لتحقيق تنافسية عالية .. تأكيدات على أهميةإصلاح القطاع المصـــرفي العراقي

بغداد – علي كريم إذهيب

تسعى المصارف العراقية بشكل عام إلى تحقيق اهدافها الستراتيجية في ظل مناخ استثماري يؤمن لها تحقيق تلك الأهداف بأقل المخاطر، ومن أهم مجالات الإستثمار جاذبية للمصارف، عملية منح الائتمان الذي يعد أكثر العمليات المصرفية تحقيقاً للأرباح وبنفس الوقت على المصارف المحافظة على نسبة سيولة كافية لإدارة الأنشطة والعمليات المصرفية الأخرى وتجاوز مخاطر السيولة مع تحقيق أرباح مناسبة”.
يقول الدكتور مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الوزراء إن” نسبة الائتمان النقدي الممنوح إلى إجمالي الودائع ربما تتقارب وعلى وفق النسبة المعيارية البالغة 75٪ التي ينبغي أن تصلها المصارف الاهلية او تقترب منها على الاقل، وهي عمليات مصرفية من داخل الميزانيات العمومية للمصارف وتمثل أساسيات العمل المصرفي التقليدي”.
يضيف صالح خلال حديثه مع “مجلة الشبكة العراقية”: ان الحصة السوقية لأكثر من 63 مصرفاً اهلياً في العراق ما زالت لا تتعدى من تلك العمليات الائتمانية و الإيداعية سوى 15 ٪ ازاء استحواذ الجهاز المصرفي الحكومي على 85% من النشاط الائتماني والايداعات وعمليات الاستثمار المصرفي التي تؤشرها هيمنة موجوداته أو اصوله على إجمالي اصول الجهاز المصرفي”.
ويشير المستشار المالي إلى أنه بالرغم من ذلك مازال الائتمان المصرفي النقدي لا يزيد على 11% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة منخفضة عند مقارنتها بالأسواق المصرفية الاقليمية والعالمية، ما يعني أن الادخارات المرغوبة مازالت تعمل خارج دورة الدخل الوطني وخارج النشاط الاستثماري المرغوب والمنظم، أو خارج الاتجاه الضامن لمعدلات نمو مرتفعة في الاقتصاد الوطني”.
مقابل ذلك تتسع القاعدة الرأسمالية وحقوق الملكية المصرفية للمصارف الاهلية لتزيد على 78٪ من إجمالي رؤوس الاموال في القطاع المصرفي وهي مفارقة تعبر عن نمط مصرفي تقليدي يعود الى عصور القرن التاسع عشر من حيث غلبة وتركز راس المال نسبة إلى الأصول المصرفية المختلفة وانخفاض الرافعة المالية من الأصناف الأخرى من خارج حقوق الملكية”.
صياغة القواعد المحاسبية
كما أن مثل هذا الاختلال وفق (صالح) بين ارتفاع رؤوس الأموال في المصارف الأهلية تحديدا وانخفاض الحصة السوقية المصرفية، ولد سلوكا باتت تُغلب فيه العمليات المصرفية من خارج الميزانية العمومية المصرفية على عمليات داخل الميزانية، ولاسيما في الركون إلى التربح من نافذة العملة الاجنبية للبنك المركزي العراقي أو الركون نحو إصدار خطابات الضمان للقطاع الأهلي، ومن ثم تحصيل عوائد مصرفية مضمونة بالغالب، ينخفض فيها عنصر المخاطرة إلى حد ما مقارنة بالعمليات المصرفية من داخل الموازنة، لاسيما المشكلات المرتبطة باسترداد القروض النقدية ونوع الضمانات والقدرة على استرداد الدين، ما يقتضي تطبيق القاعدة المعيارية رقم 9 من المعيار الدولي للتقارير المالية، إذ سيعيد ذلك المعيار صياغة القواعد المحاسبية للأدوات المالية وسيؤثر في تصنيف الموجودات المالية ويفرض متطلبات جديدة حول محاسبة التحوط والأهم من ذلك بالنسبة لقطاع الإقراض المصرفي، إذ سيقدم المعيار أسلوباً معدلاً لمخصصات انخفاض القيمة ونماذج للخسائر المستقبلية المتوقعة المعروفة باسم نماذج الخسائر الائتمانية”.
