أحمد سميسم /
فنانة بصرية طموح ولجت مجال الرسم في عمر مبكر لتسمو موهبتها في فضاء الإبداع، يداعب إحساسها صخب الألوان، وتستعين بالواقع عند تنفيذ لوحاتها المترعة بالحزن والتعابير الموغلة بالوجع المتراكم في وجوه شخصياتها الفنية، تؤمن أن الإنسان هو العلّة الحقيقية التي تنطلق منها المشاعر الجياشة في الفن التشكيلي، كما أنها تسعى الى تحقيق حلمها في إنشاء مؤسسة لدعم المواهب الفنية.
“مجلة الشبكة العراقية” التقت الفنانة التشكيلية ميادة الإمارة في هذا الحوار الصحفي:
* متى بدأت موهبة الرسم تنضج لديك؟
– بدأت تنضج منذ الطفولة بعمر أربع سنوات عندما كنت في الروضة، إذ كان للمعلمة حينها دور كبير في تنمية موهبتي وكانت تتابعني عندما ألوّن في كراسة الرسم ويلفتها مدى تنسيقي للألوان، ثم جاء بعد ذلك دور الأهل لاسيما أبي الذي أدخلني في دورة تعليم أساسيات الرسم عندما كنت طالبة في الصف الخامس الابتدائي وكنت حينها أسكن في محافظة دهوك وشاركت في المعارض والمسابقات وحصلت على المركز الأول في المحافظة.
* تبدو أعمالك بعيدة عن الحداثة ورسوماتك يطغى عليها فن البورتريه، لماذا؟
– أميل للواقع أكثر وأحب أن أجسد تعب السنين أو تعابير الحزن والوجع والفرح في وجوه الناس، إذ أني أميل للمدرسة الواقعية مبتعدة عن الحداثة لأن مفهوم الحداثة هو إيصال فكرة أو موضوع غير مرئي في مخيلة الرسام الى موضوع مرئي قد لا يفهمه المتلقي، كما أنه لا ضير من أن أجرب الحداثة في أعمالي الفنية برغم حبي للواقعية بشكل واسع.
* أي الأشخاص كان له تأثير في اتجاهك للرسم؟
– لا يوجد شخص مؤثر قدر ما هي موهبة نابعة من إحساس بجمال الطبيعة والألوان الزاهية، لكن يبقى تأثير الأسرة وتشجيعها لي في تحقيق أهدافي في هذا المجال.
* كيف كان تأثير البيئة على أفكارك وألوانك؟
– البيئة لها تأثير واضح على أفكاري وألواني بأبعادها الشكلية والروحية والاجتماعية، وقد تدخلت في اختيار الإنسان لما يرتديه وكذلك من مسكنه وطبيعة عيشه، وهذا أدى الى بلورة الأشكال التقليدية المعروفة وإسقاطها على المنجز الفني في عمل إبداعي يميزه في بيئته الاجتماعية، لذلك ترتبط البيئة بحياة الرسام وسلوكه، وتساعده في تطوير قدرته على الصياغة والتكوين بالاستناد الى فكر ذاتي أو مدرسة فنية معينة ينطلق منها الشكل.
* هل على الفنان التشكيلي أن ينهل من كل الينابيع أم أن عليه أن يتخصص في مدرسة فنية بعينها؟
– ليس بالضرورة، فبإمكان الفنان أن ينهل من كل الينابيع أو يمكنه التخصص بمدرسة فنية، فمدارس الفن كثيرة وفي تطور مستمر واينما يجد الفنان نفسه سيأخذه إحساسه وميوله الى اتجاه معين.
* برأيك أيهما أهم في اللوحة اللون أم الفكرة؟
– اللون أهم، لأن الألوان تجذب النظر أسرع لا سيما اذا كانت اللوحة متناسقة يمكن اقتناؤها وتعليقها لكن الفكره تحتاج تكامل موضوع ولون.
* أي الألوان تفضلين؟
– أعشق جميع الألوان والأفضل لدي الألوان الحارة أو الدافئة لأنها تميل الى الضوء وتستخدم عادة في إظهار الابتهاج.
* من أين تستقين موضوعات لوحاتك، أمن الخيال أم من الواقع؟
– من الواقع، وأكثر أعمالي هي البورتريه أو الوجوه لأن الموضوع الحقيقي للفن هو الإنسان الذي يعد العلّة في تفسير الآثار التي يحدثها الفن في مشاهديه وكيف يحركهم تحريكاً عميقاً وهو يثير فيهم المشاعر العميقة للحياة التي يشترك فيها الجميع.
