ثريا جواد /
الدُّمى عنوان فرح وسعادة واحدى وسائل اللعب واللهو لا سيما لدى البنات الصغيرات التي تمثّل لهن أجمل الهدايا التي يمكن أنْ تقدَّم في أعياد الميلاد بل وهناك بعض الكبار يفضلونها ومن منّا لا يحبّ (الدُّمى) ويعشقها ويحتفظ بها في خزانته؟
على الرغم من التراجع في هذه الصناعة اليدوية الا أنَّ هناك من أعاد صناعتها بطريقة جميلة ملونة و(فرح عبد السلام) واحدة من الشابات الفنانات الطموحات اللواتي كانت لهنّ بصمة واضحة ومتميّزة في صناعة (الدُّمى).
مشروع خاص
تقول فرح (29) عاماً /علوم حاسبات: منذ تخرُّجي لم أجد وظيفة لغرض التعيين، حالي حال الكثير من الفتيات اللواتي يبحثن عن فرص للعمل، تزوّجت وانفصلت عن زوجي وحينها قرَّرت أن أعتمد على نفسي في عمل بدأته كهواية وانتهى بي المطاف إلى أن أكون صانعة (دمى).
ورثت حبّ (الدمى) من والدتي؛ مدرّسة مادة الفنية والرسامة التي استشيرها في كلّ صغيرة وكبيرة فهي بمثابة المرجع بالنسبة لي..أحببت الرسم والأعمال اليدوية وكنّا أنا وأخواتي ومنذ الصغر نعشق الدُّمى التي تصنعها لنا والدتي من القماش أيام العطل، حينها أعجبت بالفكرة وأخذت حيزاً كبيراً من تفكيري لسنوات طويلة وبالفعل تحوَّل (الحلم إلى حقيقة).
بدأت بمشروعي الخاص بي قبل 3 سنوات بصنع الدُّمى الصغيرة والسيراميك والبوليمر والميداليات على شكل أشخاص، وفي الأكواب وكذلك الحفر على الزجاج بجهاز يدوي وأشكال كارتونية وتراثية وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها في بداية الأمر بسبب عدم وفرة المواد التي أحصل عليها عن طريق بعض المواقع التي تزودني بالقماش والشعر لصنع الدمية ولكن هذا لا يوازي فرحتي التي أشعر بها عند الانتهاء من صنعها وتقديمها للزبائن.
فن المكرامي
أضافت فرح: تعلّمتْ فن المكرامي (فنّ حياكة الدُّمى) عن طريق إحدى صديقاتي
وأخذت العديد من الكورسات في هذا المجال وطوّرتْ نفسي كثيراً، إنَّه عمل متعب, لكنَّه ممتع في الوقت نفسه وعندها صنعت (دمية) من الخيوط فقط واشتغلتها وحدي في غرفتي بالبيت فأنا لا أملك ورشة خارجية وليس هناك فريق عمل يساعدني, هناك الكثير من الأفكار التي تدور في رأسي عن أشكال (الدُّمى) التي تمتلك كلّ واحدة منها اسماً خاصاً بها وأهلي دائماً ما يدعمونني ويشجّعوني أكثر وأكثر.
إمنيات مؤجلة
تحلم فرح بأن يكون لديها ورشة أو مصنع صغير تعمل به يشاركها مجموعة من الشابات كفريق عمل، صناعة (الدُّمى) مثلما تقول ليست بالأمر السهل إذ عمل دمية واحدة يستغرق نحو 15 يوماً من حياكة وتطريز للوجه وتركيب الشعر واختيار الملابس وحياكتها وتضيف فرح: كلّ واحدة من (الدُّمى) لها اسم وقصّة وحسب طلبات الزبائن، مثل أن يكون الطلب شبيهاً لطفلة من حيث الشكل والملابس والعيون. ولا تقتصر (الدُّمى) التي أصنعها على أشكال البنات فقط بل الرجال لهم نصيب أيضاً إضافة إلى أشكال الحيوانات اللطيفة وفي بعض الأحيان تعجبني أعمال أجنبية أقلّدها على الفور وحسب الطلب.
آمنة للأطفال
لأنَّها فنانة ورسامة وتجيد الرسم على وجوه (الدُّمى) بأدق التفاصيل ولأنَّها عملية متعبة ودقيقة للغاية تستطرد فرح: (الدُّمى) التي أصنعها تكون على نوعين، الأولى (حياكة) وفيها استخدم الخيوط القويّة المصنوعة من القطن لتطريز الملابس وفي البداية استخدم هيكلاً من السلك كي تسهل حركة الدمية ويمكن غسل شعرها الحراري وتمشيطه واستخدام السشوار، وهي بالطبع آمنة للأطفال ولا تسبب الحكّة, أمّا النوع الآخر من الدُّمى التي أقوم فيها برسم ملامح الوجه للدمية بدقّة وفيها ألوان القماش وبالفعل فأفضّل استخدام الأقلام للطلاء بدل الفرشاة للتلوين باللون الأحمر الذي أعشقه والوردي، حتى يكون وجه (الدمية) أكثر جمالاً ويمنع زوال اللون عند الغسل بمرور الأيام.
مفارقات طريفة
عملي فيه الكثير من المفارقات الطريفة والجميلة، منها على سبيل المثال طلب مني أحد الزبائن صنع (دمية) تشبه حبيبته التي كانت على خصام معه وفي عيد ميلادها قدَّم لها (الدمية) التي تشبهها في كلّ شيء من ملابس واكسسوارات. ووضعتها في صندوق (عروسة) مع طلب مرفق به يطلب يدها للزواج، كنت فرحة جداً لأنَّني كنت سبب الصلح بينهما.
مرجوحة الورود
فرح مبدعة أيضا في صناعة المراجيح المحاكة من خيوط (المكرامي) القوية، تلك الخيوط قادرة على تحمُّل الأوزان الثقيلة وهي غير موجودة في العراق، وقبل فترة قمت بتصميم شكل مرجوحة وأعطيتها للحداد وغلّفتها بالورود وصبغتها وقمت بتجربتها في البيت وتتحمّل وزن نحو 100 كغم وأكثر، هذه الفكرة أعجبت الكثيرين من الزبائن وهي حالياً منتشرة في كلّ مكان. فرح عبد السلام فنانة شاملة تعشق (الدُّمى) بكل أشكالها والشخصيات الكارتونية الجميلة وبالأخص (ريمي) والدمية الروسية الشهيرة ذات العيون الواسعة فقط وأمنيتها أن تصنع دمية عراقية أو بغدادية كي تخلِّد تراثنا للأجيال القادمة عن طريق المجسّمات الصغيرة.
اشتركت فرح في معرض قدّمتْ فيه أعمالها الفنية من الدُّمى المصنوعة من الحياكة والقماش في الجامعة العراقية /بغداد ولديها خدمة توصيل لكل أنحاء العراق والأردن وألمانيا.