احتفالات العالم بأربعينية الحسين رسالة سلام للإنسانية جمعاء

ترجمة: آلاء فائق/
مثلما يحتفل غالبية مسلمي العالم بالمناسبات الدينية، تجدهم يستذكرون ثورة الإمام الحسين (ع)، إذ تعد أربعينية الحسين أكبر حج عالمي، وهي تقليد سنوي يحتفل به معظم مسلمي العراق والعالم بعد فترة حداد تستمر 40 يوماً على استشهاد الإمام الحسين، سبط النبي محمد (ص)، حين يصل الزوار إلى كربلاء لزيارة ضريحه الذي تحيط به الملايين.
على طول الطريق، يقوم المتطوعون بإنشاء محطات لتزويد الزوار بالطعام والماء والمأوى، بينما يبقي الناس من القرى على طول الطريق أبوابهم مفتوحة لأي شخص يحتاج إلى مكان للتوقف والاستراحة من عناء السير على الأقدام، الذي قد يستغرق 20 يوماً، يقطع الزوار خلاله مئات الكيلومترات من مدن العراق وإيران، متوجهين إلى مدينة كربلاء المقدسة، حيث يحيون ذكرى استشهاد الإمام الحسين في معركة كربلاء في يوم العاشر من محرم منذ نحو 1400 عام، التي استشهد فيها الإمام الحسين وأصحابه على يد جيش الطاغية يزيد، ثاني زعماء الأسرة الأموية.
تعد أربعينية الحسين (ع) مهرجاناً دينياً حافلاً بالطقوس وتعبيرات الحزن والحداد، لإحياء ذكرى استشهاده في واقعة كربلاء عام 680 م، كما يعد هذا اليوم رمزاً لنضال البشرية ضد الظلم والاستبداد والقمع. تطوف الجموع المؤازرة في العديد من مدن وعواصم العالم، ويحتشدون في مسيرات حزن موالية لأهل بيت النبي (ص)، رافعين يافطات حسينية ورايات سود وخضر، مرددين بأعلى أصواتهم (لبيك يا حسين)، رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً من أبناء الجاليات العربية والإسلامية.
مواكب أجنبية
في هذه المناسبة الأليمة تتوافد المواكب التي تتحدى الصعاب وتقطع الصحارى والبحار لنيل شرف خدمة زوار مرقدي الإمامين الحسين والعباس (ع) خلال الزيارة. وفضلاً عن المواكب الحسينية التي تصل كربلاء من كافة المحافظات العراقية، تشارك سنوياً عشرات المواكب العربية والأجنبية القادمة من الصين، والسويد، والسعودية، وسوريا، وإيران، ولبنان، والدانمارك، وباكستان، والهند، ونيجيريا وكينيا.
(علي نبيل)، صاحب أحد المواكب الحسينية القادمة من السويد يقول: ” تأسس موكبنا بعد مغادرتنا العراق سنة 1991 في العاصمة السويدية ستوكهولم، مع مجموعة من خدام الإمام الحسين (ع)، حيث تقام الشعائر الدينية والحسينية في جميع المناسبات.” موضحاً أن “للموكب نشاطات عدة في أوربا، منها استقطاب الشباب وحثهم على تبني الرسالة الحسينية، حتى باتوا يتسارعون للسفر إلى كربلاء سنوياً، وقد تجاوز عديدهم 90 شاباً، يتناوبون على تقديم الطعام والشراب والفواكه بواقع ثلاث وجبات يومياً ولمدة 7 أيام على مدار الساعة للوافدين والزائرين المتوجهين إلى مرقد الإمام الحسين.”
ويضيف “باشرنا بالخدمة منذ يوم الرابع عشر من شهر صفر، وذلك بمشاركة عدد من الإخوة من الدنمارك والنرويج، بكل ما يملكونه لخدمة الزائرين، إذ بلغ عدد الوجبات السريعة 9 آلاف وجبة في اليوم الواحد، إضافة إلى تقديم العصائر الطازجة والفواكه والكيك والحلويات والمشروبات الغازية.”
