بغداد/ أحمد عبد ربّه
منذ سنوات، يسعى الجهاز المصرفي العراقي لاستقطاب الكتلة النقدية المكتنزة في المنازل، التي تمثل نحو 75% من العملة المصدّرة من قِبل البنك المركزي العراقي. إلا أن التحديات التي تواجه هذا الجهد ترتبط بمخاوف المواطنين من إيداع أموالهم لدى المصارف المحلية.
يعود السبب إلى الخشية من عدم القدرة على استردادها نتيجة إفلاس المصارف أو وضعها تحت وصاية البنك المركزي، اذ شهد القطاع المصرفي خلال السنوات الأخيرة انهيار عدة مصارف خاصة، أبرزها: الوركاء، والبصرة، ودار السلام، والاقتصاد.
وما زال المودعون حتى اليوم يطالبون بأموالهم المفقودة عبر تظاهرات دورية تُقام أمام مقار المؤسسات المالية، ومنها البنك المركزي العراقي.
وفي آب 2019، اتخذ البنك المركزي العراقي خطوة بتأسيس الشركة العراقية لضمان الودائع، التي أُنشئت لتكون طوق نجاة للمودعين ووسيلة لتعزيز الثقة بالجهاز المصرفي.
حماية الأموال
مؤخرًا، شهدت بغداد انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الثامن للضمان، الذي عُقد في فندق بابل برعاية البنك المركزي ورابطة المصارف الخاصة، وبمشاركة عدد من المؤسسات المحلية والدولية.
وفي تصريح لـ”مجلة الشبكة”، أكد وليد عيدي، المدير المفوض للشركة العراقية لضمان الودائع، أن زيادة نسبة الودائع في المصارف تعكس تعافي الاقتصاد العراقي.
وأضاف: إن “الشركة تمنح تعويضات للمودعين تُعد الأعلى في المنطقة العربية، ما يعزز ثقة المواطنين بالنظام المصرفي ويحقق المصلحة العامة من خلال حماية أموال المودعين.”
وأشار إلى أن جميع الودائع في المصارف، سواء الحكومية أم الأهلية، مضمونة لدى الشركة، موضحًا أن التعويض يتم خلال 30 يومًا من صدور قرار إفلاس المصرف بشكل قطعي من قِبل البنك المركزي، وهو سقف زمني غير قابل للتمديد.
نقص التمويل
ورغم الجهود المبذولة، تواجه الشركة العراقية لضمان الودائع انتقادات عدة. ففي تصريح للخبير الاقتصادي علي دعدوش، لـ”مجلة الشبكة” قال إن “الشركة تعاني من تأخير في تعويض المودعين، ما يضعف الثقة بآلياتها، بالإضافة إلى شروطها الصارمة للتعويض، التي تُصعّب حصول المودعين على حقوقهم”.
كما أشار إلى نقص التمويل الحكومي الذي يحدّ من قدرة الشركة على تغطية جميع الودائع، إلى جانب غياب الكفاءات والخبرات التي تعيق اتخاذ القرارات الحاسمة.
وأضاف أن الشركة تعاني من ضعف الاستقلالية والوضوح في قوانينها، ما يجعل إدارتها عرضة للتحديات.
وبين دعدوش أن هناك حاجة إلى تفعيل برامج توعية وطنية تسلط الضوء على أهمية الدور الذي تلعبه الشركة، ليس فقط في حماية الودائع، بل أيضًا في تعزيز النمو الاقتصادي من خلال إعادة الثقة بالقطاع المصرفي.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الشركة يمكن أن تكون أكثر فاعلية إذا تم منحها استقلالية أكبر في اتخاذ القرارات، إضافة إلى تعزيز شراكاتها مع المؤسسات الدولية التي تمتلك خبرة في إدارة أنظمة الضمانات المصرفية.
أزمة ثقة
وختم حديثه بالقول: “إن الثقة هي العامل الحاسم هنا، ولا يمكن للشركة أن تحقق أهدافها من دون معالجة جذور أزمة الثقة، سواء من خلال تحسين الخدمات أم تحديث الأطر القانونية التي تنظم عملها”.
وخلال كلمته في المؤتمر الدولي الثامن للضمان الذي حضرته “مجلة الشبكة”، أكد نائب محافظ البنك المركزي، عمار حمد خلف، أن تطوير القطاع المصرفي وزيادة الائتمان يعتمدان بشكل كبير على تعزيز الضمانات. مضيفاً: أن الشركة العراقية لضمان الودائع تمثل الآن القناة الأساسية لتقليل فجوة الثقة بين قطاع الأعمال والمصارف، ما يسهم في تحفيز النشاط الاقتصادي.