كيف يستثمر العراق القرارات الدولية الإيجابية؟

مصطفى الهاشمي/

يسعى العراق الى تعزيز صادراته النفطية لضمان تدفق إمداداته كاملة الى الأسواق العالمية، لكنه يواجه تعقيدات، داخلية وخارجية، قد تعيقه عن الحصول على كامل عائداته، فبرغم صدور قرار من محكمة التحكيم الدولية في باريس ألزم تركيا بدفع تعويضات إلى العراق، لانتهاكها اتفاقية خط الأنابيب العراقي – التركي الموقعة في العام 1973 والسماح بتصدير نفط من إقليم كردستان دون موافقة الحكومة الاتحادية
لكن تركيا ترفض استئناف تصدير النفط في الوقت الحالي، ما لم يتنازل العراق عن مبلغ التعويض البالغ ملياراً و471 مليون دولار، نتيجة قيامها بتصدير نفط الإقليم خلافاً للقانون.
اتفاق خارج السياق
يرى الاكاديمي الاقتصادي الدكتور ماجد البيضاني أن “الجانب التركي يرفض الالتزام والتعاون مع العراق في موضوع صادرات العراق من إقليم كردستان، لان تركيا لديها اتفاق مسبّق بصورة مباشرة مع حكومة الاقليم تم بموجبه تحديد سعر برميل النفط حينذاك بسعر 19 دولاراً للبرميل، دون الرجوع الى الحكومة الاتحادية، ما حدا بالعراق الى اللجوء للتحكيم الدولي لحل هذا الخلاف”.
واضاف البيضاني لـ “الشبكة” أنه “بعد توقيع آخر اتفاق بين حكومتي المركز والاقليم بات من الضروري مطالبة الجانب التركي بدفع المبلغ المستحق عليهم والبالغ ملياراً و471 مليون دولار كتعويض او كغرامة مستحقة لمخالفتهم قانون او اتفاق الانابيب للعام 1973”.
اتفاقية المركز والإقليم
وفي بداية نيسان الماضي وقعت حكومتا المركز والإقليم اتفاقا نفطيا تضمن 4 بنود أساسية، تضمن البند الأول تصدير 400 ألف برميل من النفط يومياً من إقليم كردستان عبر شركة النفط الوطنية سومو وتسمية ممثل عن الإقليم في الشركة، وتم الاقتراح بأن يكون بمنصب معاون لرئيس شركة سومو.
وتضمن البند الثاني تشكيل لجنة رباعية بمعدل ممثلين اثنين من وزارة النفط الاتحادية واثنين من وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم، تشرف على بيع النفط المستخرج من إقليم كردستان الى الأسواق العالمية لحين إقرار الموازنة أو الاتفاق على تشريع قانون النفط والغاز.
أما البند الثالث فيتعلق باتفاقات إقليم كردستان مع 4 شركات عالمية فيها نقاط قانونية ملزمة ومطالبة الإقليم، بموجب الاتفاق، بالاستعانة بخبراء من وزارة النفط الاتحادية لتذليل التفاوض مع هذه الشركات .
وتناول البند الرابع فتح حساب بنكي تحت إشراف الحكومة الاتحادية في البنك المركزي ويخول رئيس حكومة كردستان بصلاحية الصرف تحت رقابة ديوان الرقابة المالية الاتحادي في ما يتعلق فقط بالموازنة الاتحادية للعام 2023.
صدور قرار التحكيم
وأصدرت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس بتاريخ 23 آذار الماضي قرارا لصالح العراق في دعوى التحكيم التي رفعها البلد ضد الجمهورية التركية لمخالفتها أحكام اتفاقية خط الأنابيب العراقية – التركية الموقعة في العام 1973 التي تنص على “وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي في ما يتعلق بحركة النفط الخام المصدّر من العراق الى جميع مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية”.
يذكر أن القرار يلزم جميع الأطراف باحترام الاتفاقات والمواثيق الدولية بهذا الشأن، وأن وزارة النفط من خلال شركة تسويق النفط العراقية “سومو” هي الجهة الوحيدة المخوّلة بإدارة عمليات التصدير عبر ميناء جيهان التركي.
وأكدت وزارة النفط الاتحادية أنّها ستبحث آليات تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي مع الجهات المعنية في الإقليم ومع السلطات التركية، وفقاً للمعطيات الجديدة بعد صدور قرار الحكم النهائي المذكور، بما يضمن إدامة الصادرات النفطية، والإيفاء بالتزامات “سومو” مع الشركات العالمية عبر ميناء جيهان، وحرصاً منها على تصدير كامل الكميات المخصصة من جميع الحقول النفطية بما فيها الإقليم، بهدف تعظيم الإيرادات المالية، لرفد الموازنة الاتحادية.
استعادة الحقوق المشروعة
من جهته رأى التدريسي في كلية الادارة والاقتصاد الدكتور صباح نعمة لـ “الشبكة” أن “قرار هيئة التحكيم الصادر عن محكمة فرنسية أسهم في دعم العراق بالدفاع عن حقوقه في إدارة ثروته النفطية، وحيازة وزارة النفط لصلاحياتها وسلطاتها الدستورية، من أجل تحقيق العدالة واستعادة حقوق العراق المشروعة حفاظاً على أمنه وسيادته”.
وأكد نعمة أن “تطبيق القرارات الايجابية الاممية تجاه العراق مرتبط بمدى التزام العراق بتلك القرارات والتوجهات التي تخدم المواطن وآليات تنفيذها، فضلا عن الشفافية وآليات مكافحة الفساد الإداري والمالي وهذه من الاوليات التي تحتاجها الدول حتى تستطيع الافادة كلياً من القرارات الدولية”.
زيارة مرتقبة لتركيا
في غضون ذلك كشف مسؤول في حكومة إقليم كردستان، عن زيارة سيقوم بها وفد مشترك من وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في حكومة كردستان إلى تركيا، لبحث مسألة استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي عقب توقفه منذ أكثر من شهرين، إثر قرار قضائي دولي.
وبيّن المسؤول أن “الوفد سيبحث مع المسؤولين الأتراك إمكانية استئناف تصدير النفط مجدداً عبر ميناء جيهان التركي، بعد استكمال توقيع العقود النفطية مع 4 شركات عالمية، بما يضمن استئناف تصدير النفط من خلال شركة النفط الوطنية العراقية (سومو) عبر الميناء المذكور”.