بيت رشيد عالي الكيلاني.. شهدت فضاءاته اجتماعات الحكومة في العهد الملكي

ملاذ خالص – تصوير: علي الغرباوي /

يقع بيت رئيس وزراء العراق في العهد الملكي رشيد عالي الكيلاني في الأعظمية / شرقي بغداد، ويطل على نهر دجلة في بستان مساحته تزيد عن 3000 متر مربع، ويحتوي على أشجار النخيل وأنواع الحمضيات والفواكه، إذ اتخذه الكيلاني عام 1928 مسكناً ومقرا له، حيث عقدت مئات الاجتماعات في فضاءات البناء الباذخ الذي يوثق مهارة البناء العراقي ورهافة الذوق في التصميم، كما شهدت جدرانه تشكيل وزارات عديدة خلال الحقبة الملكية.
بيت تراثي
مديرة الموقع، السيدة (نبيلة عبد علاوي) قالت لـ “مجلة الشبكة” إن “رئيس الوزراء في العهد الملكي رشيد عالي الكيلاني المتوفى سنة 1965م كان يعقد في هذا البناء الاجتماعات مع الأطراف السياسية في الحقبة الملكية. وفي شهر آب سنة 2011، أعلنت دائرة التراث عن نيّتها تحويل البيت إلى متحف، وجرى إصلاح البيت تمهيداً لمشروع (بغداد عاصمة الثقافة العربية) عام 2013. كما اتخذته الفرقة السمفونية العراقية مقراً لها ابتداء من 16 تموز 2019، حتى يوم 14 أيلول سنة 2020. وهو الآن يتبع دائرةَ التراث التابعة إلى وزارة الثقافة العراقية، التي تعد البيت من أشهر معالم بغداد التراثية، حيث تقع بقربه ثانوية كلية بغداد، وإلى جانبها كنيسة الحكمة الإلهية، ثم بيت حكمت سليمان جنوباً، وبيت صالح مهدي عماش شمالاً.”
وأضافت أن “مساحة البيت تبلغ 3675 م2، تحيط به حديقة داخلية من جوانبه الأربعة، وهو مكون طابقين ويحتوي على 13 غرفة وصالتين، مبني من الطابوق والجص و(الشيلمان)، وهناك دعامات إسمنتية تحمل سقفي الطارمتين الأرضية والعلوية. واعتمد التصميم على شكل حذوة الفرس للشبابيك الخشبية المصنوعة من الصاج، التي تفتح إلى الداخل مع فتحات تهوية في أعلى الجدار قرب السقف.” لافتة إلى أن “الهيئة العامة للسياحة والآثار تنفذ عمليات صيانة له بين فترة وأخرى، رغم أن البناء لم يتعرض إلى اندثار، إذ أن سمك الجدار يبلغ 60 سم مع أساس يزيد على الثلاثة أمتار، ولكون البناء فيه سرداب على كامل المساحة، لكن الدائرة قررت دفنه وتسويته مع الأرض المحيطة به لتقوية أساس البناء.”
عمره قرن
وتابعت علاوي أن “بعض البساتين في شرق البيت تعود ملكيتها إلى الكيلاني، وهي كثيفة الخضرة، تحتوي على أشجار النخيل والحمضيات والتوت. ويقابل البيت شاطئ دجلة من الغرب.” مشيرة إلى أن “البيت كان ملكاً لمراد بك بن سليمان فائق، أخي حكمت بك سليمان فائق، وهدم هذا البيت بعد زواج رشيد عالي الكيلاني من كبرى بنات مراد بك، وقام مقامه قصر الكيلاني الحالي، حين بُنيَ الطابق الأرضي منه سنة 1925م أي قبل قرابة قرن من الزمان. وبعد 5 سنوات (1930) بُنيَ الطابق الأول، إذ لم يعد الطابق الأرضي كافياً، ثم أُضيف إلى الطابق الأرضي ملحقٌ خدمي سنة 1935. ظلّ رشيد وعائلته يسكنون البيت حتى سنة 1941، حين نُفيَ إلى خارج العراق.” مبينة أن “الكيلاني عاد الى بغداد بعد سقوط الملكية عام 1958 وسكن في دارة بضع سنين، ثم في النصف الثاني من الستينيات، اتخذته ابنته وِداد رشيد عالي الكيلاني وجعلتهُ روضة ومدرسة أهلية سمتها (مدارس مايس الأهلية)، وبقيت المدرسة حتى عام 1979، وفي أواخر عقد السبعينيات، اشترت أمانة بغداد البيتَ، وجعلته بنايةً تراثية مشتملة على متحف، سُمّيَ (متحف ثورة مايس 1941)، ثم تحول في التسعينيات إلى روضةً ومدرسة ابتدائية.”
تأهيل البيوت التراثية
وكانت وزارة الثقافة قد أعدت العام الماضي خطة لإعادة تأهيل البيوت التراثية في العاصمة بغداد والمحافظات، وأكدت استحصال قرار من مجلس الوزراء بشأن مسؤولية إدامتها وتأهيلها. وقال المتحدث باسم وزارة الثقافة، (أحمد العلياوي)، في تصريح صحفي، إن “ملكية البيوت التراثية تعود إلى (3) أطراف حسب عائدية كل منها، فهناك ما هو عائد إلى وزارتنا، وهناك ما يعود إلى مجموعة من دوائر الدولة، ولاسيما أمانة بغداد، وهنالك طرف ثالث هم الأفراد والعوائل التي تمتلكها.” مشيراً إلى أنه “جرى استحصال قرار من مجلس الوزراء بأن تكون وزارة الثقافة هي المسؤولة عن هذه البيوت من جهة إدامتها وتأهيلها ورعايتها، وكذلك الانتفاع منها، بمعنى أن الوزارة ترى وتقرر أية جهة من الممكن أن تنتفع من هذه البيوت، فتعمل على تسليم البيت بشكل رسمي وأصولي لغرض الانتفاع وليس لغرض التمليك، وهذه نقطة أساسية ومهمة.”
وأضاف أن “غالبية البيوت التراثية في الأصل، يمتد عمرها إلى مئة عام وأكثر، وأنها تحتاج إلى إدامة وتأهيل وعناية ورعاية.” موضحاً أنه “ليست هناك تخصيصات محددة للإعمار والتأهيل، والباب مفتوح أمام أية جهة تكون راغبة في تمويل الإعمار والتأهيل والإصلاح والحفاظ على تلك البيوت باعتبارها معلماً عراقياً تراثياً حضارياً، ولدى الوزارة دائرة معنية بهذا الموضوع لها ضوابط محددة تعمل عليها، إذ أن الاصلاح يخضع إلى ضوابط دقيقة ومواصفات، فلا بد من وجود مؤسسات معمارية هندسية لديها خبرة في مجال التأهيل المعماري التراثي حصرياً.”