الأكلات الشعبية في أربيل تراثٌ أصيل ونَكهة مميَّزة

ضحى مجيد سعيد/

تتميزُ مائدةُ العوائل الكردية في أربيل بطعمِها الشهي ومذاقها اللذيذ ونكهتها المختلفة وطريقة تقديمها عن باقي المحافظات العراقية، إذ إن أغلبَ الأُسر الكردية في أربيل تعدُّ وتطهو الأكلات الخاصة في الصباح الباكر في بعض المناسبات المهمة كالأفراح والاعياد، وتقدّمها على مائدتها دون إعداد وجبة الفطور، وتختلف الأطباق التي تُقدّم على مائدة العوائل لا سيما بين الأسر الكردية حسب الأذواق، وأهمها الأكلات الكردية الفلكلورية والعراقية الأصيلة مثل الباجة كوجبة رئيسة والطرشانة والكفشك وغيرها من الأكلات.
تتعدّدُ الأكلات الكردية الفلكلورية في إقليم كردستان بأصنافها وأشكالها وذائقتها، وتختلف من منطقة إلى أخرى، ولا يوجد تأريخ محدّد عن نشأتها ولكن رَجّح الباحثون فيها أنها تعود إلى قدم الكرد بالمنطقة، وهذا ما ظهر واضحاً بتنوّع مذاقها ونكهاتها وامتزاج هويات المجتمع الواحد مع طبيعتها، بغية إرضاء أذواق من يقطنونها، بالإضافة إلى ما يتمتّع به الكرد من موقع جغرافي بين المحافظات الثلاث سليمانية ودهوك وأربيل.
المطبخ الكردي
للتعرف أكثر على أصناف الأكلات الشعبية الكردية الموجودة في أربيل التقينا بالسيدة صنكول البالغة من العمر 38 عاماً المتخصصة بالأكلات الكردية الشعبية وصاحبة صفحة وموقع على وسائل التواصل الالكتروني (بيج) ولديها خدمة توصيل دليفري، تقول صنكول: إن المطبخ الكردي ليس حديث النشأة وإنما له جذوره منذ القدم، ولكن للأسف الشديد انقرض قسم كبير منه بسبب حداثة المطاعم العربية والغربية وانتشارها بكثرة.
وأكملت: أنا احترف صناعة الأكل الفلكلوري بطريقتي وبعدد أصناف الأكلات الكردية، وأصنع هذه الأكلات وأنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي كهواية، واعدّ ذلك أحد العناصر التراثية، ومما شجّعني على ذلك وجود الأطعمة الرديئة التي يأكلها الناس حالياً والمؤذية لصحتهم.
‏وبشأن الأدوات التي تستخدم في المطبخ الكردي أجابت صنكول: نحن نصنع الطعام بأدوات سهلة جدا وبسيطة وموجودة في كل بيت وغير مُكلفة، وإن المطبخ الكردي مُجهد ويحتاج إلى كثير من الوقت، لا سيما إذا كانت العائلة كبيرة، أما الأدوات التي تستخدم اليوم فقد اختزلت الكثير من العمليات التحضيرية لأي أكلة فلكلورية.
‏أكلات شهيرة
وسألناها عن أشهر أكلة كردية وماهي طريقة تحضيرها فقالت: إن (دوشمة) واحدة من أشهر الأكلات الكردية، وتحضّر من مكونات الطماطم والشجر وقطع العظم وملح ومعجون الطماطم وقليل من الحامض للصلصة، أما بالنسبة للحشوة فتكون من الرز الكردي فقط مع لحم مفروم يدوياً مع قليل من الزيت والفلفل الأسود، ويضاف الفلفل الأسود مع الملح حسب الرغبة، وتضيف أن أكثر الأكلات التي تُطلب بكثرة خلال المناسبات المهمة والأعياد هي الدولمة بالطريقة الكردية والكليجة.
وأردنا أن نتعرف أكثر على مائدة العوائل الكردية التي تقدّم في المناسبات والاعياد وأشهر الأطعمة التي تتضمنها هذه المائدة؛ فالتقينا بالسيدة أم روشنا – ربّة بيت ولديها ثلاثة أولاد، تبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً التي قالت: إن تحضيراتنا كالعادة تبدأ قبل المناسبة بأيام فنقوم بشراء الاحتياجات الضرورية من ملابس وتجهيزات غذائية وحلويات وجرزات وبقية الكماليات الأخرى.
وتابعت أم روشنا: نحن نختلف عن باقي المحافظات العراقية بإعداد السُفرة في المناسبات ونتميّز بتنوع الأكلات، ففي العيد مثلا تكون الباچة حاضرة بقوة في المائدة، بعد ما نوزع الأضحية على الأقارب والجيران، وتعدّ الأكلة الأساسية ضمن مائدة صباح العيد، كما إن المائدة لا تخلو من القيمر والكاهي، وهناك بعض الأكلات الكردية التي ليس لها مُرادف باللغة العربية وتستخدم في كثير من المناسبات مثل برنج به سركه، ترخينه، كشكك مع الفاصوليا بجانب اللبن والخضراوات وغالباً ما يقدّم معها الرز الكردي.
أكلات المناسبات
بدوره حدثنا كاروان حسن عبد الله بائع كرزات عن الطعام المميز في كردستان وتحضيرات المطبخ الكردي قائلا: تعجُّ الأسواق كعادتها قبيل المناسبات والافراح والاعياد بالمتبضعين لشراء المواد الغذائية والمواد الأولية لإعداد المائدة الكردية، لا سيما في الأعياد إذ يعمل المطبخ الكردي بجد لتحضير أشهى الاكلات للعائلة ولضيوفها فهو جزءٌ لا يتجزأ من طقوس الاعياد لدى العوائل الكردية في أربيل، كي يتبادلوا الأمنيات والتبريكات على مائدة الطعام صباحاً، وعادة ما نتجمع مع بعضنا البعض ونذهبُ لنتبادل التهاني والتبريكات مع الأهل والجيران والأقرباء بعد أن نعود من الصلاة في الجامع.
أما نازا لطيف نوري إحدى المتجولات في الأسواق للتبضع فتقول: قبل كل عيد نذهب لشراء الملابس والمواد الغذائية والحاجيات الأخرى اللازمة للأعياد، لأشارك عائلتي طقوس العيد وأجواء الفرح والبهجة بكل حب وتسامح ومودة، وأنا لدي ثلاثة أولاد وأشعر بالسعادة عندما أراهم فرحين ومبتهجين وهم بلباس العيد الجديد ومثل كل عائلة عراقية نوزع لهم (عيدية) ونُحضّر لهم أفضل الأطعمة ونصطحبهم للملاهي والمتنزهات ليبتهجوا ويلعبوا ويشعروا بالفرح والسعادة.