السماوة تكافح الفقر بعشرات المشاريع الزراعية والصناعية

 يوسف المحسن /

عقود الإهمال والاستهداف والتنكيل تركت آثارها على واقع السماوة، فكانت مهَمّة إعادة البناء هي الأكثر تعقيداً، فلا بنى تحتيّة ولا شبكات طرق، وسط شيوع الأمية بين السكان، كانت من بين الأسباب التي دفعت وزارة التخطيط الاتحادية لوصفها بالمحافظة الأكثر فقراً… زيادة السكان
بهذه الكلمات ابتدأ مدير التخطيط (قابل حمود) حديثه عن محافظة المثنى. حمود أضاف أن “أعداد السكان تضاعفت خلال العقدين الماضيين واقتربت من المليون نسمة، موزعين على المدن الرئيسة والقرى والبادية، فهم يسكنون في 112 ألف وحدة سكنية، 21 ألف وحدة منها تصنف بأنها غير نظامية (الزراعية).” حمود أكد أن “توسعاً أفقياً بعدد ومساحات الأحياء السكنية قد حدث، بما زاد الحاجة إلى بنى تحتية مضافة، وتخصيصات مالية تزامنت مع تشكيل وحدات إدارية جديدة من أقضية ونواحٍ، كل ذلك لابد من أن يتحقق في ظل المطالبات والأصوات الشعبية المتعالية، التي تستند إلى حقوقها الدستورية بالسكن والخدمات والتعليم والعمل.”
المثنى بعد عقدين
“عمليات البناء والإعمار استمرت بوتائر متباينة خلال العقدين الماضين، بحسب التخصيصات المالية.” هذا ما يراه المحلل الاقتصادي (مقدام الشيباني)، الذي أشار إلى تعديلات كثيرة في الأداء الاقتصادي للمؤسسات والأفراد، فيما قال مدير التخطيط إن “350 مدرسة جديدة شيدت بعد العام 2003، وتتواصل الأعمال في 65 مدرسة أخرى، كذلك يجري الإعداد والتخطيط لمئة وستين مدرسة تمثل الحاجة الفعلية والوصول إلى الحد المثالي لعدد التلاميذ في الصف الواحد.”
حمود أضاف أن “أعداد الجسور ازدادت من 13 إلى 36 ويتواصل العمل في ثلاثة جسور أخرى، والمجسرات من 14 إلى 38 وأطوال الطرق الداخلية المخدومة بلغت 1100 كلم، والطرق الرئيسة والسريعة وصلت إلى 500 كلم، وطول شبكة المجاري تجاوز 330 كلم. أما شبكات تصريف المياه فبلغت 185 كلم، ويحصل 68% من المنازل على مياه الإسالة، فيما ارتفعت الطاقة الإنتاجية لمشاريع تحلية وتصفية المياه إلى 160 ألف م3، واكتمل بناء 38 محطة تحويلية كهربائية، وأربع محطات لإنتاج الكهرباء بطاقة تصميمية 850 ميغاواط.” لافتاً إلى أن “استهلاك الكهرباء ارتفع من 40 ميغاواط قبل عقدين إلى 850 ميغاواط في أوقات الذروة، وهي الزيادة التي فرضها إقبال المواطنين على شراء الأجهزة الكهربائية ومنظومات التبريد والتكييف بشكل خاص.”
الواقع الصحي
يستطرد حمود قائلاً “تحققت زيادة في الطاقة السريرية للمستشفيات الخمسة تجاوزت الـ 50% لتصل إلى 1100 سرير، فيما ارتفعت أعداد المراكز الصحية الأولية من 24 إلى 73 مركزاً، ورافق ذلك إنشاء سبعة مراكز طبية تخصصية، مع مساهمة القطاع الخاص بمستشفيين جديدين وعيادات طبية وجراحية، فيما يجري بناء ثلاثة مستشفيات أخرى قطعت مراحل متقدمة.” يواصل حمود حديثه قائلاً إن “المعامل والورش الحرفيّة كالحدادة والنجارة وصلت إلى أكثر من ألف وتستقبل 8000 من العاملين الماهرين، وثمّة مدينتان صناعيتان قيد الإنجاز.”
طاقات بشرية
الإرهاب والتفجيرات كانا بشكل واسع لم يسبق له مثيل، ومن ثم الانتقال إلى القوى الناعمة مثل دعم عمليات الفساد والتضييق الاقتصادي، ومنع الشركات من العمل، والحملات الإعلامية المنظمة، كلها نجحت -إلى حد معين- في التأثير وعرقلة عجلة النمو الاقتصادي، وأسهمت في إيجاد عقبات أمام مشاركة أوسع للأهالي في الاستحقاقات الانتخابية، لكن (والكلام مازال لعمران) الجميع تلمسوا، وإن بنسب متفاوتة، حجم النقلات الحضارية والإنسانية والتنموية التي حصلت في مختلف نواحي الحياة.
عن ذلك يقول الشيباني: “السماويون اليوم تحسنت أوضاعهم الاقتصادية بعد أن كانت الرواتب بحدود الدولارين والثلاثة دولارات قبل العام 2003 نجد اليوم اهتمامات متزايدة بالهواتف الذكية والسيارات والأجهزة الكهربائية والأكسسوارات والسفرات الصيفية وأداء الزيارات والعمرة والعلاج والدراسة في الخارج، سواء من خلال البعثات الحكومية أو الدراسة على النفقة الخاصة، فيما ارتفع عدد المركبات إلى عشرين ضعفاً، وبنيت ثلاث جامعات من بينها جامعة المثنى الحكومية التي تحتوي على 17 كلية صباحية ومسائية، كما أجريت توسعات كبيرة على المعهد التقني، وهو ما عزز القوى البشرية.”
يضيف الشيباني: “التوسع في المساحات الزراعية وإعلان الاكتفاء الذاتي من أكثر من منتج ومحصول، والشروع الواسع بمشاريع استزراع البادية، أمور تحسب للقطاع الزراعي، وأعتقد أن ارتفاع إنتاج المحافظة من 200 ألف طن من السمنت سنوياً الى اكثر من ستة ملايين طن هو الخبر الصناعي الأكثر لفتاً للأنظار، فيما الاكتشافات النفطية والتوسع في مصفى السماوة ليصل إلى 70 ألف برميل مثلا التطور البارز في قطاع الصناعة النفطية.” ويستطرد قائلاً “كما يجب ألا يفهم من هذا عدم وجود شبهات فساد كبرى وهدر المال العام، التي لو لم تحصل لما وجدنا التلكؤ الحاصل في الخدمات.”
بالأرقام
وعوداً إلى معدلات الفقر الواردة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، يقول مدير التخطيط إن “مؤشرات الفقر المعتمدة حالياً هي 52%، إلا أن هذا المؤشر كان قبل خمسة أعوام، ونتوقع عند إجراء مسح جديد سوف تنخفض هذه النسبة.” مشيراً إلى أن حركة واسعة لتنفيذ المشاريع تجري في المثنى، بلغت أقيامها 100 مليار دينار في العام الماضي، وهو ما حسّن من فرص العمل، ناهيك عن وجود سبعين ألف موظف حكومي، والآلاف من المتقاعدين والمنتسبين الأمنيين، إضافة إلى النمو المتسارع للقطاع الخاص وقطاع الاستثمار، كلها يمكن أن تكون عوامل لخفض نسبة الفقر.”