إحسان المرسومي /
لم تكن ليلة الخميس، التاسع عشر من شهر كانون الثاني، بالليلة العادية في حياة العراقيين عموماً، والبصريين بشكل خاص. ففي هذا اليوم، وتحديداً عند الساعة التاسعة والنصف مساءً في ملعب جذع النخلة، أعلن الحكم الروماني (ستيفان كوفاكس)، الذي أدار المباراة النهائية بين منتخبنا الوطني وشقيقه العماني، عن تتويج منتخبنا بلقب (خليجي 25).
إثر فوزه بثلاثة أهداف لهدفين على شقيقه المنتخب العماني، بعد مباراة دراماتيكية ومثيرة تلاعبت بأعصاب ومشاعر 65 ألف متفرج حضروا اللقاء في الملعب، ومن خلفهم 42 مليون عراقي تسمروا خلف شاشات التلفزة بانتظار الفرحة التي غابت عنهم منذ أكثر من ثلاثة عقود عن آخر تتويج لبطولة الخليج حصل عليها منتخبنا في الرياض عام 1988.
المباراة التي عدت من أجمل وأكثر المباريات النهائية لبطولات الخليج العربي إثارة، التي حضرها مسؤولون على أعلى المستويات في الحكومة العراقية، يتقدمهم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، كانت ممتعة، بل إنها حبست الأنفاس حتى الثواني القليلة الأخيرة، بدلاً من أن تتجه المواجهة إلى الركلات الترجيحية من علامة الجزاء، عندما جاءت رأسية المدافع (مناف يونس) كوقع الشهد على قلوب مشجعي أسود الرافدين، مع أن الفوز بقي معلقاً إلى حين العودة إلى كابينة حكام (الفار) الذين أكدوا شرعية الهدف، ليطلق -بعد ثوانٍ- اللاعبون والجمهور العريض العنان لفرحتهم، كل على طريقته الخاصة، لتعود كأس الخليج الغالية إلى خزائن الاتحاد العراقي متوجاً بها للمرة الرابعة في تاريخ مشاركاته السابقة.
ختامها مسك
لم يقلّ حفل ختام بطولة (خليجي 25) روعة عن سابقه الذي أقيم في الافتتاح، إذ استأنس الجمهور بعدة فقرات جميلة، وقد ابتدأ الحفل في فترة ما بين شوطي المباراة بأغانٍ جميلة للمطربين ماجد المهندس وأحلام، وسط تشجيع كبير من الجمهور، بينما كانت أجواء التتويج رائعة وهي تحاكي حضارة ما بين النهرين، مع الألعاب الليزرية المزينة بالألوان التي أظهرت الملعب لوحة بريشة فنان عالمي. بعدها قام دولة رئيس مجلس الوزراء، ورئيس الاتحاد الخليجي، ورئيسا الاتحادين العماني والعراقي بتوزيع الميداليات بين لاعبي المنتخبين الشقيقين، وقد حصل لاعب منتخبنا أيمن حسين على لقب هداف البطولة، وإبراهيم بايش على لقب أفضل لاعب في البطولة، فيما حصل حارس منتخب عمان على لقب أفضل حارس مرمى في البطولة.
تكريم المنتخب
ربما أسدل الستار على منافسات البطولة بنسختها الخامسة والعشرين وختامها المسك بتتويج أسود الرافدين، إلا أن ستار الاحتفالات والأفراح والليالي الملاح لم يسدل حينها، إذ بدأ وفد منتخبنا جولة في الباص على كورنيش البصرة، ومن ثم غادر مساء إلى بغداد على متن طائرة خاصة خصصتها لهم الحكومة العراقية، ومن المطار توجه الوفد مباشرة إلى ساحة الاحتفالات الكبرى في المنطقة الخضراء ليشاركوا في أفراح أبناء شعبهم الذين تغنوا بالإنجاز عبر الأغاني الوطنية والحماسية.
ماذا بعد الإنجاز
تتويج المنتخب بلقب خليجي 25 لم يمر مرور الكرام، دون أن تكون هناك التفاتة جميلة من لدن الحكومة لتكريم أبنائها اللاعبين ومن أعلى المستويات، إذ وجه رئيس الوزراء، بمعية رئيس الإقليم نيجرفان البارزاني دعوة للوفد أعلن خلالها عن موافقة مجلس الوزراء على تكريم وفد المنتخب والجهازين الفني والإداري وأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد الكرة بقطع أراضٍ سكنية في بغداد مع جواز دبلوماسي. وقال السوداني خلال اللقاء إن “الحكومة سوف تولي اهتماما كبيراً بالقطاع الرياضي بشكل عام، والمنتخب الوطني لكرة القدم بشكل خاص، وسيحظى هذا المنتخب بنفس الاهتمام والدعم والمساندة في البطولات التي تقام داخل أو خارج العراق، وهذا عهد ووعد من الحكومة تجاه المنتخب، إذ أن علينا الدعم والمساندة والمؤازرة وعليكم الفوز بالبطولات.”
من جهته، قال رئيس اتحاد الكرة عدنان درجال إن “حفل افتتاح خليجي 25 أبهر العالم وجعل صورة العراق مختلفة كلياً عما شهده في السنوات الماضية، وجاء ختام البطولة مسكاً عندما توِّج لاعبونا الأبطال بلقب خليجي 25 بعد أن غاب عنهم أكثر من 35 عاماً.” وقدم درجال شكره وتقديره العاليين إلى رئيس مجلس الوزراء، قائلاً “لقد كنتم الداعم الأول والأخير لنا، ومتواصلاً معنا طيلة الفترة السابقة، وأمامنا مسؤولية كبيرة، لذا فقد وضعنا خططنا الستراتيجية لإنجاز عملنا المستقبلي، وهو التأهل إلى نهائيات كاس العالم، وقد كانت أولى خطواتنا تعاقدنا مع كادر تدريب إسباني لمدة أربع سنوات.”
فيما قال محافظ البصرة أسعد العيداني: “أقدم شكري الأول والأخير إلى الشعب العراقي، لما قدمه من تشجيع نظيف وحفاوة الاستقبال للأشقاء الخليجيين، لقد راهنّا على المجتمع العراقي في أن يظهر صورته الحقيقية، والحمد لله، اليوم قبلت البصرة التحدي وجمعت كل العراقيين والأشقاء الخليجيين، وليس من باب الإطراء والمديح، فإن هذه الحكومة قد نجحت رغم عمرها القصير.”
الصدر يبارك فوز المنتخب
وبارك سماحة السيد مقتدى الصدر للاعبي منتخبنا الوطني فوزهم ببطولة خليجي 25 في البصرة، وقال السيد الصدر، الذي استضاف بمقره في النجف وفد المنتخب الوطني إن “الفوز أثلج قلوب العراقيين وأفرحهم كثيراً، وجاء نتيجة جهود كبيرة قدمها اللاعبون في مباريات البطولة.” وأبدى السيد الصدر دعمه الكبير للمنتخب من أجل تحقيق أفضل الانتصارات، ومن بينها التأهل إلى نهائيات كأس العالم.