الشبكة العراقية/
ربما لم تتناول السينما العالمية -أو المحلية- قضية ثورة الإمام الحسين بصورة واضحة ومؤثرة، وتكاد أن تكون التجارب السينمائية حول هذه القضية مقتصرة على بضعة أعمال بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لكننا لم نشاهد فيلماً ضخماً إنتاجاً وإخراجاً وتمثيلاً يتناول تلك الواقعة.
لعل من أبرز المعوقات التي تمنع إنتاج عمل لافت يتحدث عن قضية الإمام الحسين هو عدم تركيز الجهود على أهمية الرؤية التاريخية والإخراجية، فضلاً عن نقص الدعم المادي، إذ أن منهجية الدعم للأفلام الرسالية لم تترسخ بعد.
الحسين في السينما العالمية
في السينما العالمية، تكاد تكون التجربة مقتصرة على الفيلم الباكستاني (دم الحسين)، إذ يعتبر هذا الفيلم علامة بارزة في السينما الباكستانية والعالمية، في واحدة من المناسبات التي حاول صناع السينما حينها الخروج عن المألوف. الفيلم من إخراج المخرج الباكستاني Dehlavi الذي عمل مع مزيج من الطاقم الباكستاني والدولي، إذ شاركت فيه الممثلة البريطانية (كيكا مارخام). الموسيقى والمكياج والمونتاج كانت في غاية المهنية والروعة. حتى أن هذا الفيلم أصبح مرجعاً للسينما الباكستانية.
امتلك المخرج رؤية فريدة من نوعها وظفها في خلق حبكة بسيطة جداً للفيلم، بحيث إن المشاهد سوف يشعر منذ المشاهد الأولى بأن الفيلم يلمح إلى حد بعيد لواقعة الطف. فمنذ المشاهد الأولى نرى الرجل الكبير السن، صاحب البعير، وهو يمر أمام حفيده (حسين)، وهي إشارة بارزة إلى الرسول الكريم. والعراف الذي يخبر الفتى أنه سوف يحارب الظلم حين يكبر، وحين يرفع بطل الفيلم طفله الرضيع أمام الجيش، ويأتي نداء القائد “أنهوا نزاع القوم”، كل هذه مثلت إشارات إلى أن موضوع الفيلم هو مزيج بين الحاضر والماضي.
وبعد أن أطيح بنظام ذو الفقار علي بوتو على يد الجنرال ضياء الحق، حاولت السلطة الجديدة أن تعيق إنتاج الفيلم وتحظر عرضه. لكن لحسن الحظ أن سلبية الفيلم كانت قد أرسلت إلى لندن، حتى أن المخرج قد أفلت بأعجوبة من يد السلطة. تقرر حظر الفيلم في باكستان، لكنه عرض على القناة الرابعة البريطانية لمرة واحدة، ومنذ ذلك الحين أصبح (دم الحسين) هو الفيلم رقم واحد في باكستان، بعد أن هُرب عن طريق شرائط الفيديو. الفيلم حاز إعجاب النقاد العالميين وكتبت عن الصحف العالمية كثيراً، فضلاً عن مشاركته في الكثير من المهرجانات السينمائية.
الحسين والسينما العراقية
لم يقدم لحد الآن عمل سينمائي عراقي يتناول واقعة الطف بشكل مفصل، والسبب هو المحاذير الكثيرة التي كان يواجهها الفنان العراقي بمجرد طرح الفكرة. المخرج العراقي قاسم حول قرر في عام 1977 أن يبدأ رحلة البحث سينمائياً عن مأساة الإمام الحسين عليه السلام قائلاً: “كيف أننا حتى الآن لم نر عملاً درامياً للسينما عن شخص الإمام الحسين في تلك الملحمة الخالدة في التاريخ الإنساني؟”. وأضاف: “عندما امتزج الوعي بانطباعاتي العفوية الأولى، نضجت الفكرة وأصبحت حلماً منذ سنوات طوال، لكن وجودي خارج وطني، وكوني في حالة غير مستقرة، حالا دون تحقيق هذا الحلم، ومنذ سنوات عندما توفرت لي فرصة التأمل بعد الاستقرار في هولندا، فرض الحلم نفسه ثانية، فكتبت السيناريو خمس مرات، وهو جاهز للقراءة والموافقة، ثم جرى استطلاع مواقع التصوير وحسم موضوع الممثلين الذين سيلعبون شخصيات القصة. أحداث قصة الإمام الحسين وواقعة كربلاء قد حدثت صيفاً، أما ما يخص مواقع التصوير فلا شك أن الواقع التاريخي قد تغير، فمع أن أحداث القصة تدور بين الحجاز والعراق والشام، إلا أن المكان لم يعد كما كان. كنت أتمنى أن أصور أحداث الواقعة في كربلاء بالعراق، فقط لما يتعلق منها بالإحساس ليس أكثر. كان من المفترض أن يكون الفيلم الآن على الشاشة لولا وفاة سماحة الإمام محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الشيعي الأعلى (رحمه الله)، إذ إنه كان من أكثر الذين يتحملون عبء الإنتاج بحكم تأثيره على من يملك قدرة التمويل من محبي الإمام الحسين عليه السلام. لم تكن ثمة مشكلة في تمويل الإنتاج لولا المفاجأة في رحيل سماحته.”
الطف في السينما الإيرانية
تعد معركة الطف من أكثر القصص الملحمية التي تناولتها السينما الإيرانية، من خلال أفلام عدة، منها (يوم الواقعة) الذي يروي قصة شاب مسيحي يسمع أثناء مراسم زواجه نداء الإمام الحسين فيقرر اللحاق بالركب الحسيني، لكنه يصل متأخراً ليشاهد الرأس الشريف مرفوعاً على الرماح.
الفيلم الآخر هو (القربان) الذي يستعرض الحقبة الزمنية الممتدة بين موت معاوية حتى استشهاد الإمام الحسين، ويعد هذا الفيلم من أكبر الأفلام، إذ احتوى ميزانية ضخمة ومؤثرات خاصة لإظهار مشاهد ضراوة المعركة.
أما الإنتاج الجديد فهو فيلم الخالد (ناميرا)، الذي يواصل تصوير أحداثه في المناطق الصحراوية من إيران، الفيلم إنتاج ضخم يضم أكثر من 64 فناناً يشاركون في تجسيد شخصيات الملحمة، ومن المؤمل ان يعرض على شاشات السينما قريباً.