بغداد – سجى عماد/
مع ازدياد الحديث عن الذكاء الاصطناعي، تتصاعد دعوات المختصين والمتابعين الى ضرورة إيجاد قوانين تنظم استخدام هذه التقنيات، وتحفظ خصوصية الافراد، مع أهمية العمل على مواكبة هذا التحول الرقمي، الذي يجتاح العالم من أقصاه الى أقصاه.
يقول المبتكر في المجال التقني المهندس علاء حسين شوقي: إن تحقيق الاستفادة والاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي، يتطلب تعاوناً بين القطاع العام الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع بشكل عام.
وأكد في حديثه لـ مجلة (الشبكة) أهمية أن تقوم الحكومة والجهات ذات العلاقة بوضع إطار قانوني وأخلاقي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، من خلال إيجاد قوانين وسياسات تحمي خصوصية الأفراد وحقوقهم.
وشدد شوقي على أهمية تعزيز البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال توفير التمويل والموارد اللازمة للجامعات والمراكز البحثية والمبتكرين في هذه التكنولوجيا، إضافة الى دعم الشركات الناشئة لتطوير تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
كما أكد ضرورة تعزيز التعليم والتدريب لتطوير مهارات الطلبة في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال دمج المناهج التعليمية ذات الصلة في المدارس والجامعات وتوفير برامج التدريب المستمر للموظفين.
المبتكر في المجال التكنولوجي أشار في حديثه أيضا الى جملة من التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي، أبرزها التعامل مع البيانات غير المهيكلة، كتحقيق التعلم الشامل وفهم العالم بنفس طريقة البشر، إضافة الى التحديات الأخلاقية والقانونية، والصعوبة التي يواجهها في القدرة على فهم العواطف والتفاعلات الاجتماعية البشرية، لكنه استدرك بإمكانية التعامل مع هذه التحديات من خلال البحث والتطوير المستمر.
المعلومات الأمنية
ويقول علي الخالو، العامل في مجال أمن المعلومات لـ(الشبكة): إن الجميع ينظر اليوم الى الذكاء الاصطناعي، من جوانب متعددة، أبرزها توقع أن يساء استخدامه، كما حصل مع ظهور الانترنت سابقا، الذي ظهرت معه العديد من الجرائم الالكترونية والمعلوماتية.
كما إن الذكاء الاصطناعي سيكون – والحديث للخالو – إحدى النقاط المهمة التي ستسهم في تغيير ملامح الوظيفة وأداء المهام، لا سيما أن العالم يتّجه الان نحو تقديم الخدمات السريعة. وأكد الحاجة الى رؤية جديدة مشتركة داخلية ودولية، لا سيما في آلية وضع ستراتيجيات واضحة، يمكن من خلالها إيجاد فرص وحلول للمشكلات التي ترافق منظومات الذكاء الاصطناعي، الذي لا تحدّه حدود، فهو يشهد تطوراً على نحو سريع، وسيكون مختلفاً وأكثر تطوراً مع مرور الوقت.
الذكاء الاصطناعي والاقتصاد
كثر الحديث عن الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، تقابله تحذيرات من سوء استخدام هذه التقنية، إذ يقول الخبير الاقتصادي دريد العنزي في هذا الصدد إن دخول التكنولوجيا الحديثة، بهذا المستوى، سيخلق بلا شك فجوة في المجتمع، كما يخلق فجوة في الاقتصاد، مع وجود الفوارق الاقتصادية والطبقية في المجتمع.
ويؤكد أن استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سيكون بحاجة الى خبرات على مستوى عال، للتعامل مع القطاعات الاقتصادية في العراق، الذي يعاني أساساً من ارتفاع نسبة البطالة، وانخفاض الإنتاج.
أما على المستوى الخارجي، فيقول العنزي: إن الذكاء الاصطناعي سيسهم في زيادة الفوارق الاقتصادية بين البلدان، إذ إنّه سيزيد البلدان المتقدمة تقدماً، وبالمقابل يسحق بلداناً أخرى، وسيكون أثر ذلك واضحا في المجتمعات الشرقية التي تعاني التبعية للسوق العالمية، مؤكدا أن هذه المجتمعات لم تصل الى أدنى مستوى من الخبرات للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وبالتالي لن تكون قادرة على مواجهة الحرب الاقتصادية وقد يحول ذلك دون إمكانية تصدير السلع ودخول السوق العالمي.
تغيير في نمط الحياة
الاكاديمي في كلية الاعلام، الدكتور أحمد كامل، أكد قدرة تقنية الذكاء الاصطناعي على التأثير وتغيير العديد من جوانب الحياة اليومية.
وأشار الدكتور كامل في حديثه لـ(الشبكة)، الى أن بعض الخبراء يبدون مخاوفهم من إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض ضارة، قد تشكّل خطرا على استمرارية بعض الوظائف.
وأكد إمكانية تزويد أجهزة الحاسوب بكميات هائلة من المعلومات والبيانات، ليتم تدريبها على تحديد الأنماط الموجودة فيها؛ فتصبح قادرة بعد ذلك على إنتاج تنبؤات، وحل المشكلات، وحتى التعلم من أخطائها.
وإضافة إلى البيانات، يقول الدكتور احمد كامل، إن الذكاء الاصطناعي يعتمد عددا من الخوارزميات، وهي عبارة عن مجموعة من التعليمات والخطوات البرمجية، يتم اتباعها بالترتيب الصحيح لإكمال مهمة معينة.
ويؤكد أنه رغم إمكانية تزويد أنظمة الذكاء الاصطناعي بكل البيانات المتاحة في العالم، لكنّه سيظل عاجزاً عن فهم أو تلبية احتياجات جميع المستخدمين، الأمر الذي يثبت عدم إمكانية الاستغناء عن العنصر البشري، كونه هو من يقوم بتدريب وتوجيه أنظمة الذكاء الاصطناعي، بدءا من مطوّري البرامج والمبرمجين وصولاً إلى مستخدمي هذه الأنظمة، مستدركاً أنَّه مع مرور الوقت، يظهر المزيد من أنظمة الذكاء الاصطناعي في الحياة.
الاعلام ليس بمنأى..
مهنة الاعلام، لم تكن بمنأى عن التطور في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي هذا الجانب يقول الصحفي والاعلامي سالم مشكور إن برامج الذكاء الاصطناعي أثرت بالفعل على عدد من الاختصاصات الإعلامية، لاسيما مع التطور الذي تشهده هذه التقنية بشكل مستمر، ومنها المقالات والتحقيقات وبقية الفنون الصحفية، وتعدت ذلك بحيث باتت تقدم حتى المذيع بنشرته الإخبارية.
ويضيف أن الكثير من المؤسسات الاعلامية الأميركية بدأت بالفعل بالاستغناء عن عدد كبير من المحررين، بينما تنحصر مهام الجهد البشري بسد النقص في المادة التي تقدمها هذه التقنية، فالمادة الصحفية تحتاج الى مراجعة وتعديل وإكمال المعلومات من المصادر الأخرى وهذا ما يقوم به العنصر البشري.