#خليك_بالبيت
ذوالفقار يوسف /
يبث موسيقى في خضم الظلام المتمثل بداعش الارهابي، وشعراً يحاور به كلّ من دنّس مدينته وعراقه، رقصات يتحدّى بها كل من يحارب السلام، وأغاني يملأ بها سماء شرقاطه الحبيبة، ورسومات بأنامل آشورية امتزجت بصوته، فقبل ذلك هو ابن الحضارات وأحد مبدعيها، وصانع جمال يستحق ان يصبح بصمة هذا العدد من مجلة الشبكة العراقية.
أول الخطوات
*لقد اتّخذت مركزاً لامعاً في مسيرة الابداع، حدّثنا عن بداية هذا الطريق؟
– منذ أن كنت في مدرستي الابتدائية بدأت الرسم، فقد كانت لي الكثير من النشاطات والمسابقات التي تخصّ مدرستي، وكنت أطالع باستمرار حياة الفنانين العالميين وأقلّد أعمالهم قدر استطاعتي لذلك، وإلى الآن أحاول أن اتعلّم واطوّر كل ما أراه.
*الشرقاط الآشورية، تلك المدينة التي تقبع فوق خلود المبدعين، هل كانت سبباً في بناء تميّزك؟
– الشرقاط مدينتي الجميلة التي سكن فيها الكثير من الأدباء والفنانين، منهم من رحل، الا أنّه ترك بصمته الخالدة في تربة هذه المدينة، ومنهم من لا يزال يتألق، فما زلت اتعلّم منهم ولي تواصل مع معظمهم، فبهم قد بدأت أشق طريقي، لذلك فإنّ لهذه المدينة القسم الأكبر في بناء روحي وحبّها للإبداع، وكما هي الأرض العائلة، وبتشجيعهم المستمر لي جعلني ما أنا عليه الآن.
مواهب عبدو
* قيل “عصفور في اليد خيرٌ من عشرة على الشجرة”، أمّا عبدو فقد أمسك بالعديد من العصافير، حدّثنا عن مواهبك المتعدّدة؟
– لي ولع في مواهب كثيرة، فكل ما يحيطنا من أشياء قابلة للابداع، أن تكون وتتحوّل إلى فن جميل يجعل من العالم مكاناً ممتعاً، فالرسم هو وسيلة لتوثق تلك اللحظات والوجوه التي ترافقك في سني عمرك، والخط العربي والشعر هي ترجمة لكل ذلك الجمال، أمّا غناء الراب والرقص فهي احتفال بهذا العالم.
* خرب الاٍرهاب المدن ولكنه لم يتمكن من تخريب النفوس كيف كانت تجربتك مع تلك الحقبة مع علمنا بتوجهات الإرهاب الرافضة للفن والإبداع؟
– لقد عانيت كثيراً في مجتمعي ومدرستي كما عانى جميع أهل مدينتي وباقي المحافظات العراقية من جرذان الظلام، وليس هذا فقط بل قد منعوا الفن ومظاهره وبجميع أشكاله، والفنان لا بدّ له من جمهور لكي يخلق الفن لمجتمعه، الا أن أغلب الناس من حولي كانوا يرفضون تلك المواهب ولا يتحدثون بها بسبب خوفهم من الإرهاب المتمثل بداعش، ورغم هذه المصاعب الا أنّني لم اتوقف عن صناعة الفن بمواهبي، وأكملت مسيرة الإبداع رغماً عن الشر.
هوية عراقية
*عندما تغلق جميع الأبواب يكون هناك بصيص أمل للاستمرار، فما هو ذلك البصيص في حياتك؟
– الأمل كبير وعلى قدر الطموح، وفي نفسي دائماً أنّ غداً سيكون أفضل من الماضي، وهذا ما يجعلني استمر، ولا خلق جمال خاص ومميز يعبّر عن هويتي كعراقي.
*لكل إنسان ناجح ملائكة يطلق عليهم الملهمين، فمن هم ملهمو الثامري؟
– كان والدي الأستاذ والأديب أحمد الثامر من أقرب الملهمين والمشجّعين لي، فقد هيّأني إلى ما أنا عليه اليوم، فلم يبخل عليّ، وجعل من تحفيزه لي أمام المصاعب شغله الشاغل لاستمر دون توقف.
هوايات
*هناك من يتقن اختراع الإبداع، ماهي توجهاتك في اختراع مستقبلك؟
– أعدّ ما أبدع به هي هوايات قادر على تطويرها إلى الأفضل، والوصول إلى مرتبة أعلى بالفن، أمّا استغلالي لها فإنّي أحاول أن أطوّر أمور عملي كمترجم، وأن أصل إلى مرحلة استطيع اللحاق بها بالمبدعين في هذا المجال.
* عملت كتدريسي للغة الانكليزية ولفن الرسم، فهل تتّبع أسلوباً معيناً في التعليم؟
– لم يختلف أسلوبي عن أسلوب أي معلم يحاول أن يوصل المعلومة بشكل جيد إلى طلبته، الا أن أسلوبي في التدريس كان تلقائيا وعفويا مما جعلني قريبا جداً من طلبتي فأحبّوني وأحبوا تدريسي، وبالتالي استطعت أن أحقّق مبتغاي بسعادتهم ونجاحهم.
* النشاطات والمسابقات والمعارض والجوائز، ما هي الا إثباتات لنجاحك، حدّثنا عنها بنبذة مختصرة؟
– شاركت في العديد من المعارض ومثلت محافظتي، حيث أقاموا لي أكثر من معرض في جامعة المحافظة، كما وفّر لي وجودي في مديرية النشاط المدرسي للمحافظة لمدة عام دراسي زيادة في خبراتي من خلال زياراتي المتكرّرة للمدارس والتصاقي بالطاقات الطلابية التي يمتلئ العراق بها.
المقياس الحضاري
*جوائز وتكريمات عديدة حصلت عليها، فهل أنصفك بلدك على إنجازاتك؟
– اتمنى أن يكون هناك دعم أكثر في بلدي للثقافة والفنون والأدب، لأنّه المقياس الحضاري للشعوب والبلدان، لهذا اذا أردت من بلدي الإنصاف، فاتمنى أن ينصف شبابه المبدعين وأن يخلق لهم الوضع المناسب ليبرز هذا الإبداع منهم، فهم مستقبل العراق، فكيف ما يكونون يكون العراق.
* نراك تتقن كل ما تقابله من فنون، هل هناك فن آخر سيظهر ليجتمع مع فنونك الأخرى؟
– الفنون كلها جميلة، وتعدّدها عند الرجل ميزة رائعة، لكن التركيز الشديد على اتجاه واحد يحقّق النجاح أكثر، ويجعل من الهدف شيئاً غير تقليدي وفريداً من نوعه، لذلك سأطور مهاراتي التي أجيدها في هذا الوقت، وإن صادفني شيء جميل يجذبني اليه، فلا استطيع حينها الابتعاد عنه.
وصية
* المبدعون هم تربة الحضارة وعنوان المستقبل، ما هي وصاياك لأبناء بلدك كمبدع؟
– أدعو إخواني وزملائي من أبناء بلدي أن يركّزوا في حياتهم أكثر، وأن لا يبعثروا أعمارهم في فوضى الالكترونيات، فالطاقة والابداع في أصابعهم وأنفسهم وقلوبهم وليس في أجهزتهم، وأن يتأكدوا أنّهم أبناء الحضارات والتاريخ العريق وفوق ذلك هم صناع مستقبل هذا التاريخ ويجب أن يعطوه حقه في الإبداع.