علي غني/
أثار تصريح نقيب صيادلة العراق مصطفى الهيتي بشأن التخمة في أعداد الصيادلة في العراق، الذي بين فيه “أن الحاجة الفعلية هي 16 ألف صيدلي، بينما نمتلك أكثر من 30 ألفاً.” ردود أفعال متباينة، بين رافض ومؤيد ومتردد ومدافع.
ومازال الحل لغزاً بين الأهالي الرافضين ذلك، والجامعات الأهلية التي ترى فيه قطعاً للرزق. ونقابة الصيادلة التي تعده ضغطاً على وزارتي التعليم العالي والتخطيط لإيقاف استحداث مزيد من الكليات الأهلية، ووزارة الصحة الحائرة في توزيع الخريجين على مؤسساتها المعدودة، فيما نحن نترقب القرار الذي يرضي الجميع.
عملة صعبة
حملت أوراقي الى أولياء الأمور الذين صوبوا آمالهم نحو الكليات الأهلية بعد أن حصل أبناؤهم على معدلات تجاوزت الثمانين بالمئة، فهذا (أبو مريم) الذي لديه أموال كافية تتيح لابنته العزيزة (مريم) الالتحاق بكلية صيدلة في إحدى الكليات الأهلية، فهو مستعد لدفع الأقساط مهما غلا سعرها، وربما كان في كلامه شيء من الصحة. يقول: “أنا أدفع الأموال من أجل تحقيق أمنية ابنتي بدراسة الصيدلة ولا سيما ان الكلية قريبة منا.” وتساءل: “هل أدفع الأموال في بلدي أحسن، أم أدفعها الى كليات دول الجوار او الكليات في دول العالم الأخرى، وبذلك نخسر عملة صعبة لدول غير بلدي، لذا فأنا أعيش قلقاً بشان معيشة ابنتي في الخارج، فلماذا تضع وزارة التعليم العالي المعوقات؟ وحتى نقابة الصيادلة يجب عليها أن تسهم في الحل بدلاً من اختيار حلول تحرم الطلبة من مواصلة الدراسة في علم الصيدلة.”
لا اخفي الحقيقة في أن كلام السيد (أبو مريم) أيده جميع أولياء أمور الطلبة الذين يمتلكون القدرة على دفع الأقساط الدراسية بسهولة، الراغبين بإكمال دراسة أبنائهم في داخل العراق، في حين فضل الأولياء الآخرون دراستهم في خارج العراق،( مشككين) في علمية الكليات الأهلية.
أين وزارة التعليم؟
اتصلت بالأخ مدير إعلام التعليم العالي والبحث العلمي، الدكتور حيدر العبودي، لكنه لم يرد علي، وكررت الاتصال به وفشلت أيضا، ثم كتبت له عن طريق الواتس أب، وأخبرته بتصريح نقيب الصيادلة عن التخمة التي تواجهها هذه الكليات والأعداد المتزايدة للقبول في كليات الصيدلة، ولاسيما في الكليات الأهلية، ولم يرد ايضاً، مع أني رجوته باسم الصداقة التي بيننا، ولكن لم ينفع الأمر، فقررت أن أذهب الى جهات أخرى مادام (الدكتور) يتملص مني، فسلمت أمري الى الله.
قرار الإيقاف
ذهبت الى نقابة الصيادلة التي صدر من نقيبها التصريح الذي أثار ردود أفعال عديدة، والحق يقال أن المتحدث الرسمي باسم نقابة صيادلة العراق الدكتور محمد شيرخان أخبرنا بصورة واضحة بالخطوات التي اتخذتها النقابة للحد من أعداد المقبولين في كليات الصيدلة إذ قال: “عقدت اللجنة المؤلفة بموجب قرار مجلس الوزراء (٩٢) لسنة ٢٠٢٠ المكلفة بتحديد خطة القبول في كليات المجموعة الطبية والصحية، وبضمنها كليات الصيدلة، جلستها الخاصة بشان هذا الموضوع بحضور الوكيل الفني لوزير التخطيط ونقيب صيادلة العراق الدكتور مصطفى الهيتي وممثلين عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الصحة ومجلس الخدمة الاتحادي ونقباء المجموعة الطبية والصحية، فقررت إيقاف استحداث كليات الصيدلة في الجامعات الحكومية والأهلية وتقليل أعداد القبول في كليات الصيدلة في الجامعات والكليات الأهلية ضمن الطاقة الاستيعابية وبما لا يزيد عن النصف من خطط القبول في سنة الأساس ٢٠١٩/٢٠٢٠ ، على أن لا يتعارض ذلك مع التوصية في فقرة رفع المعدلات المطلوبة كحدود دنيا للقبول في التعليم الأهلي ولفتح ملف دراسي للدراسة خارج العراق، او لتقييم الشهادة الحاصل عليها خارج العراق للتخصصات الطبية والصحية وبما يساوي ضعف الفرق المعتمد في الحدود الدنيا المطلوبة للقبول في الدراسة الموازية (الحكومي الخاص).”
