شاب يحوّل مركبته إلى مشروع سياحي فريد

آية منصور /

حوّل يوسف محمد الفهد المهندس في الاتصالات ذو الثلاثين عاماً سيارته الرباعية الدفع الى مشروع سياحي قائم بذاته ونجح في الاستفادة من تجربته التي عاشها خارج العراق حيث عمل في شركة للسياحة والسفر تهدف الى التعريف بأماكن سياحية لا تصل اليها شركات السياحة في العادة.
نجح يوسف في تنظيم رحلات سياحية عدة لأماكن مختلفة في العراق لا تصلها الباصات أو السيارات الاعتيادية، وجاب بسيارته وبرفقة عدد محدود من السياح أماكن تميّزت بتنوعها الطبيعي حيث الهدوء والسحر الذي يجذب السواح، وحيث الأماكن التي يمارسون فيها هواياتهم الرياضية مثل السباحة والتسلق الجبلي أو ما يعرف بـ”الهايكنك والتجذيف بالقوارب” والتمتع بتجربة التخييم على قمم الجبال أو داخل الغابات.
السياح الأجانب
أطلق يوسف محمد الفهد مشروع “ادفينتشر” السياحي بسبب ولعه بالسياحة والمغامرات ويقول إنَّه عمل لمدة تسع سنوات كمهندس اتصالات في شركة آسيا سيل وزين العراق، وقد أتاح له هذا العمل زيارة العديد من المدن العراقية واستكشاف طبيعتها لا سيما أنَّه شغوف بالمغامرة وحب الاستكشاف، وهذه المعرفة ساعدته على إطلاق مشروعه الجديد.
يؤكد الفهد أن أهم الأهداف التي يسعى اليها مشروع “ادفينتشر” جذب السياح الأجانب الى العراق وتعريفهم بما في هذا البلد من أماكن تاريخية وطبيعية وأثرية فريدة ومتميزة، ولأجل هذا الهدف فهو يسعى لتغيير صورة العراق السلبية المرسومة في أذهانهم بسبب الإرهاب الداعشي، وقد نجح بالفعل في إقناع كثير منهم بمرافقته في جولاته في العراق.
ونظّم كثيراً من الرحلات لسواح من أميركا وأستراليا وفرنسا وصربيا وأفريقيا والنرويج، فضلاً عن سواح من الدول العربية مثل فلسطين ولبنان زاروا كردستان ومدن الجنوب لا سيما البصرة والناصرية.
استكشاف ومغامرة
ويقول فهد إنَّ عراقيين كثيرين يعتقدون أنَّ العراق ليس فيه أماكن سياحية الا تلك التي يتردّد عليها الناس، ولهذا فإنَّه يسعى إلى رفع الوعي السياحي لدى متابعيه وتعريفهم بالأماكن السياحية التي تستحق أن يزورها الناس.
يقول الفهد: “في العراق أماكن طبيعية ساحرة تستحق أن يزورها الناس ويمارسون فيها هواياتهم ويعيشون فيها تجربة رائعة، تغنيهم عن التفكير بالسفر خارج البلاد”.
ويضيف أنَّه أنشأ محتوى صورياً وفيديوياً على منصات التواصل للتعريف بالأماكن التي يزورها ولزيادة الوعي السياحي لدى الناس فضلاً عن التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة ومصادر المياه والأشجار وكثير من الأمور التي يواظب عليها لا سيما حين يتعلق الأمر بأهداف التنمية المستدامة وكيفية تحقيقها.
أسباب تسويقية
وشرح الفهد أسباب إطلاق اسم أدفينتشر وماذا تعني هذه الكلمة غير المألوفة لدى السواح العراقيين بقوله: “في هذا الوقت كثرت المشاريع الناشئة وازدادت الأفكار واشتدت المنافسة، وبات من الصعوبة بمكان ابتكار مشروع ناشئ ينجح ويُعرف على المستويين المحلي والخارجي، لهذا استفدت من خبرتي في التصوير وتجوالي الذي فرضته عليّ مهنتي في هندسة الاتصالات سابقا، وعملي مرشداً سياحياً في شركة روسية في تايلند في تأسيس مشروع يبرز جمالية العراق وفي الوقت نفسه يكسر الروتين الممل الذي تتبعه الشركات السياحية في رحلاتها لا سيما الى شمال العراق.
في العراق يوجد لدينا بحر وأنهر ووديان وبحيرات وجبال وثلوج وغابات وصحارى وكهوف وكل المقومات التي يحتاجها أي بلد لكي ينهض بالواقع السياحي ويعتمده مصدر دخل بديلاً عن الثروات الأخرى، لهذا يجب استثمار هذه الخيرات بطريقة صحيحة وتوجيه الأنظار إليها لإنشاء بنى تحتية.
