بغداد/ علي كريم إذهيب
لم يتصور المزارع شهاب أحمد الدفاعي، أن يتكبد خسائر كبيرة بسبب “السوسة الحمراء”، إذ قال إن “الخسائر في مزرعته من قبل الآفة المستحدثة، التي وصفها بـ(الطاعون الأحمر)، قضت على 11 نخلة تنتج أصنافاً عديدة من التمور.” محذرًا من “دخول نخيل أطراف العاصمة بغداد تحت مرمى الخطر.”
ويشير الدفاعي، في حديثه لمجلة (الشبكة العراقية)، إلى أن “انتشار هذه الحشرة بهذا الشكل لا يمكن أن يكون صدفة.” متسائلاً “أين الحجر الصحي في المنافذ الحدودية لمنع دخول الآفات الزراعية؟ ولماذا انتشرت مع بدء انتعاش تصدير العراق للتمور إلى الأسواق العالمية؟”
السوسة الحمراء
السوسة الحمراء هي نوع من أنواع الخنافس ذات الخطم، وتعد من أخطر الآفات الزراعية التي تهاجم وتنتشر في العديد من دول العالم، كالعراق والسعودية والإمارات والبحرين والكويت وقطر وسلطنة عمان ومصر وليبيا والأردن والهند وباكستان وإندونيسيا والفليبين وبورما وسيريلانكا وتايلند.
يقول وكيل وزير الزراعة العراقية الدكتور مهدي سهر الجبوري إن “السوسة الحمراء من أخطر الآفات الزراعية التي تصيب النخيل، وهي موجودة في عدد من بلدان الجوار، وسبق أن ظهرت الإصابة في محافظة البصرة عام 2015، ولكن جرى القضاء عليها من قبل الوزارة قبل أن تستفحل، بعد حصر البساتين المصابة وحظر نقل الفسائل إلى خارج المدينة.”
وأضاف الجبوري في تصريح لـمجلة (الشبكة العراقية): “هذا العام ظهرت لدينا إصابات للمرة الأولى في محافظة الأنبار، إلى جانب إصابات سجلت في محافظات ديالى وواسط والبصرة، وتواصل كوادر الوزارة، من خلال دائرة وقاية المزروعات، عمليات التحري والفحص عن كيفية انتشار الإصابات، ولاسيما مع إجراءات الوزارة الاحترازية بمنع استيراد الفسائل من جميع بلدان العالم، باستثناء فسائل النخيل النسيجية من دون تربة التوربيدو.”
يرجح الوكيل الوزاري أن تكون الآفة قد دخلت البلاد من خلال فسائل مصابة جرى إدخالها بطريقة غير رسمية إلى المحافظات التي سجلت عدداً من الإصابات، فالمنظمات الدولية كانت تؤكد إلى وقت قريب خلو العراق من آفة السوسة الحمراء تماماً.
ولا يستبعد الجبوري أن يكون هناك استهداف ممنهج ضد زراعة النخيل في العراق، خاصة مع ارتفاع أعداد النخيل إلى 17 مليون نخلة، ووضع خطط للوصول إلى 22 مليون نخلة خلال العام المقبل، في إطار مساعي الحكومة العراقية في استرجاع الرصيد السابق بـ 32 مليون نخلة خلال القرن الماضي.
وكشف المسؤول الحكومي أيضاً: سمحنا باستيراد النخيل النسيجي من أفضل المناشئ العالمية من دون تربة التوربيدو، ولم نسمح باستيراد الفسائل أبداً، لكن على ما يبدو أن أعداداً من الفسائل المصابة قد دخلت من بعض المنافذ الحدودية عن طريق التهريب.
كما منعت الوزارة -بحسب الجبوري- نقل الفسائل بين المحافظات العراقية كافة، إلا بعد استحصال شهادة فحص للفسائل وخلوها من أي اصابات من قبل دائرة وقاية المزروعات، ونجري التحوطات اللازمة بإتلاف الفسائل المصابة وتطويق مناطق الإصابات، ونسيطر على الوضع بشكل كامل، حيث حددنا الانتشار خلال أقل من 30 يوماً.