* يقول الرسام الهولندي الشهير “فينسنت فان كوخ”: (ليس على الرسام أن يرسم ما يرى، بل ما سوف يرى) هل تتفقين مع هذه المقولة؟
– أعتقد أن فان كوخ كان يقصد ما يراه في عالم الخيال لأنه كان يعاني من اضطرابات نفسية وعقلية أو يمثل حالة الرسام الوجدانية وخياله، ربما يتفق الكثير مع هذه المقولة لكن أنا كرسامة واقعية لا أتفق معها.
* هنالك رأي يقول ما فائدة الرسام الذي لم تقتنَ أعماله الفنية، لتبقى تلك الأعمال حبيسة داخل أسوار المعارض وكأنها لوحات للنظر فقط ! بماذا تعلقين؟
– الاقتناء يكون حصيلة خلفية ثقافية وعلمية، وليس ذنب الفنان إن لم تقتنَ لوحاته الفنية، لذا من الضروري أن تكون لدينا ثقافة فنية مجتمعية تلهم الفنان في إبداعه لتتحول أعماله الفنية الى كنز ثمين.
* هل كل من يرسم يعدُّ فناناً و مبدعاً؟ أم ثمة مقاييس ومعايير للفنان التشكيلي؟
– كلا، ليس كل من يرسم يعد فناناً مبدعاً، فهناك معايير جمالية تحدد لنا الجودة من عدمها لكن مع كل جيل ينخفض سقف المعايير، مع ذلك يبقى معيار الخبرة والاحترافية هو الذي يحدد معيار الفنان الناجح والمبدع، بمعنى أنه إذا أراد الرسام أن يكون بارعاً فعليه الاستمرار في التعلم والبحث عن تقنيات فنية ليُطور أسلوبه الشخصي وعليه عدم الاكتفاء في الوصول الى الشهرة، والتركيز على المواضيع التي يشعر الرسام تجاهها بالشغف.
* ما القضية الأبرز التي تشغل بال الفنانة ميادة الأمارة ؟
– قضية احتواء وتنمية المواهب ودعمها وإيصالها الى النور، لتكون لتلك المواهب مكانة كبيرة في المجتمع لخدمة الصالح العام.
* يتحدى الفنان دوماً الواقع والظروف، ما أهم التحديات التي واجهتك في رحلتك مع الفن؟
– كثير من الظروف والمعوقات التي تواجهني وتواجه أي فنان، قد تكون ظروفاً اجتماعية كمسؤولية الأسرة والأبناء والزوج، بمعنى التزامات الحياة، لكن الإنسان القوي الطموح يستطيع ان يجتاز هذه المعوقات.
* ما طموحك في المستقبل ؟
– الطموح لا حدود له، حققت شيئاً منه بإقامة معرضي الشخصي الأول وآمل في إقامة معرضي الثاني والاشتراك بمعارض فنية خارج العراق وكذلك إقامة مؤسسة لدعم المواهب الفنية.
*هل لمشكلات الفنان تأثير في تكوين لوحاته، كما الحال مثلاً بالنسبة للشاعر؟
– لا شك أن الظروف والمشكلات والمواقف تؤثر على إلهام الفنان سواء أكانت تأثيرات إيجابية أم سلبية، أو إذا كان متفائلاً أم متشائماً واذا كان حالماً أم واقعياً ستنتقل تلك المشاعر الى لوحاته وتنعكس لا إرادياً في تكوين لوحته.
* هل هناك وجه ما يدور في مخيلتك تسعين دائماً إلى رسمه بشغف؟
– لا يوجد وجه معين في مخيلتي، لكن لدي شغف في رسم وجوه كبار السن احتراماً وإجلالاً لكل خط رسمه الزمن في طيّات وجوههم.
* هل لديك أجواء خاصة أثناء مصاحبتك الريشة؟
– نعم أهم شيء في أجوائي هو الهدوء وإضاءة عالية مع موسيقى كلاسيكية جميلة.
* برأيك هل هناك رسم عبثي لا معنى له؟
– نعم يوجد رسم عبثي لا معنى له ومعظمه يجسد في المدارس الحديثة بسبب حالة الصراع في ميول الفنان للبحث عن هدفه في الحياة وعدم مقدرته على فعل ذلك في الواقع، فيلجأ الى رسم عبثي يمثل حالته الشخصية غير المفهومة.