ذوالفقار يوسف /
بدأت مديرية المرور العامة بتنفيذ مشروع وطني لخدمة المواطنين في إصدار الإجازات، فبعد أن كان يتحتم على كل من يروم الحصول على إجازة السوق أن يدخل معاناة الروتين القاتل، فضلاً عن التلاعب الحاصل في إصدارها بصورة غير قانونية مقابل مبالغ من المال من قبل بعض ضعاف النفوس، إلا أن هذا المشروع الخدمي أصبح نافذة جديدة تنظيمية من أولوياتها محاربة الفساد بجميع أشكاله.
فقد قررت مديرية المرور العامة أن تقوم بفتح مواقع عدة لإصدار إجازة السوق للمواطنين، وتلافي المشاكل التي حصلت في السابق من تأخير وتحريف وتلاعب، وأن تُضيف مميزات عديدة على عملية الإصدار من أولوياتها تثقيف السائق.
رفع الثقافة
إن الغرض من الإجازة الإلكترونية الجديدة هو عدم استسهال القوانين عند المواطن، اذ كانت عملية إصدار إجازة السوق سابقاً سهلة وبسيطة جداً، لهذا تمت اضافة العديد من المراحل لاجتياز هذه العملية.
الرائد فادي عماد، مدير شعبة إعلام المرور، يحدثنا فيقول: “إن الاختبار النظري السابق كان يعتمد على الصور اذا ما تحدثنا عن الجانب النظري للاختبار، اضافة الى اختبار الفحص الطبي والعملي، أما الآن وقبل فترة وجيزة، ولضرورة رفع ثقافة السائق، وما شاهدناه من مخالفات وحوادث عديدة بسبب قلة الوعي والثقافة عند بعض سائقي المركبات، وعدم تفهمهم للإشارات المرورية والالتزام بها، تحتم علينا تحديث وتكثيف العمل والجهد لتثقيفهم وتوعيتهم بقوانين المرور، اذ باشرت المديرية بتحديث نظام الإجازة الخاص، حتى وصلنا الى مرحلة إصدار الإجازة الإلكترونية، والتي تعد من المراحل المهمة في العمل الستراتيجي لمديرية المرور العامة، لتسجيل ومنح إجازة سوق، المتمثل بالمشروع الوطني، وتمت مراعاة العديد من الأمور وأهمها منع الفساد بكل أشكاله، إذ أن سائق المركبة او طالب الإجازة سيكون وحده في الاختبار وبلا مساعدة من أحد”.
مشروع وطني
لتسهيل عملية الاختبار تم تخصيص نافذة في الإنترنت من خلال الموقع الرسمي لمديرية المرور العامة، واختيار نافذة المشروع الوطني لمنح إجازة السوق الإلكترونية. يوضح لنا الرائد عماد هذا الأمر ويقول: “يقوم طالب الإجازة بملء المعلومات الشخصية الخاصه به، ولكلا الجانبين من الإصدار لأول مرة او تجديد الإجازة، وبعد أن يتم ملؤها يتحتم على المواطن طبعها، ويذهب بعدها الى عيادات الفحص الطبي، وبعد إكمال الفحص يتم إرسالها بالبريد الرسمي الى مواقع منح إجازات السوق، إلا أن هذه العملية متعبة ايضاً بالنسبة للمواطن، وكمديرية من أجل خدمة المواطن نحن بصدد مفاتحة الجهات المعنية في وزارة الصحة لافتتاح مراكز صحية في كل موقع لتسهيل إجراء المعاملة وعدم تأخير المراجعين، وسرعة إكمال المعاملة بصورة أسهل”.
اختبار إلكتروني
يتم الاختبار عن طريق أجهزة إلكترونية بحتة وبدون مساعدة من أي شخص داخل موقع الاختبار، هذا ما تفضل به الرائد عماد إذ يقول :”إن المركبات التي خصصت للاختبار والتي تكون من نوع (بيك أب) تكون مزودة بأجهزة إلكترونية حديثة، تنفي الحاجة الى وجود موظفين يساعدون السائق في هذه العملية، وهذا بالنسبة للاختبار العملي، اذ تمت إضافة شاشات ذكية داخل عجلة الاختبار، وكاميرا متخصصة لقراءة وجه السائق، اذا تم استبدال السائق او محاولة للغش في الاختبار، اضافة الى جلب المعلومات بشكل دقيق وإرسالها الى أجهزة الحاسوب التي يشرف عليها أحد الضباط المتخصصين، وأيضاً هناك أجهزة تحسس من مميزاتها قياس مسافة العجلة عند حدوث الخطأ تعمل كرادار على طول طريق الاختبار، وتحدد مدى صلاحية سائق المركبة اذا تم التجاوز على الخطوط الجانبية المحددة، اذ تنقص من نقاط السائق اذا تمت ملامسة تلك الخطوط تلقائياً بواسطة هذه الأجهزة”.
