حرب المياه مع دول المنبع قسمة غير عادلة وسدود خاوية

ضحى مجيد سعيد/

سعى العراق، كغيره من الدول، الى إنشاء المزيد من السدود النهرية في محاولة للحفاظ على الخزين المائي وتجنب إهداره، لكن سدوده بدأت تفقد أهميتها بسبب نقص الموارد المائية وشح الأمطار.
الطاقة التخزينيّة للسدود تأثرت أيضاً بقسمة غير عادلة للحصص المائية بين العراق ودول المنبع، في ظل قيام تركيا بإنشاء سدود كبيرة على نهري دجلة والفرات بالقرب من الحدود العراقية، فضلا عن خفض حصته من المياه عبر نهري دجلة والفرات.
ولتسليط الضوء على واقع السدود في إقليم كردستان العراق وتأثيرها في الحفاظ على الطاقة التخزينيّة لمياه نهري دجلة والفرات، التقت “الشبكة” مدير عام السدود في إقليم كردستان العراق عبد الرحمن خاني، ليشرح الواقع المائي في الإقليم ومناسيب الخزن في سدوده.
تأمين المياه
يؤكد خاني أن واقع السدود في إقلیم كردستان هو كبقیة السدود في العراق، فهناك تدنٍّ في الواردات المائية وتناقص مستمر في مناسيب المياه في الأنهار قبل الوصول إلی نهاية موسم خزن المياه، ولهذا فإن هناك فراغاً تخزينياً في سد دوكان يصل إلی 60% وفي سد دربندخان الى أكثر من 50%، علماً أن السدود التخزينية الكبيرة، مثل دوكان ودربندخان ودهوك، قد أنجزت في خمسينيات وثمانينيات القرن الماضي وماتزال مستمرة في الخدمة.
وأشار الى أن هناك خمسة عشر سداً صغير الحجم، اثنا عشر سداً منها أنجزت من قبل حكومة الإقليم والثلاثة الأخرى أنجزت من قبل الحكومة المركزية، وتعتمد هذه السدود علی سيول الوديان الموسمية ومياه الأمطار.
وبيّن أن الهدف من إنشائها هو توطين القرويين بمواقعهم في مواسم شح المياه، بالإضافة الى تأمين میاه الشرب والاستخدامات المنزلية وتغذية المياه الجوفية المتوزعة بين مناطق متفرقة في الإقليم، ولاسيما الاستوائية.
هدر واستنزاف للمياه
وعن قدرة الطاقة التخزينيّة والاستيعابية لتلك السدود الكبيرة، أوضح خاني أن طاقة الخزن بالنسبة للسدود الكبيرة مثل دوكان تصل الى = 6.8 ملیار/ م3 وسد دربندیخان الى = 2.6 ملیار/م3، وسد دهوك الى = 0.052 ملیار/م3 وأن بقیة السدود عند أعلى المناسيب التخزينية جميعها لا تزيد عن 40 ملیون/م3.
وعن أسباب شح المياه، ذكر أن هناك أسباباً عديدة، من بينها طبيعية كالتغيرات المناخية وقلة الأمطار والثلوج وارتفاع درجات الحرارة، وهناك أيضاً أسباب جيوسياسية، منها قيام دول المنبع تركيا وإیران وسوریا ببناء عدد من السدود التخزينية على نهري دجلة والفرات وبعض الأنهار الأخرى القادمة من إيران، ما أثر سلباً بشكل مباشر على حصة العراق المائية وعلى المجری الطبیعي للأنهار، كما هو الحال في نهري سیروان –دیالی والزاب الأسفل من قبل إيران، وهناك أسباب أخرى أيضاً، منها ما يعود الى زیادة الكثافة السكانية واحتياجات واستخدامات المياه في الزراعة والصناعة.
أزمات دول المنبع
وفي ما يتعلق بالخطط المقترحة والطرق التي يمكن من خلالها معالجة أزمة شح المياه، يشير خاني الى أن الحلول متعلقة بتنظيم الإدارة الداخلية للمیاه، والمحافظة على نوعیتها مع معالجة التلوث، بالإضافة الى استخدام أحدث التقنيات في تقنين المیاه وتجاوز الري المفتوح، والأهم هو حسم ملف المیاه مع دول المنبع والجوار عن طریق الحوار وإعطاء هذا الملف الأولوية في الحوار بين العراق ودول المنبع.
ولفت خاني الى أنه توجد فراغات خزنیة في السدود الكبيرة تصل إلی %90 كما في سد حمرین، ومع هذا فإننا مستمرون بإنشاء سدود صغيرة لأنها ضرورية جداً للمزارعين.
جدير بالذكر أن هناك خطة وضعت من قبل حكومة إقليم كردستان، تستند الى الواقع المائي الشحيح والدراسة الاستراتيجية للمياه، لأن الأراضي في العراق لها تأثيرها الإيجابي في السيطرة على الاستهلاكات المائية واستصلاح الأراضي.
أما عن كيفية مواجهة أزمة شح المياه في ظل بقاء المسببات والعوائق من دول المنبع، فقد شدد خان على أن هذه القضية توثر سلباً على الواقع السياسي، لأنه من غير المنصف أن تزرع دول المنبع محصول الشلب، وهناك دولة في المصب أنهارها جفت ومواطنوها يعانون العطش وقلة ورداءة مياه الشرب، خلافاً للقوانين والمواثيق والقواعد والأعراف الدولية التي تنص على توزيع عادل ومنصف للمياه.