مصطفى الهاشمي/
يعاني عدد كبير من المواطنين، من غير الموظفين، صعوبة في الحصول على تمويل أو قروض وسلف شخصية من المصارف، حتى عند تقديمهم ضمانات عالية، ما يدفع الكثير منهم الى اللجوء لعمل سلف شهرية فيما بينهم، ما يعرضهم بالتالي إلى التلكؤ في تسلم المبالغ وعدم انتظام الدور في أحيان كثيرة، وهذا يحتم على المصارف الإسراع بتطبيق إجراءات الشمول المالي ومساواة الفرص أمام جميع فئات المجتمع في حصول الراغبين منهم على سلف أو قروض بفوائد وشروط ميسرة.ما الشمول المالي؟
الشمول المالي مصطلح اقتصادي يعني إدخال أو دمج الفئات التي يطلق عليها (مهمّشة) مالياً، أو من ذوي الدخل المالي المنخفض، التي لا يسمح لها بالانخراط في عمليات النظام المصرفي، في التعامل مع الجهاز المصرفي من خلال منظومة العمل الرقمية باستخدام المحمول، بمعنى إتمام جميع التعاملات المالية بطريقة إلكترونية.
في هذا الشأن يقول المختص في الشأن المالي (نورس حسن): “يعمل في العراق عدد كبير من المصارف الخاصة إلى جانب 7 مصارف حكومية، لكن هذا العدد من المصارف لا يقدم الخدمات التي ينشدها المواطن، التي تتمثل بالحصول على قروض أو سلف شخصية، وذلك بسبب البيروقراطية والعقلية التي تدير القطاع المصرفي بعيداً عن تحقيق أية خدمة مباشرة للجمهور.”
تقديم ضمانات مشددة
يضيف حسن في حديثه لـ “الشبكة” أن “عمل المصرف يتلخص بمنح الائتمان وتقديم خدماته إلى الجمهور بضوابط ميسرة، إلا أن ما يجري هو أن تلك المصارف قد تمنح قروضاً، لكن بضمانات مشددة على مبالغ قد لا تتجاوز الـ 10 ملايين دينار في أحسن الأحوال، او مطالبة المقترض بتقديم أكثر من كفيل ضامن، بشرط أن يكون موظفاً في القطاع العام.”
السلف والفرص الضائعة
بدوره، دعا الباحث الاقتصادي (عادل عبيد الشمري) إلى “إجراء إصلاح شامل في القطاع المصرفي وإعادة هيكلته بالكامل بغية النهوض بالواقع الاقتصادي للبلد من خلال تحريك اقتصاد العائلة وتوفير الدعم والتمويل للجمهور.”
وأضاف في حديثه لـ “الشبكة” أن “ضعف معايير الشمول المالي وصعوبة الحصول على السلف والقروض تدفع المواطنين إلى البحث عن شركاء لإجراء سلف بمبالغ يتفق عليها بينهم، قد تكون صغيرة برغم وجود عدد كبير من المشاركين، وبالتالي تطول مدة الحصول على المبلغ المطلوب، ما قد يضيع الفرص أمام وجود مشاريع استثمارية أو شراء سيارة او تزويج أحد الأبناء وغير ذلك.”
يتابع الشمري قائلاً: “في ظل كل هذه التحديات، قد يصر البعض على تجنب الاقتراض من المصارف، برغم حصوله على شروط الإقراض، وذلك بسبب نسب الفائدة العالية التي ينظر إليها على أنها (ربا)، على الرغم من وجود عدد كبير من المصارف الإسلامية الخاصة التي لا تقرض أي مبلغ على الإطلاق..!”
ودعا القائمين على هذا الملف إلى الإسراع بمعالجة هذا الاختلال، مع أن هناك مساعي للبنك المركزي في تحقيق الشمول المالي ظهرت في السنتين الأخيرتين، مشيراً إلى أن “إدارات بعض المصارف تجتهد للحيلولة دون تحقيق العدالة في نشر وتعزيز الشمول المالي.”
معادلة الجانب الإنساني
تقول المواطنة (لمياء كاظم): “قمت مع مجموعة من نسوة الحي بتنظيم سلفة تضم 12 مشتركاً من بينهم موظفون وأصحاب محال وأعمال مختلفة، إلا أن المشكلة كانت في رقم المبلغ الذي لم يناسب الكثيرين، ولاسيما أن القسط الواجب دفعه 100 ألف دينار شهرياً.”
واضافت في حديثها مع ” الشبكة” أن “الهدف من هذه السلفة يأتي لـ (تمشية) أمور المشاركين فيها من ذوي الدخل اليومي، الذين يتأخرون أحياناً عن موعد التسليم النهائي للمبلغ، ما يجعل البعض يمتعضون من هذه الحالة ويهددون بالانسحاب وجعل “السلفة” تنهار، إلا أننا نتدخل ونحاول إقناعهم بالاستمرار معنا لحين انقضائها.”
وأكدت “نحن نعمل (السلف) منذ مدة ليست بالقصيرة، والناس يثقون بنا لأننا قدامى ومعروفون في المنطقة، لكن أصعب مشكلة نواجهها تتمثل بكثرة عدد المشاركين من ذوي الرواتب او المدخولات الضعيفة وضآلة حجم المبلغ، على الرغم من أننا نعمل (سلفاً) بمبالغ أكبر وعدد مشاركين أقل، لكن الهدف، كما أسلفت، هو لـ (تمشية) الأمور.. لا أكثر.”
اصحاب الاقتراض بـ (الفايز)
يرى المتقاعد (هاشم أحمد) أن “الحصول على الأموال من المصارف صعب جداً بالنسبة لي، لأن راتبي التقاعدي ضعيف ولا يؤهلني لاقتراض المبلغ الذي احتاجه بسبب نسبة الاستقطاع التي تبلغ نصف الراتب قياساً بالمدة المطلوبة للسداد، ما يجعلني أبحث عن مصادر أخرى للتمويل.”
يضيف لـ “الشبكة” أن “أحد أصحاب منافذ توزيع الراتب في حيّنا أعلن عن منحه سلفاً شخصية بمبالغ تغطي حاجتي وبفائدة واستقطاع معقولين، لذا توصلت إلى اتفاق معه بهذا الشأن.” مشيراً إلى أن “صاحب المنفذ حجز (مستمسكاتي) مع بطاقة الماستر كارد الخاصة بالراتب، ويستقطع المبلغ شهرياً بنسبة ممكن أن أتحملها لفترة بحيث لا تؤثر على التزاماتي العائلية الأخرى.”