#خليك_بالبيت
ضحى مجيد /
ليس خافياً عن الجميع اعتماد محافظات اقليم كردستان العراق على السياحة وما تدره من أموال فضلاً عن توفيرها فرص عمل كثيرة لمواطني الإقليم في خدمات السياحة الفندقية والمطاعم، بل حتى الباعة المتجولون ينتفعون من توافد السياح، تعتمد السياحة في المحافظات داخل الإقليم بشكل أساسي على المواطنين من المحافظات العراقية الاخرى، لكن جائحة كورونا تسبَّبت في إغلاق المنافذ الحدودية هذا الأمر أدّى إلى تدهور حركة العمل تدهوراً كبيراً فضلاً عن تسبّبه بازدياد البطالة، وتكبّد قطاع السياحة في الإقليم خسائر مالية كبيرة قُدِّرتْ بأكثر من 200 مليون دولار جراء إغلاق المنافذ الحدودية، بحسب تصريحات صحافية.
وبعد إغلاق دام عدّة أشهر بسبب إجراءات مواجهة جائحة كورونا، أعادت حكومة إقليم كردستان العراق افتتاح المصايف الترفيهية مع ارتفاع درجات الحرارة، وقد أوعزت أخيراً بإعادة الحياة إلى مصيف “أفا شين كلي شيرانه” التابع لقضاء العمادية في محافظة دهوك، في خطوة أولية لفتح بقية الأماكن السياحية، ولا تعني عودة الحياة إلى المصايف أن الإجراءات الوقائية انتهت، بل هي باقية على وفق خطة أعدتها الحكومة في إقليم كردستان، كما أن المصايف لن تستقبل القوافل أو الزوار من محافظات البلاد الأخرى، بل ستكتفي في البداية باستقبال الأهالي من محافظات الإقليم الثلاث، ومع ذلك ولأول مرة منذ عام 2003، تبدو مصايف شقلاوة في أربيل ومصايف دهوك وجبال السليمانية وحدائقها خالية من السياح الذين اعتادوا سنوياً في مثل هذه الأيام على الخروج والتنزه والتمتع بأجواء الربيع فيها.
الانعكاسات السلبية على الاقتصاد داخل الإقليم جرّاء إغلاق المنافذ الحدودية للإقليم أجبرت السلطة المحلية على مراجعة حساباتها بهذا الشأن ودفعها بشكل سريع إلى إعادة فتح المنافذ الحدودية بين محافظات الإقليم ومحافظات العراق الاخرى على الرغم من وجود جائحة كورونا، السلطة المحلية في محافظة أربيل أعلنت تخفيف القيود المفروضة بسبب تفشي فيروس كورونا، والسماح بإعادة فتح أماكن كانت مغلقة شريطة تطبيق الاجراءات والتدابير الوقائية، من ارتداء الكمامات والقفازات، ورغم هذه الاجراءات الوقائية الا أن نسبة الالتزام قلت إلى حد كبير مع فتح المواقع الترفيهية والمطاعم وعودة الموظفين إلى عملهم في المؤسسات الحكومية.
وبهدف تسليط الضوء على كيفية دخول الوافدين تحدثنا إلى المواطن أبو أيمن وهو أحد الذين وصلوا إلى اربيل مؤخراً، مصطحباً معه عائلته عبر مدخل محافظة اربيل الذي قال إنه وصل إلى ذلك المدخل في الساعة السادسة صباحاً، لكنّه فوجئ بعدم السماح له بالدخول بسبب أن دوام الموظفين المسؤولين عن إصدار ما تسمى “بطاقة الضمان الامني” يبدأ الساعة الثامنة صباحاً ولا يسمح لأي مواطن عراقي عربي بالدخول الا بعد حصوله على بطاقة الضمان الامني التي كانت تسمى سابقاً “بالإقامة”، ما أجبره على الانتظار ساعتين كاملتين وأثناء هذه الفترة توافدت أعداد أخرى من المواطنين ونجم عن ذلك زحام شديد عند بوابات الدخول إلى محافظة أربيل نتيجة هذه الاجراءات، وعلى الرغم من فرض عناصر الامن في بوابات أربيل ارتداء الكمامات على الوافدين إلا أن مخاطر تفشي عدوى كورونا كبيرة بسبب الزحام على البطاقة الامنية.
يقول أبو أيمن إن المواطنين الأكراد من بقية المحافظات حتى إن كانوا من سكنة الوسط والجنوب يمكنهم الدخول بمجرد التحدث باللغة الكردية عند السيطرة الامنية، أما الآخرون فلا يمكنهم الدخول الا بعد حصولهم على ما يسمى “بطاقة الضمان الامني” متسائلا متى تنتهي هذه الاجراءات ويمكن لأي مواطن زيارة الاقليم من دون هذه القيود كونها محافظات عراقية؟
ومن أجل الوقوف على أوضاع الوافدين داخل أربيل التقينا، بأم إسراء، وهي من سكنة محافظة بغداد وقدمت مع أسرتها للترفيه عن أنفسهم، تقول أم إسراء: إن الاوضاع داخل المدينة ليست كما كانت في السابق بسبب جائحة كورونا، لكن الحركة ما تزال بطيئة وشبه غائبة في المولات والاسواق بشكل عام باستثناء سوق قلعة أربيل الذي يشهد زحاماً في ساعات الصباح والمساء.
ومع فتح بوابات الإقليم وتوافد السياح ازدادت نسبة الاصابات بفيروس كورونا داخل محافظات الإقليم على وفق إحصائيات وزارة الصحة داخل الإقليم، لكن الاوضاع الاقتصادية للمواطن وحركة العمل باتت أفضل مما كانت عليه أثناء إغلاق المنافذ وحظر التجوال.
عضو الحزب “الديمقراطي الكردستاني” في أربيل، عمر بابان، أوضح أن انتشار كورونا أدى إلى تراجع الحالة الاقتصادية للأهالي في محافظات الإقليم، كما أن المرض أدى إلى تراجع الإمكانات الاقتصادية للحكومة، لا سيما أنّه انتشر في العراق مع بدء الموسم السياحي في كردستان العراق، من جهته أوضح الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن “كردستان لا تحتمل كثيراً إغلاق أبوابها مع المحافظات العراقية الأخرى، لأنّ مصادرها محدودة، وهي ليست أكثر من محافظات يعيش أغلب سكانها على القطاع الخاص والعمل في الأسواق والسياحة في المصايف، لافتاً إلى أن حكومة كردستان تدرك أنّها إذا أبقت المصايف مغلقة لأشهر مقبلة، فذلك يعني أن الأزمة الاقتصادية ستتفاقم وتتسبّب بعجز مبكر في ما تملك من أموال.
وعلى الرغم من كل الاجراءات المفروضة عند بوابات الإقليم الا أنّ مصايف كردستان العراق تفتح أبوابها على ما يبدو تدريجياً بعد خسائر حادة.