ضرغام محمد علي/
تشكل السياسة النقدية، ممثلة بالبنك المركزي العراقي، عنصر رسم المسار الاقتصادي النقدي وعلاقته ببقية الفعاليات الاقتصادية، لمواجهة أزمة وجود السوق الموازي لسعر الصرف وضعف القدرة على ضبط إيقاعه،
إن تبني منصة الحوالات النقدية التي حجمت الحوالات وأضعفت ميزان المدفوعات، الذي خلق ازمة في المعروض النقدي الأجنبي في الحوالات النقدية، وضعف المبيعات النقدية للدولار، دفع بالبنك المركزي الى اتخاذ سلسلة إجراءات بالتعاون مع الحكومة، وكانت الحلول متعددة.
حلول أمنية
تتمثل بضرب شبكات تهريب العملة الأجنبية والاتجار بها بشكل غير مشروع خارج الضوابط. وقد أسهم هذا الإجراء بخفض الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي لفترة وجيزة، إلا أنها سرعان ما عادت للاتساع مرة أخرى بسبب عدم قدرة هذه الحلول على الحد بشكل كامل من التلاعب بالسوق التجارية التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد بسبب ضعف الناتج المحلي.
حلول إجرائية
عمل البنك المركزي على فتح نوافذ لبيع العملة الأجنبية للمسافرين بالسعر الرسمي، وبكميات محددة، إلا أن شبكات التجارة غير الشرعية سرعان ما استطاعت الهيمنة عليها من خلال استغلال صور جوازات المواطنين، دون علمهم بشكل غير مشروع للحصول على حصصهم بانتظام، بتواطؤ بعض الشركات، لكن البنك المركزي عاد لتغيير قواعد الحصول على هذه المبالغ وحصرها بصالة المغادرين في المطار لضمان عدم تسرب العملة المخصصة للمسافرين الى السوق الموازية.
السيادة النقدية
كذلك بدأ البنك المركزي بتطبيق مبدأ سيادة النقد الوطني على التعاملات المحلية الرسمية وغير الرسمية، واتجه الى التضييق على التعامل الداخلي بالعملات الأجنبية، لكن هذه الإجراءات قد لا تكون فعالة في ظل سوق يعتمد في أكثر من ٨٠ بالمئة من احتياجاته على الاستيراد الخارجي، في ظل ضعف الناتج الوطني وعدم تغطيته الحاجة المحلية كما ينبغي لتطبيق سيادة العملة الوطنية بشكل عملي وليس نظرياً، أو بفرض الحلول القانونية فقط، إذ إن الحاجة ستظل قائمة بشكل حقيقي للنقد الأجنبي، ولاسيما في التجارة مع الدول المعاقبة من الفيدرالي الأمريكي، التي لا تسمح الولايات المتحدة الامريكية بحصولها على الدولار.
يضاف الى ذلك أن تبني هذه السياسة سيقلل الشمول المالي عبر امتناع المودعين عن إيداع ودائعهم بالدولار لدى المصارف العراقية، بسبب عدم ثقتهم بالسياسات النقدية لضمان أموالهم المودعة بنفس عملة الإيداع في ظل التعليمات التي قد تمنع حصولهم على ودائعهم بالدولار، بنفس العملة المودعة بها، وهو ما سوف يؤدي الى خسائر كبيرة للمودعين.
تبني سلة العملات
توجه البنك المركزي الى تبني سلة عملات لتغطية الاستيرادات لتكون الى جانب الدولار في تغطية حاجة السوق من الحوالات النقدية، إذ جرى الاتفاق مع بنك التنمية السنغافوري لتوفير عملة اليوان الصيني لتغطية قيمة الصادرات مع الصين، إضافة الى الاتفاق مع البنك المركزي الإماراتي لتوفير الدرهم الإماراتي لتغطية التجارة البينية مع الإمارات العربية المتحدة وبعض الدول الخليجية. إضافة الى الاتفاق مع تركيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي لتغطية صادراتها للعراق بعملة اليورو، تجنباً للحوالات المرفوضة بالدولار، ولتقليل الاعتماد على النقد والحوالات الدولارية وتقليل الطلب عليه للسيطرة على مستويات التضخم التي لا تتناسب مع السعر الرسمي للصرف.
وتبقى السياسات التقليدية غير قادرة وحدها على ضبط سوق العملة، وإنما التوجه الحكومي نحو خلق تنمية حقيقية بتشجيع الصناعة والزراعة المحليتين وتشجيع الاستثمار عبر خلق مناخات جاذبة، بدأ أولها بتطوير الجهاز المصرفي العراقي ومحاولة جعله مواكباً للصيرفة العالمية لتوفير متطلبات الاستثمار.