اما الاسم فمعناه مغامرة وهو اسم تسويقي ومثير للتساؤل ودفع كثيرين للسؤال عن هذا الاسم، وهذا اتاح لنا فرصة أن نشرح عملنا وأسلوبنا السياحي القائم على المغامرة والاستكشاف.
الوعي السياحي
ويقول الفهد إنه على الرغم من أن المشروع نجح وحقق إيرادات مالية، لكنه يطمح الى توسعته وهذا العمل دفعه الى إقامة مبادرات لدعم الأماكن السياحية عن طريق وضع لافتات تعريفية بها والاهتمام بنظافتها ووضع حاويات والدعوة إلى فرض قوانين تلزم المواطن باحترام الطبيعة ومنع العبث بها.
وعمل على إعداد برنامج تلفزيوني ينقل صورة للعالم الخارجي عن الكنوز الطبيعية الموجودة في العراق لجلب مستثمرين يمكن أن يستثمروا هذه الأماكن بشكل صحيح ومفيد.
كما أنَّه يسعى لتسجيل “أدفينتشر” شركة سياحية أولى منفردة بهذا المجال وأن يكون لديها أسطول من سيارات الدفع الرباعي لتنظيم رحلات لا تنسى لكل الحالمين بالمغامرة والاستكشاف.
التغلب على الخوف
ويعتقد الفهد أنَّ المغامرة مفيدة وكثير من الناس الذين رافقوه في مغامراته الخطيرة تغلبوا على رهابهم من المرتفعات، كما أنها ساعدت الأطفال في الاحتكاك بالطبيعة والخروج من عزلتهم ومنحتهم فرصة لممارسة طفولتهم كما يشاؤون من دون أن يثير ذلك خوف الأهل عليهم.
ويؤكد: لقد لمست في رحلاتي اندهاش الناس واستغرابهم بوجود هذه الأماكن الساحرة في العراق، كانوا يعتقدون أن هذه الأماكن لا يمكن أن توجد على خريطة بلادهم وأنَّها موجودة فقط في دول أخرى، وحتى لو شاهدوا صورها لا يصدّقون أنَّها في العراق.
ويرى الفهد أنَّ الرحلات تخلق صداقات بين أبناء البلد الواحد أو البلدان المختلفة وتزيد من الوئام الاجتماعي ومن حب الإنسان لأخيه الإنسان وللطبيعة أيضاً.
أفضل وجهة سياحية
ويقول مؤسس مشروع ادفينتشر إنَّ جائحة كورونا أثرت في القطاع السياحي العالمي، وطبيعي أن يتأثر مشروعه بها، لكنه بدأ يستعيد نشاطه تدريجياً، ومع تعافي هذا القطاع فإنَّ لدى الفهد خططاً جديدة لتطوير وتوسيع آفاق عمله، فهو عازم على تحقيق حلمه بجعل العراق أفضل وجهة سياحية، ولديه أيضاً بعض الأفكار للأنشطة الجديدة مثل القفز بالمظلات ورحلات البالون، وأفكار فيها كثير من الجرأة والمغامرة قادرة على جذب نوع خاص من السياح.
ويحاول الشاب الثلاثيني تسليط الضوء على الأماكن غير المكتشفة وجعلها محط أنظار المستثمرين والحكومات المحلية، فضلاً عن أن وجود سياح سيدفع المهتمين بالسياحة الداخلية لا سيما الحكومات المحلية إلى الاهتمام بتلك الأماكن وتطويرها.
احترام الطبيعة وحمايتها
ويعتقد الفهد أن في العراق مناطق طبيعية جميلة جداً تستحق الحماية وأنَّه يسعى إلى حماية بحيرة بحر النجف في جنوب العراق، وشلال كَلي سيباركا في مدينة دهوك الكردية، وكهف بيستون الذي يعود تاريخه إلى العصر الحجري في الشمال بإظهار جمالها على Instagram وFacebook، ويأمل في أن يحظى مزيد من هذه المناطق الطبيعية بحماية الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الأخرى.
ويظل هاجس خلق وعي بشأن البيئة بين المسافرين واحداً من بين اهتمامات الفهد، وفي هذا الصدد يقول: في الأيام الأولى كان السواح المحليون يلقون القمامة في الطبيعة، في النهر على سبيل المثال، فسعيتُ إلى تغيير سلوكهم بإعطاء المثال الصحيح بالتقاط القمامة من الماء على سبيل المثال ووضعها في مكان آخر، وشرحت لهم أن هناك أناساً يشربون من هذا الماء”.
يؤمن هذا الشاب أنَّ السياحة ثقافة وليست متعة أو مغامرة فقط، وهو عازم على نشر الوعي السياحي والبيئي وتهذيب السلوكيات غير الصديقة للبيئة، ونجاحه بنشر الوعي سيكون رديفاً لنجاح مشروعه.