آية منصور – تصوير: حسين طالب /
مبتهجاً بالحياة، ومحتفلاً، يقضي حياته بشغف البحث عن الهوايات والفن، الفن الذي لم يمنعه من مزاولة مهنة صعبة للغاية، بل كان معاونه الكفء، حتى جعله يجمع بين العسكرية التي تعد أقسى أنواع المهن في الأرض، والفن الحساس. الرائد والفنان فادي، لا فرق، فكلاهما، وحسب رؤيته، يضيفان للأرض والناس رونقاً واستمرارية.
يخبرنا الفنان التشكيلي فادي عماد أنه كان ومنذ صغره مولعاً بمصطلح العلاقات الدولية والسياسات الخارجية والبروتوكولات، ويتابع بصورة مستمرة وعن كثب الأخبار العالمية لتعلم هذه المفردات، في الوقت الذي كان يمسك بفرشاته ملوناً غرفته بمختلف البقع “السياسية” حسب قوله:”عشقت تجربة الحياة العسكرية، الشغف هذا دفعني للانخراط في هذا السلك، سلك شرطة المرور، ومن هواياتي العمل الإعلامي، الذي أحبه كثيراً، فانضممت إلى هذه المؤسسة العريقة من خلال العمل في قسم العلاقات والإعلام وحققت أول أحلامي في تمثيلي للدائرة كناطق رسمي، ومقدم للبرامج”.
على الجدران نرسم الحياة
عمله المنهك، في الشوارع والأزقة وبين السيارات، لم يمنع عماداً من استكمال حبه للفن أو حتى الأدب، الأمر الذي وهبه مهمة البحث لتطوير ذاته وجمع أكثر من شهادة أكاديمية ودراسات عدة.
يقول فادي :”الرسم بالنسبة لي تحقيق للذات، بدأ مشواري مذ كنت في الرابعة من عمري حين استهوتني لوحة سوريالية لملهمي التشكيلي العالمي سلفادور دالي والتي تسمى (الساعات المائعة)، لم أكن أفهم معنى الدلالات، إلا أني كنت أتمعن لساعات وأتساءل لماذا الساعات مائعة؟؟؟ حتى كانت أولى تجاربي التي رسمتها على باب غرفتي بقلم الباستيل”.
وبدأ اللون يستهوي فادي عماد، ويتغلغل في داخله، على الرغم من أن أوائل أعماله، وحسب قوله، كانت بسيطة حد الغرابة، رسمها وهو في عمر الخامسة، عن وجع مرَّ به في طفولته وهو الخوف من أزيز الرصاص وإيجاد ملجأ آمن من هول القصف في العام 1991 .
ويرى فادي: “أن اللوحة عبّرت عن صرخة طفل، وحوله مايدور من دماء وقتل وتلوث لبيئة الأطفال والخوف والهلع، ولاقت إعجاب عائلتي، ليس لأني رسمت هذه الفكرة، بل لكوني رسمتها مكتفياً بأصابعي فقط دون الاستعانة بالفرشاة”.
لوحات يتكرر فوزها
شارك الرائد فادي بلوحته هذه في معرض التلوث البيئي المشترك عام 1994 والذي ضم أكثر من 200 لوحة من محافظات العراق كافة واختيرت من أفضل العشرة الأوائل حينذاك. يضيف فادي :”أذكر جيداً حالة الاندهاش والاستغراب لدى جميع الحضور نظراً لصغر سني آنذاك وتكنيك اللوحة، ودخلنا في جدال حتى حسمتُ الأمر وطالبتهم بإحضار أداوت الرسم وأن اقوم برسم لوحات عديدة وبمواضيع مختلفه وأمامهم، هنا كان الرد الصاعق”.
يؤكد لنا بداياته بعد ذلك بتطوير الذات أكاديمياً من خلال القراءة أكثر عن الفن التشكيلي ومعرفة مدارس هذا الفن العريقة:”في مرحلة المتوسطة وعلى ما أذكر كانت أهم محطاتي الفنية، إذ لم يكن يخلو تجمع فني أو افتتاح معرض تشكيلي إلا وحضرته، وبدأت بالمشاركات الفعليه في النشاط المدرسي وشاركت في أعمال كثيرة، حزت خلالها الجائزة الأولى لثلاث سنوات متتالية، كما حزت الجائزة الأولى في معرض اليونسيف.
الكتابة عالم مرسوم بالحروف
أقام كذلك معرضاً تشيكيلياً عام 2012 عرض فيه لوحات عديدة، قام عماد برسمها، ويرى السيد فادي أن اللوحة قصيدة وجع يترجمها اللون، هذا ما جعله كذلك يولع بالكتابه، وتنظيم عدد من القصائد الشعر الفصيح نشر عدداً منها في الصحف والمجلات وكتب القصة القصيرة والنثر وآخر نشاطاته الاستعداد لإصدار رواية جديدة.
ويخبرنا الرائد فادي عماد: “أن مهنته ساعدته كثيراً في صقل مواهبه، وذلك من خلال النزول إلى الشارع ومعرفة الناس بصورة أعمق، كما أن الإعلام مكنه من إيجاد آفاق متنوعة، واختلاطي بالمجتمعات الثقافية والفنية وحتى الإعلامية، مكنني من إيجاد منافذ واسعة، كان أولها عمل (سبوتات) من تأليفي وإخراجي وتمثيل نخبة من الفنانين المبدعين الذين مازالوا يقدمون الدعم للمرور العامة”.
رواية في الطريق
ورغم انشغاله الدائم، وعدم توفر الوقت الكافي ، إلا أن الرائد فادي عماد يوشك أن يكمل اليوم روايته الأولى، وهي رواية واقعية، بوليسية، فنية، تماماً مثل شخصيته كما يقول: “روايتي الأولى التي هي في طور الاكتمال رواية حقيقية بوليسية الأحداث، أحياناً أكتب وأنا في ذروة العمل وأحياناً أتجه إلى اقصى الليل علّي أجد وقتاً مستقطعاً لإنجاز فصل ما”.
ويرى أن الهوايات بصورة عامة ولدت معه منذ أن فتح عينيه، إلا أنه بقي باحثاً لتطوير نفسه كما يروي: “أبحث لأطوِّر، الموهبة قد لا تأتي بالتعلم بل بالفطرة لكن يجب البحث لصقل تلك الموهبة، إلا أن أقرب تلك المواهب إلى نفسي الرسم الذي وجدت فيه تحقيق شخصية فادي”.