250 سؤالاً
من السهولة معرفة السائق لعلامات مرورية معدودة على اصابع اليد، مثل إشارة الانعطاف او التوقف او التحويلة، وغيرها من الإشارات المتعارف عليها، إلا أن العديد من السائقين يجهلون باقي الإشارات المرورية، او يتلافون تطبيقها لعدم معرفتهم بمعناها، لهذا تم تخصيص كادر من المتخصصين، لوضع 250 سؤالاً، واختبار السائقين بواسطة أجهزة الحاسوب. الرائد فادي يوضح لنا “أن هناك قسماً متخصصاً ومزوداً بأجهزة الحاسوب للاختبار النظري للسائق، حيث تم تخصيص 250 سؤالاً في كل اختبار، وبعد أن توزع بشكل تلقائي على كل سائق عشرة أسئلة عشوائية، يتم اختيارها من هذه الاسئلة بداعي عدم الغش والتلاعب، حيث أن السائق يكون ملزماً بالإجابة عن ما لا يقل عن ستة اسئلة لاجتياز الاختبار والنجاح، اذ تكون نسبة النجاح في الاختبار النظري 60%، وهذه العملية ليست بسيطة امام سائق لم يختبر بهذه الطريقة من قبل، وأن هذه الأسئلة لاتحتوي فقط على أسئلة الإشارات المرورية، بل تحتوي على العديد من الأسئلة التي تخص القيادة الصحيحة والالتزام بالقوانين، أضافة الى ذلك فهي تحتوي على اسئلة تخص الإسعافات الأولية وميكانيكية العجلة ومعالجة العطل.
يردف “بأن بوادر هذا المشروع الوطني بانت ملامحه، فأعداد المختبرين في تزايد، وان من كل 100 سائق ينجح 30 شخصاً في الاختبار، وهذا ماجعلنا نعلم بأن المشروع ناجح، وخطوة جيدة نحو عالم النظام والالتزام بقوانين من شأنها خدمة المواطن وتلافي الأخطاء”.
“first aid”
لم تكتف مديرية المرور العامة بإضافة تعديلات على الجانب النظري والعملي من الاختبار، بل أنها تميزت بإضافة جانب آخر الى ثقافة السائق، وهذه المرة من الجانب التوعوي في تلافي المخاطر أثناء الحوادث، يؤكد فادي”أن المديرية خصصت قسماً آخر في هذا المشروع الوطني وهو الإسعافات الأولية، والذي يتمثل بكادر متخصص، اذ تم التعاقد مع جمعية الهلال الأحمر العراقي لتكثيف جهودهم في توعية السائق أثناء حدوث اصطدام او حادث، وتلافي الإصابات والحالات الطارئة، وكيفية التعامل مع المصابين ما بعد الحوادث، وتم عمل دورات بهذا الخصوص لمدة عشرين دقيقة، ويتم ايضاً السؤال بهذا الجانب في الاختبار النظري لمعرفة مدى فهم السائق للعملية”.
ويشير الى “أن الفشل في الاختبار لايعني أن العملية انتهت بالنسبة للسائق، فقد خصصنا مدة لاتقل عن اسبوع واحد كحد أدنى وبشكل مجاني، لإعادة الاختبار لمن يروم تحصيل الاجازة، وان تتكرر العملية مع كل فشل آخر وبلا تردد او منع من قبل المديرية، لأن هدفنا هو فقط رفع ثقافة سائق المركبة، وتوعيته بقوانين المرور والالتزام بها”.
مواقع خدمية
يعاني العديد من المواطنين من الزخم الحاصل عند ذهابهم لتجديد الإجازة السابقة، اذ تصل أعداد المواطنين الى المئات لليوم الواحد. الرائد فادي يحدثنا من هذا الجانب ويقول: “بتوجيه من مدير المرور العامة المحترم تم افتتاح موقعين لتجديد إجازات السوق للمشروع الموازي في موقعي (الغزالية والرستمية) في جانبي الكرخ والرصافة، اذ أن هذين الموقعين يشكلان اضافة الى مواقع منح اجازة السوق لأول مرة والموجودة في موقعي المشروع الوطني (الحسينية والتاجيات)، كما تم تمديد وقت العمل في العاصمة بغداد وجميع المحافظات الى الساعة السادسة مساءً لتلافي زخم المواطنين من طالبي إجازة السوق، والذي يبدأ من الساعة الثامنة صباحاً، ورغم أن العائق الوحيد هو استحصال الغرامات والرسوم وغلق الصندوق المالي، والأمور التي تتعلق بوزارة المالية في الساعة الواحدة ظهراً، الا أن بعد استحصال الموافقات تمدد ليغلق الصندوق المالي في الساعة السادسة من مساء كل يوم، ولمراعاة المواطنين من الموظفين ايضاً بعد نهاية الدوام الرسمي، ما جعل اعداد المراجعين تقل بشكل ملحوظ”.
للنساء وضع خاص
يشير الأستاذ فادي الى “أن هناك اختلافاً في عملية الاختبار بالنسبة لمن يمتلك الإجازة مسبقاً وينوي تجديدها او استبدالها بالإجازة الإلكترونية، اذ يتم اختباره فقط من الجانب الصحي، واستحصال الموافقة من قبل الكوادر الطبية المتخصصة بأن السائق قادر على القيادة، اما بالنسبة للإصدار لأول مرة فيجب على السائق ان يدخل جميع الاختبارات حتى يتم حصوله على الإجازة الإلكترونية”.
ويضيف بأن” للنساء وضعاً خاصاً يختلف عن الرجال في عملية الاختبار، اذ تم تخصيص عجلة صغيرة(صالون) وذات جهاز ناقل حركة اوتوماتيكي، لتسهيل العملية ومراعاة النساء في القيادة، أما الرجال فقد خصصت لهم مركبة ذات ناقل حركة عادي، اما بالنسبة للاختبار النظري والاسعافات الأولية فإن المرأة تدخل هذه الاختبارات كما يدخلها الرجل، وكل ذلك من اجل توعية السائق من كلا الجنسين بقوانين القيادة الصحيحة”.