إياد الخالدي/
على الرغم من الأهمية الكبيرة لانتخابات مجالس محافظات العراق، التي تعد جزءاً حيوياً من العملية الديمقراطية في البلاد، كونها تمثل فرصة للمواطنين للمشاركة في اختيار من يمثلهم ويدير شؤون محافظاتهم، لكن العديد من المعطيات تشير الى اهتمام المواطنين بهذه الانتخابات التي تعد مناسبة لتجديد الثقة بالحكومات المحلية واختيار المرشحين الذين يمثلون تطلعات الناس ويعملون على تحقيق مصالحهم.
لذا فقد كانت الحملات المكثفة التي نظمتها القوى المشاركة، والتجمعات التي قادتها الرموز السياسية الكبيرة، من العوامل التي تسهم في جذب المواطنين الى صناديق الاقتراع.
ستة آلاف مرشح
وقد أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن عدد المرشحين الكلي للانتخابات هو 6022 مرشحاً موزعون على 38 تحالفاً، فيما يبلغ عدد التحالفات والأحزاب والأفراد 163، في حين بلغ عدد المرشحين للتحالفات 4223 مرشحاً، وعدد المرشحين للأحزاب 1729 مرشحاً، وللأفراد 70 مرشحاً، مشيرة إلى أن عدد المرشحين من المكون المسيحي 16 مرشحاً وللصابئة 10 مرشحين، وللكرد الفيليين 13 مرشحاً، ولمكون الشبك 5 مرشحين، وللإيزيديين 4 مرشحين.
يتنافس المرشحون على إجمالي عدد المقاعد بحسب عدد السكان بواقع 275 مقعداً، 203 للرجال و72 للنساء، فضلاً عن 10 مقاعد للمكونات، وبالتالي يبلغ إجمالي عدد المقاعد الكلي 285 مقعداً.
تعد هذه الانتخابات ثالث انتخابات لمجالس المحافظات بعد آخر انتخابات محلية جرت في نيسان 2013، وقبلها أُجريت انتخابات مجالس المحافظات في عام 2009.
قوى جديدة وأخرى تقليدية
وعلى الرغم من أن قانون انتخابات مجالس المحافظات لن يتيح للمستقلين والقوى الناشئة تحقيق منافسة متوازنة، فإن الانتخابات على الأرجح ستشهد تنافساً حيوياً بين مختلف الأحزاب والمرشحين الحزبيين والمستقلين، إذ تعكس اللافتات الكبيرة حجم المشاركة للكتل السياسية وتنوع الرؤى والبرامج التي يطرحها المرشحون لتحقيق التقدم والتنمية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المحافظات.
وتضم خارطة القوى الأكثر بروزاً تحالف (قوة القرار) الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي سيواجه أبرز حلفائه في الإطار التنسيقي الحاكم تحالف (نبني)، وتحالف (أجيال) الذي يقوده النائب محمد الصيهود. وعلى الجانب الآخر يستمر تحالف (نحن أمة)، الذي يتزعمه محمد الحلبوسي، المبعد بقرار قضائي عن رئاسة مجلس النواب، بتعزيز حملته في مواجهة أبرز منافسيه من تحالف (عزم)، فيما يسعى محمد الكربولي للعودة الى واجهة القرار من خلال تحالف (الأنبار الموحد).
كذلك يشارك تحالف (الحسم)، الذي يتزعمه وزير الدفاع الحالي ثابت العباسي، الذي يضم 9 أحزاب، فضلاً عن القوى الكردية التي تضم الحزبين الرئيسين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الديمقراطي، وبعض القوى المتنافسة في محافظات إقليم كردستان وكركوك.
وفضلاً عن الدعوات والحملات التي تنظمها القوى المشاركة في الانتخابات، فقد دعت قوى اجتماعية مدنية ودينية الى ضرورة المشاركة في الانتخابات، لكي يسهم المواطنون في صناعة مستقبلهم وتحسين أوضاع محافظاتهم من خلال اختيار القيادات الفاعلة التي تعكس مصالحهم وتعمل على تحقيق التقدم والاستقرار في المنطقة.
وعلى الرغم من أن المعطيات الأولية للانتخابات تشي بمشاركة فاعلة توازي أهمية وتأثير هذه الانتخابات، لكن القوى التقليدية تعول على جمهورها الحزبي في كسب الأصوات التي تؤهلها الى المنافسة على المقاعد المخصصة للفائزين في جميع المحافظات.
في المقابل، نجد أن هناك عدداً كبيراً من المواطنين يؤمنون بأهمية الانتخابات، لكنهم يقولون إنهم لا يبحثون عن تغيير لمجرد التغيير، بل الى تغيير إيجابي، وهذا لم يتحقق، لأن بعض القوى التقليدية تهيمن على المشهد وتتبادل لعبة تقاسم الأدوار والحصص حسب معطيات المشهد السياسي السابق.
صنع القرار
ومن المؤمل أن تشهد الانتخابات أيضاً مشاركة واسعة للنساء، لتأكيد حقيقية أن المرأة باتت تدرك أهميتها وتأثيرها في المشهد السياسي، وأن لها الحق في صنع القرار والمشاركة الفاعلة في بناء الدولة والمجتمع.
في المقابل فإنه لا يمكن أن نتوقع حدوث تغيير إيجابي من دون مشاركة واعية وفاعلة في الانتخابات، إذ لا سبيل الى تحقيق التطلعات إلا بالحبر البنفسجي، ووضع الأصوات في صناديق الاقتراع.