“سأعود”، قالت الموصل وهي تلملم جراحها التي طالما وقفت عليها كاتمة صرخة ألم لا تليق بها..
“سنعود”، قالت تلعفر وأخواتها من بلدات وقرى نينوى التي وضعت الملح على جراحها وبدأت تصلي بانتظار الخلاص.
«سنعود»، قالت محافظات العراق وهي تستقبل نازحي نينوى، تفتح لهم القلوب قبل البيوت، «سنعود» ونضحي بالنذور في غابات الموصل.
«سأعود».. تقول أم محمد، النازحة مع عائلتها في رحلة نزوح موجعة من تلعفر إلى سنجار وإلى حول أربيل وحول كركوك وصولاً الى كربلاء المقدسة دامت أكثر من نصف يوم.. قالت أم محمد «حين كانت السماء تمطر، كنت وزوجي نحاول تجميع قطرات المطر التي تتسرب إلى الغرفة الوحيدة التي نسكنها كعائلة، من سقفها العتيق كي لا يصاب الصغار الثلاثة بالمرض».. وتمكنت مع زوجها وبمساعدة الأهل أن ترمم ذلك السقف في الأسبوع الأول من حزيران 2006 وتنفست الصعداء وقالت لزوجها إن الشتاء المقبل لن يكون متعباً.. وبعد أسبوع، كانت وسط آلاف النازحين مع زوجها وصغارها، غادروا بيوتهم ليلاً، الجميع كان ينظر تحت قدمه ليعرف الطريق وهي الوحيدة التي كانت بين نظرة وأخرى تنظر الى الوراء، قد تتمكن من رؤية ذلك السقف لمرة أخيرة..
مع بدء عمليات تحرير الموصل، اتصلت بها، وبنبرة سعيدة أكدت أنها لملمت ما لديها من أغراض وملابس وهيأت أطعمة جافة لطريق العودة.. قالت أم محمد «سنعود، لن أتساءل كم ستطول العمليات العسكرية، نحن مع بيان انطلاق العمليات عدنا بأرواحنا».. وتحلم أن ترى ذلك السقف مرمماً كما تركته، والشتاء القادم سينامون من دون خوف.
«سنعود» ورسالة من موصليّ نشرها بعد دقائق من بدء العمليات قال فيها: «بالكعبة أهلي من الموصل يقولون نحس أكو ملائكة اليوم بالسما وحتى ريحة الهوا تغيرت.. يا رب عجل بنصرك واحفظ أبطالنا بكل صنوفهم..»..
«سنعود»، ورسائل بالآلاف من العراقيين في الداخل والخارج تنهال على مواقع التواصل الاجتماعي، ترسل الحب والأمل إلى نينوى ومركزها الموصل، ويجيب الآلاف من أبناء الموصل النازحين «سنعود». ورسالة من جندي عراقي كتبها فور إبلاغه بأن العمليات على وشك أن تبدأ، قال فيها «كلّ أهل نينوى هم أهلي وأهلنا ولو كان لديّ وقت لكنت صورت ابتسامتي لتروها، ابتسامة احتفظ بها لكم».
«سنعود»، وجيش ألكتروني بدأ معركته ضد الظلاميين قبل أيام من بدء المعركة، هو الجيش نفسه الذي كان ظهيراً للقوات المسلحة العراقية بمختلف صنوفها حين بدأت عمليات تحرير صلاح الدين والرمادي والفلوجة.
وسنعود جميعاً إلى الموصل، إلى نينوى، سنصلّي في المكان الذي كان فيه مرقد النبي يونس (ع) وفي دير مار متي وفي كل بقعة سال عليها دم عراقي ظلماً، سنصلي ونحتفل معاً، العراق كله على موعد مع نصر حاسم..