طهران / منى السراج/
الكافيار هو البيض المملح الذي يستخرج من بعض أنواع السمك، يمتاز باحتوائه على العديد من العناصر الغذائية، كما يُصنف بأنه من أغلى وأشهر المقبلات الفاخرة، وينتج 90 % من جميع أنواعه بالعالم في بحر قزوين شمال إيران.
سمك الكافيار (أو الحفش) واحد من أقدم الكائنات الحية على وجه الأرض، يعود تاريخه -بحسب المؤرخين- إلى العصر الجوراسي (145 – 200 مليون سنة)، ويطلق عليه أيضاً اسم (الأحافير الحية)، وقد أدرج في السنوات الماضية ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض.
أسماك الكافيار
منذ ثماني سنوات وقّعت جميع الدول المطلة على بحر قزوين (إيران وتركمانستان وكازاخستان وروسيا وأذربيجان) اتفاقية بعدم صيد أسماك الكافيار من بحر قزوين، وعمدوا إلى زيادة الإنتاج من خلال مزارع تربية الأسماك.
يقول المهندس (ناصر كرمي راد)، المدير العام لمكتب استعادة وحفظ الذخائر الوراثية للحيوانات المائية في المنظمة الوطنية الإيرانية لمصايد الأسماك إن “خمسة أنواع من أسماك الكافيار توجد في بحر قزوين، ومعظم النوعية الموجودة على الساحل الإيراني هي من نوع (قره برون).” وأضاف أنه “بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وظهور دول جديدة على ساحل بحر قزوين، بدأت الدول بصيد أسماك الكافيار من دون أية قيود، ما جعل جميع أنواعها تواجه شبح الانقراض، وإثر ذلك وقعت اتفاقية الموارد الحية لبحر قزوين لاستعادة وحفظ الذخائر البحرية وأسماك الكافيار.” وأشار إلى أن “صيد أسماك الكافيار البحرية حالياً لا يجري من جميع الأطراف، لكن سُمح لإيران وروسيا فقط بصيد محدود بهدف زيادتها في الأحواض الصناعية، ثم إعادتها إلى البحر من جديد وحفظها من الانقراض.”
مزارع الأسماك
وفي ظل غياب صيد أسماك الكافيار من بحر قزوين، وحرصاً على حفظ مكانة الكافيار الإيراني في العالم، بدأت تنتشر مزارع أسماك الكافيار في إيران لملء الفجوة واستمرار تصدير الكافيار إلى دول العالم، إلى جانب بعض الدول الجديدة المنافسة في تربية الكافيار (المستزرع)، مثل الصين وروسيا وأرمينيا. وتلقي إيران سنوياً نحو ثلاثة ملايين قطعة من الكافيار الصغير في بحر قزوين بهدف تخصيب ذخائر كافيار بحر قزوين لإمكانية صيدها من جديد، كما أنشأت 130 مزرعة لتربية أنواع الكافيار (المستزرع) في جميع أنحاء إيران، وأنتجت عام 2018 نحو 2830 طناً منه، وستة أطنان من بيوضه.
يعتقد خبير البيئة البحرية الدكتور (أكبري) أن تدفق مياه الصرف الصحي الناتج عن المدن والمصانع إلى البحر، والتلوث الناجم عن استخراج النفط والغاز، والصيد غير القانوني، وتدمير ضفاف الأنهار، وتراجع تدفق مياهها إلى البحر بسبب الجفاف والاستغلال الجيولوجي الساحق للبحر، وانخفاض تغذية الأسماك؛ هي الأسباب الأساسية وراء تراجع كميات أسماك الكافيار في بحر قزوين.
الكافيار الإيراني
يقول الاختصاصي ومصدّر الكافيار (محمد سوار زاده) في حديثه عن الخصائص التي تميز الكافيار الإيراني مقارنة بغيره، إنه يعيش مدة طويلة، ولاسيما نوعية (بلوكا) التي قد تعمر أحياناً مئة سنة، ويصل وزنها كذلك إلى طن، وكلما ازداد حجم السمك كبر البيض، وبالتالي يرتفع سعره. والكافيار الإيراني لا يحقن بالهرمون من أجل استخراج البيض ثم يترك في البحر من جديد، بل يصطاد مرة واحدة فقط لتحتفظ البيضة بجودتها العالية. كما أنه لا يوجد تلاعب في الجينات من أجل الحصول على الكافيار خلال فترة زمنية قليلة كما تفعل الصين، التي يبيض سمك الكافيار لديها في سنته الرابعة بدل العاشرة، بحسب التقرير.
وبلغ إنتاج الكافيار الإيراني في بحر قزوين ثلاثمئة طن في السنة قبل عقدين من الزمن، إلا أنه تراجع إلى الصفر بحسب هيئة الموانئ والشحن، إذ جرى استبداله بالكافيار (المستزرع) بإنتاج وصل إلى ستة أطنان في العام الماضي، ويجري تصدير طنين فقط منه بشكل رسمي. وتخطط إيران لإنتاج مئة طن من الكافيار، وعشرة آلاف طن من لحم سمكه، مع حلول عام 2025.
تأثير العقوبات
أثرت العقوبات المفروضة على إيران على قطاع تصدير الكافيار، إذ لا يمكن بيعه وإدخال الأموال إلى البلاد بسبب توقف الكثير من البنوك العالمية عن التعامل مع البنوك الإيرانية، وهذا يشكل خطراً آخر على مستقبل الكافيار الإيراني، ويهدد بتراجع ترتيبه عالمياً في الوقت الذي يتصدر فيه الكافيار الصيني وغيره الأسواق العالمية. ويتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من الكافيار (المستزرع) في إيران بحدود 1000 و1200 دولار تقريباً، ويرتفع سعره في التصدير إلى 1500 و2000 يورو، بحسب النوعية وموسم التصدير. ويعود سبب غلاء الكافيار إلى تناقص العدد، بالإضافة إلى الفترة الزمنية الطويلة لتطوير البيض (بين عشر الى عشرين سنة بحسب أنواعه المختلفة)، وكذلك نوعية السمك، وحجم البيض، مقارنة بغيرها من الأسماك. ويأمل مراقبون في أن تثمر جهود الدول المطلة على بحر قزوين عن حماية مضاعفة لأسماك الكافيار وحفظ البيئة لاستمرار جميع الموجودات الحية في البحر، والعودة إلى الأسماك البحرية بدل المستزرعة.