ذو الفقار يوسف /
ارتضى (أحمد) أن يغيّر قراره بشراء سيارة أجرة، وأن يفتح محلاً بسيطاً لبيع الأطعمة حتى يستطيع أن يقاوم غلاء المعيشة، وجاء قراره بعد أن فوجئ بأنه ملزم بدفع مبلغ ليس بالقليل، فوق مبلغ شراء العجلة، وذلك لإضافة منظومة الغاز السائل إليها.
رفض العديد من سائقي سيارات الأجرة إضافة منظومة الغاز السائل الى عجلاتهم، بعد أن قررت مديرية المرور العامة إلزامهم بالإضافة عند تسجيل عجلاتهم لأول مرة من خلال توجيهات وزارة النفط، وبقرار من مجلس الوزراء، وتخويل وزارة النفط / “شركة تعبئة الغاز” صلاحية الدخول في عقود شراكة مع الشركات المتخصصة لتوسيع ورش لإضافة هذه المنظومات، وإنشاء محطات تعبئة الغاز السائل في أنحاء العراق كافة.
الغاز والحصار
لعبت العوامل الاقتصادية دوراً مهماً إبان الحرب عام 1991 في اختراع العراقيين بإمكانيتهم الذاتية وسائل لتشغيل مركباتهم، حيث كانت هناك آنذاك شحّة في الوقود الذي يتم من خلاله تشغيل العجلات، نتيجة لتضرر مصفى بيجي الذي دمرته الطائرات الأميركية، حين قاموا باستغلال غاز الطبخ كبديل للبنزين، وتشغيل عجلاتهم بالرغم من مخاطره عليها، ولأن نظام السيارات لم يكن يعمل على نظام البخاخ الذي يتم العمل عليه الآن، ما جعل عمر مكائن السيارات يتناقص تدريجياً.
أما الآن، وبعد قرار مديرية المرور العامة في اضافة منظومة الغاز السائل الى سيارات الأجرة، فقد سادت حالة من الجدل بين العديد من سائقي سيارات الأجرة، حسب تصريح الناطق الرسمي باسم مديرية المرور العامة العميد عمار وليد إذ قال: “إن قرار شمول المركبات بربط منظومة الغاز كان يشمل في البداية جميع المركبات المسجلة حديثاً”, مبيناً: “وبسبب استحالة تنفيذ القرار ولكثرة أعداد المركبات المسجلة حديثاً, اضافة الى تأثيره المادي على شريحة كبيرة من المجتمع، فقد تمت مناقشة الموضوع من قبل لجان بين المرور العامة ووزارة النفط وتم التوصل الى قرار بشمول مركبات بمواصفات معينة لربطها بمنظومة الغاز”.
وأضاف “أن وزارة النفط هي المسؤولة عن إصدار القرار وتنفيذه بمساعدة المرور العامة كجهة ساندة، للسيطرة على الآلية ومراقبتها، وأن هناك أربع مواصفات يجب توفرها في المركبات المسجلة حديثاً ليتم شمولها بربط منظومة الغاز، وهي أن تكون المركبة مسجلة لأول مرة، وثانياً أن تكون صالون، وثالثاً أن تكون سيارة أجرة، ورابعاً أن تعمل بنظام البخاخ.”
صديق البيئة
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من المنشورات التي تدعو الى تجنب إضافة منظومة الغاز المسال، بالرغم من عدم معرفتهم بمميزاته وعيوبه، فمن التغلب على مشكلة ارتفاع أسعار البنزين، الى الحفاظ على البيئة لكونه يعتبر خليطاً من غازات هيدروكربونية تستخدم في أجهزة التدفئة والتبريد، والذي تكون أضراره قليلة على طبقة الأوزون.
أما رقم الأوكتان المسبب لعملية “الدوانز” فيكون منخفضاً وبالتالي تنعدم هذه العملية عند استخدام الغاز المسال، اضافة الى التقليل من الاهتزازات التي بدورها تطيل عمر محرك السيارة، ومن منافعه أيضاً أنه متوفر دائماً ولايمكن احتكاره.
فيما حذرت دراسة مستقلة أجراها صندوق الدفاع عن البيئة عام 2012 من أن تسرب هذا الغاز هو المسؤول عن زيادة نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، لكن هذه الاحصائيات لا تلقى اهتماماً لدى شركات صناعة السيارات التي تدافع عن الغاز وتقول دراساتها الخاصة إنه يخفض ثاني أكسيد الكربون في الجو بنسبة 29% مقارنة مع 22% للبنزين.
