السلام على المعذَّب في قعر السجون الإمام موسى الكاظم سيرة عطرة وفجيعة كبرى

بغداد / “الشبكة العراقية”

تصوير / حسين طالب علي – وكالات
كل عام، في الخامس والعشرين من رجب الأصب، يقصد الزائرون، راجلين وراكبين، من النساء والرجال والأطفال، ضريح الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) في بغداد، مجددين عهداً ولائياً مع إمامهم الذي قضى في طوامير السجون، يعتمر قلوبهم الرجاء من الله تعالى أن تُصبّ عليهم الرحمة الإلهية صباً، ببركته العميمة، في ما يشمل أمر الدنيا وأمر الآخرة، فأهل البيت (ع) هم الوسيلة إلى الله، وهم المعدن الصافي في قبول التعبّد والتضرّع.

سيرة عطرة
الإمام موسى الكاظم هو ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) السابع من أئمة أهل البيت المعصومين المطهرين.
ولد في قرية الأبواء سنة ثمانٍ وعشرين ومئة للهجرة، وقبض (ع) ببغداد في حبس السندي بن شاهك، لستٍ بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومئة للهجرة. وله من العمر يومئذٍ خمس وخمسون سنة، وأمه أم ولد يقال لها حميدة المصفاة، وكانت من خيار النساء.
وكانت مدة إمامته (ع) خمساً وثلاثين سنة، وكان يكنى أبا إبراهيم وأبا الحسن وأبا علي، وعُرف بالعبد الصالح، ويلقّب بالكاظم (ع)، وكان أحد كواكب البيت النبوي، يضيء طريق الأجيال، وينوّر ظلمات الدنيا بعطائه السيّال، تألّق نجمه في عنان السماء، وارتقى إلى مشارف العلى، علماً وحلماً، شجاعة وسماحة، فضلاً وكرماً، مضافاً إلى انقطاعه التام إلى الله سبحانه وتعالى، فصار مهوى للقلوب والأفئدة.
فجيعة الاستشهاد
عاش الإمام الكاظم (ع) مدة مديدة من حياته في ظلمات السجون، فقد سجنه المهدي العباسي ثم أطلقه، ولما آلت الأمور إلى هارون الرشيد أعاد اعتقال الإمام (ع)، وظلّ ينقله من سجن إلى آخر حتى استشهد في سجن السندي بن شاهك في بغداد بسمٍّ دسّه له الرشيد.
وكانت شهادته (ع) في الخامس والعشرين من شهر رجب لسنة (183هـ).
دفن الإمام الكاظم في مقبرة قريش في بغداد، في جانب الكرخ، التي تعرف اليوم بالكاظمية ومرقده معروف يؤمّه الزوار من كل حدبٍ وصوب ومن مختلف المذاهب الإسلاميّة، وله كرامات مشهودة. وصف الإمام الشافعي قبره الشريف “قبر موسى الكاظم الترياق المجرّب”، يقصد به استجابة الدعاء عنده. فيما قال عنه شيخ الحنابلة الحسن بن إبراهيم “ما همّني أمر، فقصدت قبر موسى بن جعفر، فتوسّلت به، إلاّ سهّل الله تعالى لي ما أحب.”
لقد بقي هذا الإمام العظيم الذي قضى معظم حياته في السجون حتى قضى فيها، ثابتاً مقاوماً على خط الرسالة والعقيدة، لا تأخذه في الله لومة لائم حتى قضى نحبه مسموماً شهيداً محتسباً مضحّياً بكل ما يملك في سبيل الله وإعلاء لكلمة الله ودين جدّه المصطفى.
فسلام عليه يوم ولد، ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.