مصطفى الهاشمي /
تتأثر العملة المحلية (الدينار) بمجموعة عوامل تسهم في رفع قيمتها أو خفضها، مقابل العملات الأجنبية الأخرى ومنها الدولار. ففي الوقت الذي يدعو فيه مختصون إلى تنشيط مكونات الناتج المحلي الاجمالي لتعزيز قيمة الدينار، يرى آخرون أن مسببات تذبذب سعر العملة تتمثل بالتضخم، وأسعار الفائدة، والدين العام، والميزان التجاري، إلى جانب السياسات الحكومية.
في هذا الشأن قال رئيس قسم الاقتصاد في كلية الإدارة والاقتصاد (أ.م.د. جاسم محمد مصحب) : “يتعامل التجار الصغار بمبيعاتهم بالدولار ليضمنوا موقفهم المستقبلي نقدياً، أي أنهم يشترون بالدولار ويبيعون بالدولار.” مشيراً إلى أنها حالة اقتصادية غير صحية، لأن انكفاء التعامل بالعملة المحلية يقلل من الثقة الاقتصادية ويزعزع الاستقرار الاقتصادي في هذا الجانب.”
تحديد سعر الصرف
أضاف مصحب في حديثه لـ “الشبكة” أن “الذي يحدد سعر صرف العملة المحلية بشكل أساسي هو البنك المركزي للبلد، أما الجهات الدولية، كصندوق النقد الدولي مثلاً، فهي جهات ذات تأثير ثانوي، لكنها تشير في بعض الأحيان على البنك المركزي بأنماط من نظم سعر الصرف في حالة لجوء البنوك المركزية إليها في أوقات الأزمات.” وعن أفضل الحلول للحد من تعويم العملة قال مصحب إن “ذلك يكون بتأسيس نظام مدفوعات محوكم يحد من أثر المضاربات التي تقلل استقرار سعر صرف الدينار العراقي.”
ويرى مصحب أن أسعار الصرف العالية مقابل الدولار أو اليورو لا تعني بالضرورة حالة صحية، وأن هذه العملات، كالدينار الكويتي مثلاً، تعمل وفق نظام سعر الصرف الثابت، وذلك لقدرة البنك المركزي باحتياطياته الكبيرة على إدامة هذا السعر، ولأسباب اخرى أيضاً، من أهمها تطور نظم المدفوعات الداخلية والخارجية لهذه الدول.”
التجار والتعامل بالدولار
من جهته.. يقول الأكاديمي الاقتصادي (الدكتور صباح نعمة) إن “التجار الصغار يتعاملون وفق البضاعة المستوردة التي تكون مقيّمة بالدولار، فإذا كانت سلعة ما جرى استيرادها بسعر ما من أي بلد، فإنها تكون مستوردة بالدولار، وحتى إن لم يبعها التاجر بالدولار فبإمكانه إعادة تقييمها بالعملة المحلية، لكن ذلك سيؤخره عن الشراء مرة ثانية، لذا يلجأ إلى بيعها بالعملة الصعبة.”
وأضاف لـ “الشبكة” أن “الطلب على الدولار، حتى إن كان من منصة البنك المركزي، بعد أن كان عن طريق المصارف الخاصة التي تشتري الدولار من نافذة بيع العملة، وبالتالي فإن المصارف تزود التجار بالكميات المطلوبة من الدولار لتنشيط عملية الاستيراد.”
وأكد أن “عملية تقوية الدينار لا تكون من خلال عمليات بيع وشراء النفط فقط، لذا فإن من الواجب توفير قطاعات اقتصادية غير نفطية، كالصناعة والزراعة والقطاع الخدمي، وتطوير مكونات الناتج المحلي الإجمالي، الذي لو تطور فعند ذلك فقط تزدهر قيمة الدينار العراقي وتكون له قوة.”
محددات قيمة العملة
بدوره.. يرى الأكاديمي الاقتصادي (الدكتور ماجد البيضاني) أنه عندما تحظى العملة بشعبية كبيرة ويشتريها الكثير من الناس تزداد قيمتها، وعندما يتراجع شراؤها تنخفض.
وكشف البيضاني، خلال حديثه لـ”الشبكة”، عن أن “قيمة العملة تتحدد بمجموعة عوامل أبرزها معدلات الفائدة، والتضخم، وتدفق رأس المال، وعرض النقود. أما مسببات تذبذب سعر العملة فمنها التضخم، وأسعار الفائدة، والدين العام، والميزان التجاري، إلى جانب السياسات الحكومية، والمضاربة.”
وأوضح أن “طريقة تقييم العملة تكون من خلال أسعار الصرف، بتنظيم العوامل المؤثرة في العرض والطلب من قبل الحكومة بواسطة السياستين المالية والنقدية.”
نظامان لأسعار الصرف
استطرد البيضاني “لقد اعتمدت العملات العالمية أحد نظامي أسعار الصرف: الثابت والعائم. وسعر الصرف الثابت هو عندما تربط دولة ما عملتها بعملة أساسية بحيث تتحرك كلتا العملتين بشكل متماثل، وتختار البلدان النامية سعر الصرف الثابت، لأنها تسعى إلى استقرار عملتها، وأن الجانب السلبي لسعر الصرف الثابت يتمثل بأن البلدان التي لديها سعر صرف ثابت تتخلى عن استقلال سياستها وتعاني انخفاض التجارة الحرة والسيولة.”
أضاف البيضاني: “يتضمن سعر الصرف العائم السماح لسوق الصرف الأجنبي بتحديد قيمة العملة فيما يتعلق بالعرض والطلب على العملات الأخرى، وقد تشهد البلدان التي تخضع إلى نظام سعر الصرف العائم تقلباً أعلى في أسعار الصرف، لكنها تستفيد أيضاً من ممارسة المزيد من الاستقلالية في سياساتها الاقتصادية وأنشطتها التجارية وتتمتع بسيولة أعلى.”