خدمة الزائرين
(سيد رحيم)، عالم دين من مدينة قم الإيرانية، يسير نحو كربلاء مع عائلته، زوجته وطفلين رضيعين. في زيارته الثامنة لكربلاء يقول إن “اصطحاب الأطفال الرضع في هذا الطقس الحار يعد تعبيراً عن حب الإمام الحسين وقضيته.”
من جانبه، يقدم (منتظر – 14 عاماً)، الشاي العراقي في مخيم مؤقت على الطريق إلى كربلاء. يمنح المخيم، المصنوع من أوراق النخيل، الزوار المارين شعوراً تقليدياً. يقول منتظر: “نشأت وأنا أخدم زوار الأربعين، تعلمت ذلك من والدي.”
(علي)، من مدينة مشهد الإيرانية، مرتبط بخدمة الزوار، يقوم برش المياه على الناس أثناء النهار. يقول: “مع ارتفاع درجات الحرارة أثناء المشي، نرش المياه على الناس. وهذا يمنحهم الراحة أثناء المشي في الحر.”
(علي حسين 15- عاماً) من مدينة النجف يقدم أكواب الماء البارد مجاناً للزوار الذين يسيرون على الطريق السريع من النجف إلى كربلاء. علي موجود مع أشخاص من منطقته، يخدمون الناس على الطريق السريع المؤدي إلى كربلاء منذ ثمانية أيام، بتقديم أكواب الماء البارد. يقول: “هذا العام، جاءت زيارة الأربعين في طقس حار. نستخدم قوالب ثلج كبيرة لتبريد أكواب الماء وتقديم نحو 5 الاف كوب يومياً.” في هذا العام، خلال المشي، وصلت درجة الحرارة إلى 45 درجة مئوية.
مسيرات حاشدة
كما تنطلق في أربعينية الإمام الحسين مسيرات حاشدة بعموم لبنان، منها في الضاحية الجنوبية، ومدينة جبيل، ومدينة صور، لإحياء مراسم الأربعين، كما يخرج أتباع اهل البيت في المنامة، عاصمة مملكة البحرين، يتقدمهم علماء دين كبار لإحياء يوم الأربعين، كذلك الموالون في العاصمة الكويتية وسائر المدن من محاور عدة.
في مقام السيدة زينب (ع) بريف دمشق، يحيي المئات من الموالين لأهل البيت ذكرى الأربعينية، كما ينظم الشعب الإيراني مسيرات كبيرة وسط مدن الجمهورية الإسلامية إحياءً لهذا اليوم. وفي المدن الباكستانية تجوب شوارع العاصمة مسيرات كبيرة، تعبيراً عن تمسكهم بقضية الأمام الحسين ومواجهتهم للظلم والاستبداد والإرهاب في يوم أربعينية الإمام الحسين. كما يخرج الآلاف في نيجيريا بمسيرات حاشدة تطوف شوارع مدينة (سكوتو)، وسط إجراءات أمنية مشددة، فيما تنفرد مدينة (كابول) في أفغانستان بإقامة احتفال كبير في جامع الزهراء (ع)، كذلك يخرج الشعب الأفغاني بمسيرات في عدة شوارع، كما يحرص أتباع اهل البيت بإقامة مراسم العزاء الحسيني بمشاركة حشود المسلمين من الجالية اللبنانية والعربية في العاصمة الفرنسية باريس، ويتجمع المشاركون نساءً ورجالاً في العاصمة البريطانية لندن لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين (ع). كما يطوف المئات من الموالين لأهل البيت ومبادئ الرسالة السمحاء في مدينة (مونتريال) الكندية بمسيرات حاشدة تجسد الحزن بذكرى استشهاده، كذلك تخرج الجاليات المسلمة والعراقية في شوارع تكساس بمدينة هيوستن الأميركية سيراً على الأقدام لإحياء الذكرى الخالدة في أربعينية الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (ع).
* عن موقع الجزيرة وترت والد