يكمل صالح: عند النظر إلى اختلال النسب بين حقوق ملكية رؤوس الأموال والعمليات المصرفية نفسها، نجد انعكاسا بشكل واضح حتى على مؤشر عائد الربح على السهم المصرفي بالقيمة السوقية (في السوق المالية الثانوية) الذي يعني حصة السهم الواحد بقيمته السوقية من الأرباح المصرفية الموزعة، التي تعكس نمطا هجينيا نسبيا لم يساعد على رفع القيمة السوقية للاسهم المصرفية الا استثناء”. ففي الكثير من الاحيان تتلازم حصة الارباح المنخفضة على السهم المصرفي الواحد بالقيمة السوقية المنخفض أصلاً وهو امر يزيد الطين بلة حسب قولهِ”.
الإقراض المصرفي
في ذات الوقت طرح المختص في الشأن المصرفي العراقي الدكتور نوار السعدي تقييمه حول الائتمان النقدي في المصارف الحكومية والأهلية في العراق قائلاً : يمكننا أن ننظر إلى الجهود الأخيرة لتعزيز النظام المالي وتحسين وصول الائتمان. فالحكومة العراقية بالتعاون مع البنك المركزي العراقي والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) أطلقت ستراتيجية وطنية للإقراض المصرفي للفترة من 2024 إلى 2029. هذه الستراتيجية تهدف إلى تحسين الشمول المالي وزيادة دور الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد، من خلال توفير التمويل بشروط ميسرة. إضافة إلى ذلك، تأسيس بنك “ريادة” الجديد الذي يهدف إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بتقديم قروض ميسرة، ما يعزز من قدرتها على النمو والتوسع، وبالتالي المساهمة في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الإنتاجية الاقتصادية”.
جهود تحسين البيئة المالية
يكمل السعدي حديثه مع (مجلة الشبكة العراقية) أن” المصارف الأهلية، تم تقديم دعم لها من مؤسسة التمويل الدولية (DFC) التابعة للولايات المتحدة بمبلغ 50 مليون دولار لبنك العراق الوطني. هذا القرض يهدف إلى تعزيز وصول التمويل لرواد الأعمال، مع التركيز على المقترضين لأول مرة والشركات المملوكة للنساء. هذه المبادرات تعكس الجهود المبذولة لتحسين البيئة المالية وتسهيل الحصول على القروض، ما يعزز النمو الاقتصادي ويساهم في تطوير القطاع الخاص في العراق”.
أما فيما يخص الإيداعات المصرفية، فيراها السعدي انها تلعب دورًا حيويًا في دورة الاقتصاد الوطني حيث أن الإيداعات توفر السيولة اللازمة للبنوك لتمويل القروض والمشاريع الجديدة، ما يعزز النشاط الاقتصادي في العراق وأن البنوك في كل العالم تعمل كوسيط مالي بين المدخرين والمستثمرين، حيث تستثمر الإيداعات في مشاريع منتجة، ما يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة وزيادة الإنتاجية الاقتصادية.
استقرار اقتصادي وتنمية مستدامة
من وجهة نظر المختص المصرفي فإن تعزيز دور المصارف وتوسيع نطاق الخدمات المالية يعدان خطوة مهمة نحو تحقيق استقرار اقتصادي وتنمية مستدامة. بالإضافة إلى ذلك، زيادة الشمول المالي من خلال توفير الخدمات المصرفية لفئات أكبر من السكان يساهم في تقليل الفقر وتحقيق النمو الاقتصادي المتوازن”.
وبالعودة إلى (صالح) فقد أكد أهمية إصلاح القطاع المصرفي بشقيه الحكومي والأهلي على نحو يحقق تجانسا ووحدة وتنافسية عالية في السوق المصرفية، فضلاً عن حوكمتها وتكاملها رقمياً مع السوق المصرفية في العالم، وهذا ما تعمل عليه سياسة الاصلاح المصرفي التي تتبناها الحكومة حاليا وبالتنسيق مع اصحاب المصلحة من المشمولين بخطوات الإصلاح وبرنامجه الحالي في القطاع المصرفي الحكومي والأهلي”.