إذاً كم يبلغ حجم الإنتاج؟
المدير العام لدائرة البستنة في وزارة الزراعة الدكتور هادي الياسري يتحدث بلغة الأرقام لمجلة (الشبكة العراقية) عن حجم إنتاج التمور في العراق لعام 2023، فقد بلغ 725 ألف طن، صُدر منه 150 ألف طن، أما في عام 2024 يتوقع أن يرتفع إلى 850 ألف طن، مع قرب نهاية العام الحالي.
وأضاف المدير العام: أكثر الدول استيراداً للتمور العراقية هي تركيا والهند ومصر والصين والإمارات وسوريا والأردن وبعض الأسواق الأوربية والأميركية.
ما التحديات التي تواجه
قطاع النخيل؟
يحدد الياسري أكبر التحديات التي تواجه قطاع النخيل في العراق قائلاً إن “شُح المياه، وملوحة الأراضي، وعدم اعتماد الأساليب الحديثة في خدمة النخيل من مكافحة وتلقيح وتكميم وتسميد، وتدني نسبة التمور ذات الجودة العالية، قياساً بالحاصل العام، وعدم اعتماد الأساليب الحديثة في تعليب التمور، فضلاً عن زحف الصحراء والمدن، وتجزيء ملكية الأراضي، وقلة الأيدي العاملة في مجال النخيل وارتفاع أجوره، من أقوى التحديات التي تواجه قطاع النخيل والتمور في الوقت الحالي على مستوى العراق.”
عوامل إنعاش قطاع النخيل
في العراق:
يتطلب إنعاش قطاع النخيل في العراق خطة شاملة تأخذ في الاعتبار العوامل الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية. بحسب الخبير الاقتصادي حيدر الشاهين، إذ حدد لمجلة (الشبكة العراقية) 10 عوامل:
1. الدعم الحكومي والتنظيمي:
* توفير تمويل ودعم مالي للمزارعين من خلال القروض الميسّرة أو المنح.
* سن تشريعات تحمي النخيل ومنتجاتها وتمنع التجريف.
* تنظيم وتحديث القوانين المتعلقة بالزراعة التجارة المرتبطة بالنخيل.
2. التطوير التقني والزراعي:
* استخدام تقنيات الري الحديثة للحد من هدر المياه وزيادة الإنتاجية.
* توفير أصناف نخيل محسنة مقاومة للأمراض والظروف البيئية الصعبة.
*دعم البحث العلمي لتطوير تقنيات زراعة وحصاد النخيل.
3. التسويق والتصدير:
* إنشاء قنوات تسويقية فعالة داخل العراق وخارجه لترويج التمور العراقية.
* تحسين جودة التعبئة والتغليف لتلبية المعايير الدولية.
* عقد اتفاقيات دولية لتصدير التمور إلى الأسواق العالمية.
4. إدارة المياه ومكافحة التصحر:
* تحسين إدارة الموارد المائية لضمان توفر كميات كافية لري النخيل.
* مكافحة التصحر والتوسع في زراعة النخيل كحل بيئي للحد من زحف الرمال.
5. التأهيل والتدريب:
* تدريب المزارعين على أفضل الممارسات الزراعية لإنتاج نخيل عالي الجودة.
* توعية المجتمعات المحلية بأهمية النخيل ودورها الاقتصادي والبيئي.
6. دعم الصناعات المرتبطة بالنخيل:
* إنشاء مصانع لمعالجة التمور وصناعة منتجات مشتقة مثل السكر، والكحول، والدبس.
* تشجيع الصناعات الحرفية القائمة على مخلفات النخيل مثل السعف والجذوع.
7. الحفاظ على الأصناف المحلية:
* حماية الأصناف العراقية النادرة من النخيل.
* إنشاء بنوك وراثية لحفظ أصناف النخيل وتطويرها.
8. إعادة التشجير والتوسع في زراعة النخيل:
*إعادة زراعة المناطق التي تضررت بفعل الحروب والتجريف.
* تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في زراعة النخيل.
9. التعاون الدولي:
* الاستفادة من الخبرات الدولية في زراعة النخيل وإنتاج التمور.
* الانضمام إلى المبادرات الإقليمية والدولية لدعم قطاع النخيل.
10. التعامل مع التحديات البيئية:
* مواجهة تحديات التغير المناخي وتأثيره على زراعة النخيل.
* معالجة مشكلات التملح وتدهور التربة.
بهذه الإجراءات، يرى الشاهين، أنه يمكن للعراق استعادة مكانته التاريخية كأحد أهم مراكز إنتاج النخيل والتمور في العالم.