ضرغام محمد علي/
تشكّل التكاملية الصناعية الزراعية عنصراً تنموياً مهماً؛ فهي من جهة توفّر المواد الخام للصناعة وتعدّ بدورها سوقا مهمة لتصريف المنتجات الزراعية ومشجعاً أساسياً على استمرار ودعم الزراعة، إذ تعتمد بلدان عديدة في اقتصاداتها على الصادرات الزراعية ومنتجاتها المصنعة سواء كانت صناعة تعبئة او صناعة تكميلية للزراعة.
الصناعات النسيجية
الصناعات النسيجية تعتمد على خامات طبيعية وأخرى مصنّعة الا أن الطلب السوقي المرتفع يكون على المنتجات النسيجية التي تستخدم الانسجة الطبيعية كالقطن والكتان والصوف بنسب مطلقة او بنسب مرتفعة لما تشكله خاماتها من عنصر صحي يلائم الصحة العامة ولا تنتج منتجات ملوّثة للبيئة في انتهاء عمرها الافتراضي، وكذلك فإنّ عمر الاستخدام يكون أطول وتكون مقاومة للبكتريا.
وتعد الدول المنتجة للقطن والخامات القطنية دولاً صناعية منافسة في قطاع الصناعات النسيجية ويكون جزء من اقتصادياتها قائماً بشكل أساسي على تصدير المنتجات القطنية بشكلها الخام او المصنّع، وتعد مصر في طليعة الدول المنتجة للقطن الصناعي النسيجي في الوطن العربي وتعدّ الصناعات القطنية من السلع المهمة في التصدير لديها في ميزانها التجاري، وكان العراق من البلدان المهمة في الصناعات القطنية والنسيجية في النصفين الاول والثاني من القرن الماضي الا أنّ سياسة تجزئة الاراضي الزراعية لكبار المستثمرين وتوزيعها بين صغار المزارعين بعد نهاية العهد الملكي أفقد القطاع الزراعي القدرة على توجيه موارده بشكل مكثّف نحو بوصلة زراعية ستراتيجية وشتّت جهود كبار المستثمرين في القطاع الزراعي تجاه إنتاجية مختلفة وبجودة أقل.
محاصيل الصناعات الغذائية
تعتمد الصناعات الغذائية بشكل أساسي على المنتجات الزراعية الخام، فصناعة السكر تعتمد على قصب السكر والبنجر السكري اللذين كانا يزرعان بمحافظة ميسان وكذلك فإنّ صناعة الورق تعتمد على محاصيل القصب والبردي في الاهوار لاستخلاص ألياف السيليلوز وتحويلها الى منتجات ورقية وصناعة الكارتون.
التراجع الصناعي الزراعي
أدى تراجع القطاع الصناعي والاعتماد على المنتج المستورد الى تراجع الطلب على الخامات الزراعية الداخلة في الصناعة، ما أفقد قدرتها التنافسية مع محاصيل أخرى أكثر طلبا في الاسواق والى تراجع القطاع الزراعي عموما، ولاسيما مع دخول العراق في موجات جفاف كبيرة أفقدت الرقعة الزراعية في العراق ملايين الدونمات لصالح التملح والجفاف مع تراجع الحافز على الزراعة بسبب منافسة المنتج المستورد.
الدعم الحكومي
تحتاج الزراعة العراقية الى دعم حكومي مجدّد عبر مبادرة زراعية مطورة تستهدف قطاع الزراعة بصنفيه النباتي والحيواني إضافة للقطاع أن الصناعي، ولا سيما الصناعات الزراعية تتمثل بالإقراض الميسّر لشراء معدات الري المقنن وتقنيات الزراعة والحصاد إضافة الى دعم الصناعات التكميلية للقطاع الزراعية وتسهيل استيراد الخطوط الإنتاجية الحديثة بإعفاءات ضريبية وكمركية واسعة.
الإنتاج الحيواني
يشكل قطاع الإنتاج الحيواني جزءاً مهماً من التكامل الزراعي الصناعي إذ ترتبط صناعات الالبان والصناعات الجلدية واللحوم الحمراء والبيضاء ومنتجاتها الصناعية بالإنتاج الحيواني وتراجع الإنتاج الحيواني جاء لعدة أسباب:
التربية المكلفة
يشكل ارتفاع قيمة المحاصيل العلفية وغياب محطات التربية المكثفة وتراجع كفاءة إنتاجية القطعان المحلية من الاغنام والابقار والماعز وبطء دورة رأس المال الى تراجع الإنتاج الحيواني في قطاعي الابقار والاغنام والاعتماد على الرعي التقليدي وبأعداد غير اقتصادية وهو ما أدى الى تراجع إنتاجية العراق في قطاع اللحوم بشكل كبير إضافة الى تراجع الصناعات الجلدية والصناعات الصوفية المحلية بشكل كبير، وهنا تظهر الحاجة الى إعادة العمل بالتربية المكثفة عبر إنشاء محطات تربية الماشية والاغنام بطرق علمية وربطها بمنظومات طاقة متجددة تعتمد على الطاقة الشمسية، اما بتنفيذ حكومي مباشر او عبر استثمار ميسّر معفى من الضرائب والرسوم وسماحات بأجور الكهرباء والماء بهدف تشجيع نشوء هذه المشاريع.
تربية الأسماك
لم يسلم قطاع تربية الاسماك هو الآخر رغم استمرارية الطلب عليه من آثار الجفاف إذ تراجعت أعداد احواض التربية السمكية وتربية الأقفاص النهرية بسبب تراجع كميات المياه وتردي نوعيتها، الأمر الذي أدى الى ارتفاع كلف التربية وارتفاع أسعارها في الأسواق وهو ما يحتاج الى تأسيس جمعيات ترعى مربي الاسماك تدعم حكوميا لدراسة آلية إعادة الجودة لهذا الإنتاج المهم للحوم البيضاء.
قطاع الدواجن
أيضا تربية الدواجن تعاني بسبب المنافسة القوية من منتجات الدواجن المستوردة التي ما زالت تهيمن على الاسواق مقابل قلة الطلب على المنتج المحلي رغم جودته وأنّه صحي وخاضع للرقابة البيطرية الا أن ضعف قدرة التصنيع للمنتجات وضعف آليات التسويق جعل الدواجن العراقية تأتي في الترتيب الثالث او الرابع ضمن مبيعات منتجات الدواجن محليا.