ضرغام محمد علي/
شكلت أزمة الدولار الناتجة عن تضخّم سعر الصرف وتذبذبه بشكل قوي وتردد التاجر العراقي في استيراد البضائع بسعر صرف متأرجح الى زيادة التضخم الناتج عن ارتفاع الأسعار والانكماش الناتج عن شحة نسبية في البضائع ذات التداول المستمر، ما أدى الى ظاهرة تسمّى بالانكماش، ناتجة عن بطء دورة رأس المال في السوق وضعف حركة البيع والشراء، الا أن ما يرافق ظاهرة الانكماش تضخم سعري لا يتناسب مع سعر الصرف المعتمد في الحوالات التجارية الرسمية.
خلية عمل وحلول وقتية
البنك المركزي ووزارة المالية شكلا خلية عمل مستمرة ترفع توصياتها بشكل مستمر للحكومة لاتخاذ إجراءات تساعد على كبح جماح الارتفاع غير المبرر في سعر الصرف الذي خلق سوقا موازية، الا أن المنتفعين من ارتفاع سعر الصرف من مصارف وشركات صيرفة مشاركة في المزاد لا تزال تعمل وبقوة على خلق سوق موازية تزيد من أرباحهم من فرق السعرين على حساب سلامة الاقتصاد العراقي والسوق المحلية محققين أرباحا غير مشروعة بأرقام كبيرة جدا على حساب سلامة التداول وإضعاف إمكانية تعافي السوق المحلية من آثار الارتفاع والتأرجح غير المنطقية في سعر الصرف.
حلول غير واقعية
اعتمد البنك المركزي توصيات عدة منها مباشرة وأخرى غير مباشرة، منها منع تداول الدولار في عمليات بيع وشراء السلع في نوع من محاربة ظاهرة الدولرة إضافة لمحاولات تقوية العملة المحلية عبر اعتمادها في التعاملات الحكومية مثل حجز تذاكر الطيران وتسديد الاقساط المستحقة للشراء التي كانت بسعر مقدّر بالدولار من وزارات الدولة ودوائرها، الا أن هذا القرار واجه مشاكل عدة، منها عدم توفر الدولار للمؤسسات التي اضطرت للتعامل بالدينار من مؤسسات حكومية وقطاع خاص أدى الى اضطرارها للشراء من السوق الموازية مما يؤدي الى ارتفاع كلفة الخدمة مقدّرة بالدينار عنها في الدولار ما خلق خسائر مركبة على المستفيدين منها وضعف الإقبال على هذه المشتريات او الخدمات بسبب ارتفاع كلفتها بالدينار، وهو ما ساعد على الانكماش في التعاملات التجارية اليومية في العديد من الانشطة مثل تجارة الاجهزة الكهربائية والهواتف الجوالة والسيارات، لا سيما المباعة بالتقسيط، التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق وتضخما مركّبا أدى الى تراجع قدرة المستفيد من العجلات الخدمية والاجرة والانتاجية من الاستفادة وخلق فرص عمل وقتية تقلّل الضغط على سوق العمل وتخفيض الضرر المباشر على حياة الفئات الاقل دخلا.
حلول مقترحة
لا يزال خبراء الاقتصاد والمال يحملون المصارف والشركات المشاركة في مزاد العملة مسؤولية الفرق بين السعر الرسمي والموازي كونها الحلقة الوسيطة بين الدولة والمواطن والفعاليات الاقتصادية وكلما زادت الفروقات السعرية كلما زادت أرباحها غير المشروعة وازداد الضغط على السوق وهو ما طرح حلّ طرح الدولار بدون وسطاء عبر أجهزة الصرف الآلي وبكميات محدّدة شهريا للموطّنة رواتبهم من موظفين ومتقاعدين إضافة لإمكانية السحب للمستفيدين من تجار التجزئة بكميات محددة شهريا، لكنها ستكسر احتكار المصارف وشركات الصيرفة المهيمنة على مزاد العملة وتطرح دولاراً بكميات محددة في السوق بالسعر الرسمي وتساعد على بقاء دورة رأس المال للعملة الاجنبية داخل البلاد وتشجّع أيضا على تمويل الفعاليات السياحية والعلاجية للمواطنين بشكل سليم ومباشر.
أزمات مشابهة
لعل العراق ليس الدولة الوحيدة التي تواجه مشاكل مع الدولار؛ فدول كلبنان ومصر من التي تعوّم عملتها الوطنية تعاني من تضخم كبير وارتفاع سعر الصرف ما يعني أن هذه الظاهرة هي ظاهرة ترتبط بالاقتصاديات الدولارية بشكل عام بسبب تذبذب الاداء الاقتصادي الدولاري وسياسات الفيدرالي الامريكي المقيدة للتداولات الدولارية حول العالم والتوسع غير المدروس بنظام العقوبات الذي قيّد حركة الدولار التجارية ما حدا بدول مهمة حول العالم مثل المانيا وفرنسا اللتين تشكلان رقما مهما في الاقتصاد الاوروبي الى البحث عن بديل للدولار كعملة أساسية في التعامل التجاري ما يهدد مركز الدولار عالميا كعملة قياس في التداول التجاري العالمي.