500 ألف دينار
إن أغلب سائقي سيارات الأجرة هم من الفئات ذات الدخل المحدود، وإلزامهم بدفع مبلغ نصف مليون دينار عراقي، لإضافة منظومة الغاز السائل لعجلاتهم، فضلاً عن المعاملات الرسمية، يشكل عبئاً على دخلهم اليومي، وبالرغم من المناشدات والاعتراضات إلا أن مديرية المرور العامة لم تراع ظروفهم، فبعد أن وافق مجلس الوزراء على مقترحات وزارة النفط فيما يتعلق بموضوع استعمال الغاز على شكل وقود لمركبات النقل، والذي أشار الى المقترحات التي قدمتها الوزارة، وهي أن تتولى جميع الوزارات والجهات الحكومية إضافة منظومة الغاز السائل الى المركبات العائدة لها والعاملة بالبنزين بالتنسيق مع وزارة النفط من أجل وضع جدول زمني لإنجاز ذلك.
يضيف الدكتور حامد يونس الزوبعي وكيل وزير النفط لشؤون الغاز “أن خطة الوزارة في استخدام الغاز المسال كوقود للعجلات تمثل جانبين مهمين هما الجانب الاقتصادي والجانب البيئي، وقد تم افتتاح عدة ورش ذات تقنية عالية في إضافة المنظومة للعجلات، إذ تتمتع هذه الخدمة بمميزات عديدة منها المردود الاقتصادي للبلد، وكذلك المردود الاقتصادي للمواطن كونه أقل كلفة من استخدام البنزين بحيث تصل عملية تخفيض الكلف الى 50%، وحتى من الجانب الفني فإن العجلة يكون عملها أكثر فاعلية باستخدام الغاز المسال لأن رقم الأوكتان يكون باستخدام الغاز بنسبة 110، أما باستخدام البنزين فيكون 90 فقط، وهذا مايطيل عمر محرك العجلة.”
عيوب ومخاوف
شارك العديد من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يظهر من خلاله انفجار إحدى السيارات التي تعمل على منظومة الغاز، آخرون شاركوا منشورات عن عيوب المنظومة وتأثيرها على عجلاتهم، وآخرون متخوفون من اقتراب عجلاتهم من العجلات التي تحتوي على منظومة الغاز، وأسموها بـ(المفخخة)، التي بإمكانها أن تنهي حياتهم، وأن هناك سيارات تعمل بنظام البنزين قد احترقت بسبب الطقس الحار في فصل الصيف، فكيف الحال بالسيارات التي تعمل بنظام الغاز السائل، ما جعل شركة تعبئة الغاز تنشر تنويهاً من خلال صفحتها على “الفيسبوك” جاء فيه “أن التصدي والرد على الهجمات الإعلامية في شبكات التواصل الاجتماعي والتي تشنها مجموعة من الصفحات التي لا تريد بالعراق خيراً ضد مشروع العراق الوطني بإضافة منظومات الغاز للسيارات هو من مسؤولية جميع الشرفاء، لذا نحث جميع منتسبينا وأصدقائنا على الدخول الى هذه الصفحات والرد والدفاع بقوة عن هذا المشروع الذي يخدم الجميع.”
اقتصادي وآمن
يوضح بعض الخبراء وجود العديد من العيوب التي ترافق إضافة منظومة الغاز السائل الى العجلات، منها أنها تسبب تآكل الاسطوانات والصمامات في المحرك، ويعود ذلك الى ارتفاع نسبة الكبريت التي تنتج عند احتراق الغاز بالمقارنة مع البنزين لكونه، كوقود، مادة مليّنة لمحرك العجلة اذا ما قورن بالغاز المسال، وأيضاً أن اسطوانة الغاز تشغل حيزاً كبيراً في العجلة، بالإضافة الى الوزن الذي يرافقها والذي قد يتخطى الـ (100 كيلوغرام) عندما تكون ممتلئة بالغاز، وهذا ما يؤثر على قدرة سحب المحرك، ومن المخاوف الأخرى أن مكان اسطوانة الغاز قد يسبب الانفجار في حوادث الاصطدام، لأنها تكون غير مصنّعة بشكل آمن يتماشى مع العجلات المستوردة.
أشار العديد من المواطنين والموظفين الذين تم تحويل نظام الوقود في عجلاتهم الى الغاز السائل، الى دقة تصريحات وزارة النفط، فلم تسجل سياراتهم أي حريق او انفجار للمنظومة، اضافة الى ذلك فإنها اقتصادية جداً مقابل البنزبن، إذ أن سعر اللتر الواحد من الغاز السائل 200 دينار، في حين أن سعر لتر البنزين العادي 450 دينار، أما المحسَّن منه فقد يصل سعره الى 900 دينار عراقي. ويرى أحد موظفي مصفى الدورة في بغداد أن المنظومة آمنة واعتمدنا عليها لمدة 5 سنوات، وأن أي شخص يطلق الشائعات حول عدم جاهزيتها وأمانها هو شخص جاهل يريد أن يدمر المشاريع الخدمية الناجحة التي تخدم المجتمع العراقي.