في حياته، ولا أغالي إن قلت إن الحسين (ع) هو أثرى رجل في العالم، فهو ثروة فكر ووجود، وكرم قدور عزائه لا يجاريه كرم في هذه الدنيا.
وهنا أتذكر عند ذهابي العام الماضي إلى مسقط رأسي مدينة العمارة في أربعينية الإمام الحسين (ع) وجدت المسيحي والصابئي يتسابقون مع المسلمين في توزيع الطعام بين الزائرين المتوجهين نحو كربلاء المقدسة سيراً على الأقدام، بل وجدت في مرقد النبي العزير (ع) لافتة كبيرة كتب عليها “موكب عزاء النبي العزير(ع)” وهناك رددت مع نفسي ما كتبته منذ أعوام: “يا خريطة تحدد الحب يا حسين/ وما لكينه أرض التكفيلك وطن/ من محبتك عين تحسد دمع عين/ ويحسد الزارك حمامات الصحن”.