وتابع الدكتور محمد شيرخان: الى جانب تطبيق المعايير الاعتمادية الوطنية التي أقرتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الجامعات والكليات الحكومية والأهلية، لاسيما معايير اعتمادية التخصصات الطبية والصحية وبضمنها كلية الصيدلة لضمان العدد والنوع المطلوب وفق المعايير العالمية.
معامل الأدوية
وأعود الى موقف ممثل التعليم العالي والبحث العلمي، الذي هو عضو في اللجنة المؤلفة بموجب قرار مجلس الوزراء الذي وقع على وقف استحداث كليات للصيدلة، وتقنين الأعداد المقبولة في كليات الصيدلة، وبذلك فإننا قد توضح لنا موقف وزارة التعليم العالي. ولكي نستأنس برأي الكليات الأهلية، زرنا كلية الصيدلة في جامعة الفراهيدي الأهلية برفقة مدير إعلام الجامعة الأستاذ مصطفى، فكانت باستقبالنا عميدة الكلية، الأستاذة المساعدة الدكتورة عواطف عبد إبراهيم العاني، التي اصطحبتنا بجولة في داخل الكلية، وهي تتحدث عن ما أثير عن تخمة أعداد طلبة كليات الصيدلة في الكليات الأهلية فقالت: “لو أن الحكومة قامت بفتح معامل أدوية أهلية وشغلت المعامل المتوقفة، لكنا قد استوعبنا الأعداد المتزايدة، فضلاً عن عدم فتح مستشفيات وعيادات طبية حكومية جديدة، وأقول لك حقيقة أن الصيادلة يمكنهم العمل في الإعلام الدوائي بدلاً من الاطباء الذين ينافسون الصيادلة في هذا القطاع، كما أن الصيادلة لهم الحق بفتح مختبرات تخصصية، إذ أن هناك قسماً من أقسام الصيدلة هو التحليلات المرضية، ولو انتقلنا الى فرضية حاجة السكان فإن التزايد في عديد سكان العراق يحتاج الى رفع نسبة الصيادلة.”وأضيف لك معلومة (الكلام للدكتورة عواطف): “إن الكليات الأهلية استوعبت أعداداً كبيرة من الصيادلة بالتعيينات، داخل كلياتها، ومنها جامعتنا، ولدينا أكثر من (15) خريجاً يواصلون دراساتهم العليا.”
التعليم النيابية
فيما عد الدكتور محسن المندلاوي، عضو لجنة التعليم النيابية، في تصريح صحفي، قرار نقابتي الصيادلة وأطباء الاسنان بعدم قبول انتماء خريجي الكليات الأهلية من هذين القسمين بالخاطئ، مؤكداً أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هي المعنية بمحاسبة الكليات الأهلية والحكومية بشأن المستوى العلمي للطلبة واعتماد الرصانة فيها، وقال إن قبول خريجي الدراسة الإعدادية في الكليات الأهلية وبمعدلات أقل من المقبولين في نظيرتها الحكومية هو سياق معتمد منذ سنوات.
الركود الاقتصادي
إلى ذلك.. أوضحت الجهات المعنية في النقابتين، من خلال البيانات التي أصدرتها، التي اطلعت عليها “مجلة الشبكة”، أن أسباب اتخاذ القرار هو للضغط على وزارتي التخطيط والتعليم العالي لإيقاف استحداث المزيد من الكليات بشكل عشوائي.