الدفع الإلكتروني في العراق.. ثورة مالية ينقصها الـ (POS) !

علي كريم إذهيب/
باتت عملية الدفع الإلكتروني مهمة جداً لأية جهة، سواء كانت قطاعاً عاماً، أو خاصاً، أو على مستوى التجارة المحلية كأفراد أو مجتمعات، للتجارة على الإنترنت أو سحب الرواتب أو غيرها من العمليات المالية، لأنها إحدى ستراتيجيات البيع المتبعة على نطاق واسع في العالم حالياً.
مع دعم الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني للشمول المالي والرقمنة المالية، اتجهت المتاجر والشركات إلى تضمين الدفع الإلكتروني كستراتيجية أساسية من ستراتيجيات البيع.
الحد من الفساد
لقد أسهمت ثورة الدفع الإلكتروني، وبشكل كبير، في حماية المال العام والحدّ من الفساد، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من سياسة الإصلاح الاقتصادي في العراق، وفق مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية الدكتور مظهر محمد صالح، الذي تحدث لـ “الشبكة العراقية” قائلاً إن “السياسة المالية الحكومية حالياً أسهمت بشكل كبير في الانتقال الكبير داخل العراق في مجال تطور المدفوعات الرقمية في عصر المعلوماتية الراهن وإسهاماته في تعزيز الاستقرار المالي في البلاد.”
أضاف صالح: “تعد التطورات الرقمية واحدة من البنى التحتية المهمة في حماية الاقتصاد الوطني من الاهتزازات الخارجية، وضمان التوفير في النظام المالي، بما في ذلك المصارف والمؤسسات المالية وعموم السوقين المالي والمصرفي في العراق. البرنامج الحكومي أكد أهمية الحوكمة الإلكترونية وعدها جزءاً لا يتجزأ من سياسة الإصلاح الاقتصادي وعلى نحو الشفافية المالية والإدارية، إذ إن الطفرة الكبيرة في أنظمة المدفوعات الإلكترونية التي يشهدها العراق والتحول الاقتصادي قائمة على النقد ومخاطره.”
عوامل النجاح
يعد تأسيس المصارف الرقمية من أهم عوامل نجاح ثورة الدفع الإلكتروني، إذ ارتفعت أعدادها منذ انطلاق هذه الثورة، فوصل التقديم لغاية الوقت (وفق ما صرح به محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق) إلى 70 مصرفاً رقمياً للبنك لطلب رخصة.
يقول العلاق لـ “الشبكة العراقية”: “نحن في البنك المركزي العراقي مع مواكبة التطورات والسير نحو التطور، وهناك تواصل مع جهات خارجية وداخلية عديدة، وهي على مستويين يعتمدان على القطاع المصرفي وقدرات البنك المركزي في مواكبة التطور والإسهام في وضع برامج وتطبيقات مختلفة.” مؤكداً أن “الكادر العراقي يمتاز بالقدرة على التكييف والتطور.”
وأشار العلاق أيضاً إلى أن “البنك المركزي العراقي لديه عقود مهمة مع شركات مختصة، ويختار الشركات العالمية لوضع البرامج وتطويرها، فضلاً عن التعاون الدولي، كما أن البنك المركزي لديه علاقات فاعلة مع البنوك الدولية والعالمية، إضافة الى شركات الدفع الإلكتروني، علاوة على علاقته مع البنوك المركزية، كما أن لديه حراكاً مستمراً في التعاون مع البنوك المهمة.”
إقبال متزايد
في غضون ذلك، أعلن رئيس رابطة المصارف الخاصة (وديع الحنظل) عن أعداد البطاقات المصرفية التي وصلت إلى 20 مليون بطاقة جرى إصدارها خلال العام 2023 الماضي. مشيراً إلى أن “الشمول المالي في العراق ارتفع بنسبة 48.5 خلال العام 2024 الحالي.”
وقال الحنظل في تصريح لـ “الشبكة العراقية” إن “عديد الحسابات المصرفية في 2020، بلغ 6 ملايين، وفي العام 2023 الماضي بلغ 13 مليون حساب.” فيما شدد على “ضرورة تضمين الشمول المالي في المناهج الدراسية، بدءاً من الصفوف الأولية، وصولاً إلى الجامعات لمعرفة تفاصيله وممارسته والاطلاع عليه، فضلاً عن التدريب المستمر للوصول إلى تطوير البنى التحتية.”
