ضرغام محمد علي/
يمثل نظام النافذة الواحدة نظاما إداريا حديثا يحارب الروتين ويختزل الحلقات المتعددة ضمن سلة واحدة في الاجراءات تتبناها الدول لتذليل العقبات أمام المستفيدين وتحجيم الفساد وخنق دور الوسطاء غير الرسميين في إنجاز المعاملات ذات سلسلة المراجع الطويلة المتعددة الجهات.
بداية النافذة الواحدة في العراق
كانت بداية تطبيقات العراق في نظام النافذة الواحدة عبر قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 الذي نص على تبني هذا النظام في ترويج معاملات الرخص الاستثمارية لخلق بيئة مناسبة لجذب الاستثمارات في وقت كان يعيش العراق فيه ظروفا أمنية صعبة وأجواء طاردة للاستثمار ولم تكن النافذة الواحدة للهيئة الوطنية للاستثمار فاعلة بسبب عدم وجود صلاحيات حقيقية لممثلي الوزارات في هذه النافذة وظلت نافذة شكلية غير فعالة لم يستفد منها المستثمر وإنما كانت عليه مراجعة دوائر الدولة بنفسه او عبر وسطاء لتظل النافذة مجرد واجهة غير فعالة تضم ممثلين للوزارات غير مؤهلين لإدارة شؤونها.
أسباب الإخفاق السابق
إن من أهم أسباب إخفاق نظام النافذة الواحدة عدم قدرتها على تلبية حاجة المستثمرين من تخصيص الاراضي وإعطاء الرخص والإجازات اللازمة للبناء والاستيراد وإدخال العمالة الاجنبية والمواد الاولية للمشاريع الاستثمارية وإنما تحتاج لمراجعات الدوائر نفسها لتشكل بيئة طاردة للاستثمار واضطرار المستثمرين الى تفويض وسطاء او شركاء من داخل العراق ممن يملكون علاقات ونفوذا مع مؤسسات الدولة المختلفة لمتابعة الاجازات الاستثمارية وآليات تنفيذها وهو ما عقّد من مهمة الهيئة الوطنية للاستثمار في منح اجازات استثمارية ذات بعد تنموي وتنفيذ مشاريع صناعية او زراعية استثمارية ناجحة على مدى عقدين تقريبا الا باستثناءات بسيطة، السبب الرئيس في ذلك ضعف النافذة الواحدة وغياب دورها ما شكّل بيئة طاردة للاستثمارات الاجنبية.
نشر ثقافة النافذة الواحدة
تبنّت الحكومة الحالية آليات لتفعيل النافذة الواحدة وتعميمها على مؤسسات الدولة المختلفة ذات البعد الاقتصادي والخدمي بهدف تذليل الاجراءات أمام المواطن والفعاليات الاقتصادية والتنموية لتحقيق أقصى استفادة بأقل جهد، الا أن ثقافة النافذة الواحدة لا تزال جديدة رغم إدخالها ببوابة جديدة هي عبر المنصات الالكترونية وهو ما يقلل فرص الفساد عبر تقليل الاحتكاك المباشر بين المسؤول التنفيذي والمستفيد، سواء كان مواطنا او مستوردا او مستثمرا او موظفا الا ضمن أضيق الحدود وتختزل النافذة الواحدة مراجعات للدوائر ونفقات واستنزاف للموارد، إذ ستشكل الميكنة للاجراءات خطوة متقدمة في زيادة الشفافية وتنفيذاً سليماً للنافذة الواحدة وتحجيما للفساد الذي تجذّر عبر عقود في مختلف مفاصل الدولة لتأتي النافذة الواحدة الالكترونية كحل حقيقي لأغلب هذه المشاكل.
مستقبل النافذة الواحدة
يشكل نظام الحوكمة خطوة مكملة للنافذة الواحدة ومعاونا لها ويعد مستقبلا لقياس كفاءة الاداء الاداري الحكومي والقطاع الخاص وسيسهم في المستقبل القريب في تحسين صورة البلاد في مقاييس النزاهة والشفافية وهو ما سينعكس إيجابا على تقييم البلاد عالميا كوجهة استثمارية واعدة على مختلف الصعد.
الأمم المتحدة وتبني الحوكمة
لعل من أبرز توجهات الامم المتحدة في الفترة الاخيرة حث دول العالم على تبني الحوكمة والنافذة الواحدة في التجارة العالمية والتحكيم الاقتصادي الدولي لبناء مشتركات اقتصادية على أسس تخدم مصالح الدول وتحافظ على معايير الاستدامة البيئية والمناخية ضمن الانشطة التجارية وبشكل يحفز الانظمة المالية والمصرفية والاقتصادية على الالتزام بمعايير الشفافية ومحاربة الفساد وإيقاف التمويلات للانشطة غير المشروعة وغسل الاموال والالتزام بمعيار أخلاقي في الاداء الاقتصادي.
آليات إنجاح النافذة الواحدة
لن تكون مهمة تنفيذ النافذة الواحدة وتبنيها في المفاصل الاقتصادية سهلة وإنما ستشهد معرقلات من قبل الحلقات الفاسدة وأن الحكومة ستعمل بطاقة مضاعفة لتنفيذ رؤاها التطويرية لفعاليات الدولة الاقتصادية والخدمية تحت مظلة النافذة الواحدة التي لا تزال في بداياتها وبحاجة الى المزيد من نشر الثقافة المجتمعية الخاصة بها وتدريب كوادر إدارية وأكاديمية للنهوض بها لكي يتم إنجاحها على المستوى تنفيذا لجزء أساسي من البرنامج الحكومي تعتمد عليه أغلب المفردات الاخرى للبرنامج الحكومي المعلن.