أحمد عبد ربّه
يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي اليوم بوصفه قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ يسهم في رفع كفاءة العمليات وتحقيق حلول مبتكرة للتحديات المعاصرة. ومن خلال تبنّي هذه التقنيات، يسعى العراق إلى ترسيخ موقعه كلاعب رئيس في المشهدين الإقليمي والدولي.
في خطوة تعكس طموح الحكومة لتعزيز موقعها في مجال الذكاء الاصطناعي، كشف مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون الذكاء الاصطناعي، البروفيسور ضياء الجميلي، عن مباحثات جارية مع الدول العربية لجعل بغداد مقرًا للاتحاد العربي للذكاء الاصطناعي.
كما أعلن عن ستراتيجية وطنية تمتد حتى عام 2050، تهدف إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وخلق آلاف فرص العمل للعراقيين.
تحول رقمي
وفي حديثه لمجلة “الشبكة العراقية”، أوضح الجميلي أن الحكومة العراقية تمضي بخطى متسارعة نحو تبني آليات التحول الرقمي، عبر التعاون مع المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، والمراكز الأكاديمية والبحثية. لافتاً إلى أن الأتمتة والتحول الرقمي باتا ضرورة حتمية لا غنى عنهما في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة.
وأضاف: أن الستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي حتى 2050 ترتكز على تعزيز القدرات الوطنية، وتحديد الفجوات، واستكشاف الفرص المتاحة لتطوير القطاع، إلى جانب دعم البنية التحتية التقنية لضمان الاستخدام الفعّال لتقنيات الذكاء الاصطناعي. كما تشمل الستراتيجية إرساء شراكات دولية مع كبرى الشركات والمؤسسات العالمية، بهدف نقل التكنولوجيا، وتبادل الخبرات، وتوفير التدريب والتأهيل اللازمين لتعزيز مهارات الكوادر العراقية.
وأشار الجميلي إلى أن الحكومة تولي أهمية كبيرة للبحث العلمي والابتكار في الذكاء الاصطناعي، وتسعى إلى تسخير هذه التقنيات لحل مشكلات حيوية في القطاعات الزراعية، والصحية، وقطاع الطاقة.
إصلاح تعليمي
وفي قطاع التربية والتعليم، كشف الجميلي عن استحداث منهج “الحاسوب والذكاء الاصطناعي” في المدارس، مع تزويده بخدمات الإنترنت. موضحًا أنه يجري العمل على إنشاء كلية متخصصة بالذكاء الاصطناعي في جامعة بغداد، فضلًا عن تحويل كليات الزراعة إلى كليات (هندسة الزراعة الذكية).
كما أكد أن الاقتصاد العراقي سيعتمد في المستقبل بشكل متزايد على البيانات، ما يجعل تطوير الذكاء الاصطناعي أحد أعمدة النمو الاقتصادي المستدام. مشيراً إلى أن تصنيفًا أميركيًا حديثًا وضع العراق في المرتبة الأولى عربيًا والـ 61عالميًا في متوسط معدل الذكاء الطبيعي، بمتوسط 89.28 نقطة، ما يعكس الإمكانات البشرية الكبيرة التي يمكن توظيفها في هذا المجال.
وفي إطار مواجهة التحديات البيئية، أعلن الجميلي عن خطط للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد المائية الحديثة، وتقليل الهدر، ومعالجة مشكلة اللسان الملحي، مؤكدًا أن هذه المشاريع ستوفر المزيد من فرص العمل للعراقيين.
مقر عربي في بغداد
على الصعيد الدولي، كشف مستشار رئيس الوزراء عن مفاوضات جارية مع عدد من الدول العربية لاعتماد بغداد مقرًا للاتحاد العربي للذكاء الاصطناعي. كما أشار إلى تفاهمات مع منظمة التعاون الرقمي، التي تقودها المملكة العربية السعودية، بهدف تطوير مهارات الكوادر العراقية.
ويرى الجميلي أن انضمام العراق إلى منظمة التعاون الرقمي سيمثل خطوة نوعية نحو تطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز كفاءة الحكومة الإلكترونية، ودعم الابتكار وريادة الأعمال الرقمية. كما سيسهم في بناء شراكات ستراتيجية مع الدول الأعضاء، ما يفتح آفاقًا واسعة لتنمية الاقتصاد الرقمي في البلاد.
واختتم الجميلي حديثه بالتأكيد على أن هذه الجهود تأتي في وقت يشهد فيه العراق توجهًا ستراتيجيًا لتطوير قطاع الذكاء الاصطناعي، عبر بناء القدرات الوطنية وتعزيز التعاون الدولي، ما يمهّد الطريق نحو مستقبل أكثر ازدهارًا، قائم على الابتكار والتقنيات الحديثة.
يجري العمل على إنشاء كلية متخصصة بالذكاء الاصطناعي في جامعة بغداد، فضلًا عن تحويل كليات الزراعة إلى كليات (هندسة الزراعة الذكية).