#خليك_بالبيت
آية منصور/
لم يكن أحمد جواد، العامل في مجال البناء، والمعيل الوحيد لعائلته، على علم بأن الحجر الصحي الذي فرض على العراق، والعالم أجمع، سيجعله يقتسم الخبزة المتبقية مع عائلته ويظل في حيرة من أمره. أحمد الذي حاول مراراً وتكراراً الاتصال بصاحب المنزل الذي يقوم ببنائه، من أجل إكمال البناء، لم يجد وسيلة تعيد الروح لأولاده الجائعين.
– طرق أحدهم الباب يوماً، وعندما فتحته وجدت أكياساً عديدة من المؤونة الغذائية والخبز والمعلبات الجاهزة، لقد كانت هدية من السماء.
هذه السلة الغذائية، التي أنقذت أحمد وعائلته، أنقذت كثيرين في فترة الحجر التي دامت أكثر من شهر ونصف، عانى فيها الأُجراء المياومون ما عانوه، لكن أيادي الرحمة وروح التعاون التي تتجلى في الأزمات كانت حاضرة بقوة، ولم تترك محتاجاً إلا وطرقت بابه، وأعانت أسرته في تلك الفترة حتى عودة الحياة إلى طبيعتها.
على نهج الإمام
تمكن السيد حسن دشر، وهو المشرف العام لجمعية “على نهج علي (ع) الخيرية”، من جمع المعونات من المواطنين وتوزيعها في مختلف المناطق، لكنه يؤكد أن فكرة التبرعات ليست وليدة اللحظة ولا بسبب الحظر الصحي، إذ يعمل ورفاقه من المتطوعين منذ ما يقارب الثماني سنوات في هذا المجال الإنساني لإسعاف العوائل التي تعيش تحت خط الفقر في العراق عموماً، ويضيف:
-أنشأنا (كروباً) على الواتساب باسم (على نهج علي ع) وكان عملنا يقتصر على مساعدة الفقراء معيشياً ودفع الإيجارات وإجراء العمليات، وبعدها تطور العمل لبناء دور للأيتام وأيتام الحشد.
بناء الأمل للأيتام
استطاع السيد حسين وفريقه بناء أكثر من ٤٠ داراً، وسيتم الافتتاح في أيام العيد: مجمع سكني مكون من ١٤ داراً للأيتام وأيتام الحشد. وفي ظل ظروف وباء كورونا أخذ السيد حسين على عاتقه إسعاف العوائل ومساعدتهم في هذه الأزمة، ولم يقتصر العمل على الفقراء والأيتام فقط، بل شمل حتى أصحاب الدخل المحدود في مناطق متفرقة من محافظات العراق مثل النجف والحلة.
– في بغداد كان العمل أوسع وأكبر بسبب كبر حجم العاصمة، لذلك شمل العمل مناطق متفرقة في بغداد مثل حي طارق وحي السفير وحي الرحمة وقرية فرحان ومنطقة سيد منذر ومنطقة الرشاد والعشوائيات في منطقة الاستكشافات النفطية وسبع قصور وتم توزيع أكثر من ١٥٠٠ سلة في بغداد فقط عدا الحلة والنجف.
دعم السويد
عن التبرعات التي تصل إليهم، يؤكد السيد حسين أنها تأتي بفضل ودعم الإخوة المتبرعين العراقيين المقيمين في السويد، إذ مكّنتنا من بناء المجمعات وهم كذلك من ساعدوا العوائل بالسلّات الغذائية والثياب.
– الحقيقة أن٩٠% من المتبرعين في گروب (على نهج علي ع) هم من العراقيين المقيمين في السويد والباقي من الداخل. أما نوعية السلة الغذائية فتتكون من المواد التالية: الرز والشاي والعدس والزيت والمعجون والشعرية والأجبان والدجاج العراقي وبيض المائدة، فضلاً عمّا تحتاجه العائلة من الخضراوات كالطماطم والبطاطا والخيار والبصل والباذنجان، كذلك الفواكه مثل الموز والبرتقال والتفاح، وهذا جميعه موثق ومصور وأحياناً نوزع مع كل وجبة ما مقداره كيلو لحم إذا لم يكن هناك دجاج.
طريق الجنة
أما جمعية (طريق الجنة) التي يترأسها الدكتور اسماعيل حيدر، فكانت قد أسست عام 2014 من أجل كفالة الأطفال الأيتام من أبناء الحشد الشعبي، الذين لم يحتسب لهم راتب تقاعدي، واستمرت الجمعية بنشاطاتها، حسبما يؤكد لنا دكتور اسماعيل، لتتوسع أكثر بانضمام أكثر من 60 عضواً إليها، بعد أن بدأت بستة أطباء وتربويين وأكاديمين.
ويرى الدكتور اسماعيل أن نشاطها في فترة الحجر استمر بصورة يومية لتوزيع المعونات الغذائية والمستلزمات الضرورية للعوائل المتعففة وأصحاب الأجور اليومية، ويتابع بالقول:
– نضطلع حالياً بكفالة الأيتام والعائلات المحتاجة ورعايتهم في ظل الظرف القاهر بسبب تفشي فايرس كورونا، فقد كفلنا ٥٠ عائلة و ٦٠ طفلاً، كما نرعى عدداً من العائلات بضمنهم ٢٠٠ طفل تقريباً، وتساعدنا القوات الأمنية بتسهيل تنقلاتنا من أجل إعانتهم.
وتمكنت جمعية (طريق الجنة) من توفير أكثر من 418 سلة غذائية في جانبي الكرخ و الرصافة، قدموا منها ٢٧٥ سلة موزعة على ثلاث وجبات مختلفة في جانب الرصافة في مناطق الحميدية وسبع قصور وحي طارق والرشاد والعبيدي وغيرها، وفي جانب الكرخ وزعنا ١٤٣ سله غذائية على وجبتين، وكانت كل سلة تشتمل على مستلزمات غذائية ضرورية وغير قابلة للتلف، فضلاً عن مبلغ مالي قدره 50 ألف دينار للعائلات الصغيرة، و100 ألف للعائلات الكبيرة.
السوشيال ميديا تنقذ المحتاجين
فيما اكتفى الصحفي إياد عامر بجمع التبرعات وحده، فقد آلمته فكرة وجود مواطنين غير قادرين على توفير مستلزماتهم الغذائية اليومية بسبب اعتمادهم الكلي على مصدر رزق يومي انقطع في فترة الحظر، ما جعله يفكر بكيفية جمع التبرعات، ولم يكن له سند غير مواقع التواصل الاجتماعي، التي نشر فيها رقم هاتفه وطلبه جمع التبرعات للإخوة المتضررين من الحجر، يضيف:
– كان لدي راتب يمكنني من العيش برخاء في فترة الحظر، لكن ليس الجميع مثلي بطبيعة الحال، لذا قررت كتابة منشور أدعو فيه المهتمين للتبرع والتوجه اليهم بنفسي من أجل تسلّم تبرعاتهم.
تمكن إياد من توفير أكثر من 70 سلة غذائية لتوزيعها على المتعففين في جانب الكرخ من بغداد مؤكداً استمرار حملته:
– كل ما أحتاجه هو زيادة المتبرعين، أحياناً اضطر إلى أن اختار بين المحتاج، والمحتاج أكثر، لتسليمه السلة الغذائية وذلك لقلة التبرعات.