القاسم (الغريب) فرع “زكي” من الدوحة النبويّة

عامر جليل
تصوير: إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية

على مقربة من مدينة الحلة، مركز محافظة بابل، وتحديداً في قضاء القاسم، يقع مرقد القاسم بن الإمام موسى الكاظم (ع)، المدينة التي اكتسبت اسمها منه، ويسمى بالغريب أيضاً. ويعد مرقده مزاراً لجميع الناس والعلماء والأخيار.
مجلة “الشبكة العراقية” تشرفت بزيارة المرقد الشريف لتسليط الضوء على هذه البقعة الطاهرة، حيث التقت الحاج (كريم حسين الصكر)، الأمين الخاص للمزار، الذي حدثنا قائلاً:
نسبه
هو القاسم بن الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام أجمعين). وهو أخو الإمام الرضا المدفون في مشهد (إيران) وابن الإمام موسى الكاظم سابع الأئمة الأطهار.
مولده وسيرته
ولد الإمام القاسم (ع) سنة 148هـ في المدينة المنورة إبان الحكم العباسي، في زمن هارون الرشيد، وتوفي سنة 192هـ عن عمر ناهز 44 سنة.
بعد استشهاد الإمام موسى بن جعفر بدأت الأنظار تتجه إليه، لأنه كان شبيهاً بوالده، وكان عالماً جليلاً ومن المقربين إلى أبيه، ويروى في حديث لموسى بن جعفر: “ولو كان الأمر في يدي لجعلته لولدي القاسم، لكن الأمر لله سبحانه وتعالى بولاية علي بن موسى الرضا.”
أخذ القاسم دوراً سياسياً مهماً بموازاة أخيه علي بن موسى الرضا، وعندما خرج من المدينة إلى العراق قصد الكوفة، مدينة جدّه أمير المؤمنين، ووصل إلى الفرات، وهذا النهر يخرج منه فرع اسمه (نهر السورى) يدخل إلى هذه المنطقة التي تسمى (أبا خمرى)، وأثناء سيره في النهر وصل إلى هنا، حيث كانت هناك فتاتان على ضفة النهر تتكلمان فيما بينهما، تقول إحداهما للأخرى: “بحق صاحب بيعة الغدير”، فانتبه الإمام القاسم إلى هذا الاسم، فتيقن أن هذه المنطقة متشيعة وموالية لأمير المؤمنين، حينها قال لهما: “يا بنيتاه، ومن صاحب بيعة الغدير؟” فقالت إحداهما: “هو علي بن أبي طالب، الضارب بالسيفين والطاعن بالرمحين.” قال: “أين دياركم؟” قالت: “هذه”، قال: “خذيني إلى أبيك”، فأخذته فدخل إلى الدار ومكث ثلاثة أيام في هذا المكان. بعد هذه المدة تكلم مع الشيخ الذي يسمى (أبا خمرى) قائلاً: “أنا أريد أن أعمل”، فقال الشيخ: “يا بني إذا كنتَ مصراً فاختر عملك”، فعمل الإمام القاسم في سقاية الماء. وبقي معهم بضع سنين، فتحسنت أحوال الحي ودرّت الخيرات والبركات عليهم.
شجاعته
وكان أهل الحي الذي فيه القاسم قد خرجوا للغزو، فجاءت قبيلة أخرى لتغزوهم، وكان القاسم موجوداً مع من بقي في المدينة، فطلب سيفاً فأعطوه، فكانت له وقفة رد فيها الغزو عن حيِّه وأجبر الغزاة على الفرار وأخذ منهم غنائم. وعندما رجعت القافلة حدثوا الشيخ بما فعل الغريب، وفي يوم من الأيام خرج الشيخ يصلي، ونظر إلى الغريب وهو يصلي والنور يشع منه من الأرض إلى عنان السماء، فعاد الرجل إلى زوجته وقال لها: أريد أن أزوج هذا الرجل ابنتي، ثم حدّث أعمامه بحديثه، قال لهم: “أريد التقرب من هذا الرجل لأنه مؤمن له منزلة كريمة عند الله”، وقال له: “يا بني أنا أريد أن أزوجك إحدى بناتي”، فقال القاسم: “إذا أردت أن تزوجني فزوجني التي سألتُها عن الحي”، وهكذا تزوج القاسم من بنت الشيخ وأنجب منها بنتاً سماها فاطمة.
مراحل بناء المرقد
في سنة 192هـ بعد وفاة الشيخ أبي خمرى، كانت العمارة الأولى -حسب الروايات-، بعدها في سنة 1288هـ بدأت العمارة الثانية حين بنى المرقد السيد (آقي علي شاه)، وكانت القبة بيضاء، تبعتها عمارة ثالثة سنة 1324هـ تكفل نفقاتها السيد (أبو المعز السيد محمد القزويني)، وفي وقتها استبدل شباك المرقد الشيخ خزعل الكعبي أمير المحمرة، وفي عام 1945م بنيت القبة بالكاشي الكربلائي الأزرق وبقيت هذه القبة حتى سنة 1996م، وفيها بنيت القبة الذهبية، وهي قائمة حتى يومنا هذا.
تفاصيل المزار
أثناء تجوالنا في المرقد الشريف، التقينا المهندس (ذو الفقار فارس حمود)، مسؤول الوحدة الهندسية في المزار، ليحدثنا قائلاً: تبلغ المساحة الكلية للمزار 3000 متر مربع ومساحة الحضرة 900 متر مربع، مقسومة إلى قسمين متساويين: أحدهما للرجال ومثله للنساء، ويبلغ ارتفاع المآذن 32 متراً لكل واحدة، وارتفاع القبة 28 متراً.
وعن التوسعة قال: مساحة صحن الإمام القاسم، المغلفة بالكاشي الكربلائي، تبلغ 1700 متر مربع، أما بخصوص المساحات المستملكة من قبل الأمانة الخاصة للمزار الشريف فهي من أربع جهات: جهة باب الإمام الكاظم، مساحتها 800 متر مربع، أما جهة باب القبلة فتبلغ مساحتها 1800متر مربع، وجهة باب الإمام علي (عليه السلام) مساحتها 1800متر مربع، وأخيراً باب الإمام الرضا (عليه السلام) ومساحتها 20967 متراً مربعاً، وهي أكثر مساحة مستملكة.
زيارات ونشاطات
عن نشاطات المزار، حدثنا السيد (لهيب علي الصكر)، المعاون الثقافي للمزار قائلاً: لدينا شعبة لتدريس علوم القرآن، كما تُقام النشاطات الثقافية والقرآنية طوال أيام السنة، ويستقبل المزار زائريه من كل دول العالم الإسلامي، إذ يبلغ عدد الزائرين ما يقارب الـ 3 ملايين زائر اثناء الزيارات المليونية، وتكون الاستعانة بالمتطوعين من أبناء المدينة. أما الزيارة الاعتيادية للمرقد فتكون أيام الجمعة والسبت، أما زيارته المخصوصة فهي مليونية توافق يوم وفاته في 22 جمادى الأولى، وفي الأول من ذي الحجة هناك مناسبتان للزيارة هما وفاة علي بن موسى الرضا ووفاة موسى بن جعفر ووفاة أخته المعصومة (عليهم السلام أجمعين).