عامر جليل إبراهيم/
على الطريق الرابط بين بغداد ـ ذي قار، في محافظة واسط، وتحديداً في قضاء الحي، يقع مرقد التابعي الجليل سعيد بن جبير رضوان الله عليه على بعد 1600 متر من مدخل المدينة، ويبعد عن آثار الحجاج بن يوسف الثقفي أكثر من 40 كيلو متراً.
مجلة “الشبكة العراقية”، ضمن سعيها للتعريف بالأماكن الدينية والسياحية، زارت هذا المزار الذي هو في طور الإعمار، حيث التقت المحقق السيد (ناظم الصافي الموسوي) ليروي لنا حياة التابعي الجليل سعيد بن جبير (رض) بالقول:”هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي، ولد في الكوفة سنة 45هـ، وهو حبشي الأصل، وكان مولى لبني (والبة بن الحارث) من بني أسد. اعتنق الإسلام وتحرر من العتق، وأدرجه بعض المؤرخين في عداد أصحاب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وذهب أكثرهم إلى القول بأنه يكنى بأبي عبد الله، وهناك من مال إلى القول بأنه يكنى بهما معاً. كانت شهادته في شهر شعبان سنة 95هـ، وهو الأشهر، وقيل في العاشر من شهر رمضان سنة 94هـ.”
الثورة ضد الحجاج:
انضم سعيد بن جبير إلى ثورة (عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث) ضد الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان يحث المقاتلين على الجهاد ومنازلة العدو بصرامة، فقد روي عن علي بن محمد عن أبي يقظان قال: كان سعيد بن جبير يقول أثناء القتال: “قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين وتجبّرهم على عباد الله وإماتتهم الصلاة واستذلالهم المسلمين.” وقد عرفت تلك المعركة بمعركة (دير الجماجم). ولما ظفر الحجاج هرب سعيد إلى أصبهان وقم وعاش مختفياً من الحجاج ما يقرب من اثنتي عشرة سنة، مع ذلك كان يتردد في كل سنة إلى مكة مرتين، مرة للعمرة ومرة للحج. وقد وشي به في إحدى أسفاره هذه، فأخذه خالد بن عبد الله القسري وبعث به مقيداً إلى الحجاج بن يوسف الثقفي فكانت نهايته على يد الحجاج.
مراحل إعمار المزار:
السيد (رياض عكباية السويطي)، الأمين الخاص للمرقد حدثنا قائلاً: دفن سعيد بأمر من الحجاج بظهر واسط في مدينة الحي، وقد أشار ياقوت الحموي إلى مرقده أثناء تعرضه للحديث عن قرية (برجونية) بالقول: هي قرية من شرقي واسط وفيها قبر يزعمون أنه قبر سعيد بن جبير الذي قتله الحجاج. وقال حرز الدين: مرقده اليوم في مدينة الحي معروف ومشهور مشييدة عليه قبة قديمة البناء، وله حرم تزوره الناس، ويعود تشييد المرقد إلى عهد قديم حتى العهد الصفوي في القرن الحادي عشر حين أعيد تشيده. وفي مرقده توجد صخرة كتب عليها اسم المجدد لبنائه السابق، وهو (كنعان أغا) سنة 1053هـ في شهر صفر، وأعيد بناؤه سنة 1378هـ بدعم من المرحوم آية الله السيد محسن الحكيم. وبعد انضمامه الى الأمانة العامة للمزارات الشيعية شمل المزار بالهدم ليبنى من جديد وفق معايير الهندسة الحديثة للعمارة الإسلامية.
تفاصيل المزار:
تبلغ المساحة الكلية للمزار، كما يوضح لنا ذلك المهندس (سيف محمد)، رئيس لجنة التنفيذ 10,000م2 وبوشر بالمرحلة الأولى للإعمار، التي تشمل هدم وإعادة بناء الحرم بالكامل وبمساحة 1600م2، كما شمل البناء الجديد حرماً بارتفاع 8 م لمستوى سقف مصلى الرجال والنساء، و 11م لمستوى السقف فوق القبر الشريف. يحتوي الحرم على مصلى للرجال وآخر للنساء بمساحة 700م2 لكل منهما و200م2 لفضاء القبر الشريف، ويحتوي الحرم على 4 أبواب من الخشب الصاج قياس 3.2م وارتفاع 4م للبابين الأمامي والخلفي، وقياس 2.5م وارتفاع 12م للأبواب الجانبية، مضافة الى الحرم (طارمة) بنفس ارتفاع سقف الحرم لجميع الجهات. تحتوي الواجهة الأمامية على طارمة بارتفاع 12م فوق الباب الرئيس للحرم مغلفة بالكاشي الكربلائي المنقوش على الجدران والسقف. يحتوي الحرم على أعمدة داخلية وخارجية مغلفة بالمرمر، فيها نقوش إسلامية، مع المكتبات الداخلية بعدد 10 مكتبات. جدران الحرم مغلفة من الداخل بالمرمر و(العين كار)، كذلك سقف الحرم والطارمة الخارجية مغلفان بالعين كار والآيات القرآنية، مع تغليف الأرضية للحرم و(الطرامي) بالمرمر. أما جدران الحرم من الخارج فمغلفة بالكاشي الكربلائي المنقوش فوق مستوى 2.2م. يحتوي الحرم على قبة خارجية بارتفاع 28م محيطها 32م، تتكون من هيكل حديدي بإنهاءات (الجي آر بي) والكاشي الكربلائي المنقوش على القبة ورقبتها والقبة الداخلية باإنهاءات مغلفة بالعين كار.
النشاطات والزيارات:
جدير بالذكر أن للمزار الكثير من النشاطات والمناسبات الدينية، كما يوضح لنا ذلك نائب الأمين الخاص (أركان علي خليفة)، منها “النشاطات الثقافية والقرآنية وتعليم التلاوة وحفظ القرآن الكريم. وتقام كل تلك النشاطات على مدار السنة.” مضيفاً “نحن الآن شبه متوقفين، لأن المزار يمر بمرحلة بناء وإعمار. أما الزائرون فهم من جميع انحاء العراق ومن العالم الإسلامي. يستوعب المزار بعد إكمال تشييده أكثر من 7000 آلاف زائر وأضعافهم في الزيارات المليونية. الزيارة العامة تكون في أيام الجمعة والسبت والعطل الرسمية، أما الخاصة والعامة ففي 25 ربيع الأول.