رواتب موظفي الإقليم
دفعت الأزمات الاقتصادية والسياسية المتتالية في إقليم كردستان موظفيه إلى الخروج في احتجاجات غاضبة، للمطالبة بنقل رواتبهم إلى وزارة المالية العراقية بسبب تأخر صرفها لأكثر من 50 يوماً، واستقطاع 21% منها ضمن (الخطوات الإصلاحية) التي أطلقتها حكومة الإقليم. وقد بدأت حكومة كردستان بتطبيق نظام ادخار الرواتب في شباط 2016 بنسب تراوحت بين 15% إلى 75%، ثم أجرت تعديلاً في 2018 على النظام لتصبح نسب الاستقطاع بين 10% إلى 30%، عندما كان رئيس كردستان العراق الحالي نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء حكومة الإقليم آنذاك.
فما علاقة إقليم كردستان ورواتب موظفيه بثورة الدفع الإلكتروني وكيف أسهمت في حلحلتها؟ يُجيب عن ذلك السؤال، الخبير الاقتصادي الدكتور (علي دعدوش) قائلاً: إن “تطبيق نظام الدفع الإلكتروني في إقليم كردستان فيما يتعلق برواتب موظفي الدولة العراقية سوف يسهم في تسهيل توزيع الرواتب بشكل شهري، كما يحدث في بقية محافظات العراق.”
وأضاف دعدوش في تصريح لـ “الشبكة العراقية” أن “تطبيق نظام الدفع الإلكتروني في الإقليم للرواتب والأجور يسهم بمعرفة الأعداد الحقيقية لموظفي الحكومة العراقية في كردستان، وكم تبلغ الإيرادات والنفقات، ليجري تثبيتها في قانون الموازنة الاتحادية، ويحد أيضاً من تلكؤ التوزيع الشهري بين فترة وأخرى.”
أجهزة الـ POS
ومع تسارع نمو ثورة الدفع الإلكتروني في العراق منذ العام 2021 ولغاية الآن، يشخص مصرفيون فقراً حاداً في انتشار أجهزة نظام البيع الـPOS داخل العراق، وهو أداة رقمية تساعد في محاسبة عمليات التجارة الإلكترونية المختلفة من مراقبة المبيعات إلى إدارة المخزون إلى الفواتير والتقارير، كما يعمل النظام كأداة تصوير العملاء ومراقبة بيانات العملاء والاحتفاظ بسجلاتهم من الأمور المهمة لدمج أداة البيع في مشروعك التجاري الواضح ويساعد على البيع أكثر.
يقول الخبير المصرفي الدكتور (نوار السعدي) لـ “الشبكة العراقية” إن “أجهزة الـ POS تحل الكثير من المشكلات اليومية التي تواجه الزبائن، منها الأموال القديمة غير الصالحة، فاستبدل طرقك القديمة بالدفع الإلكتروني الجديد”
يضيف السعدي: “هناك نقص كبير في أجهزة نقاط البيع (POS) في العراق، بالرغم من ثورة التحول الإلكتروني الجارية، لكن هذا يعود لأسباب عدة، أهمها ضعف الوعي المصرفي الرقمي بين التجار والمستهلكين العراقيين.”
وبحسب السعدي، فإن” العوامل الثقافية تلعب دوراً مهماً، فالكثير من التجار يفضلون التعامل النقدي نتيجة التردد في استخدام التكنولوجيا الحديثة، التي قد تُعد معقدة للبعض. وبالمثل، يفضل العديد من المستهلكين الدفع نقداً، ولاسيما في ظل نقص الثقة في الأنظمة الإلكترونية بسبب المخاوف من القرصنة أو فقدان البيانات.”
لكن بشكل عام، كما يرى السعدي، فإن “قطاع الدفع الإلكتروني يواجه تحديات متعلقة بالبنية التحتية التكنولوجية، إذ لا تزال العديد من المناطق تفتقر إلى الاتصال الكافي بالإنترنت، ما يعيق انتشار أجهزة الـPOS على نطاق واسع.”