بغداد- الشبكة/
تعد الدول العربية في قائمة الدول الأكثر تعرضاً للهجمات الإلكترونية، وذلك بالنظر لأهميتها الستراتيجية في الصراع العالمي، ولاسيما مع وجود النفط. وتعاني غالبية هذه الدول نقصاً في الخبرات والإمكانات لمواجهة هذه التحديات التكنلوجية.
ومن هنا تأتي أهمية كتاب (تكنولوجيا الحروب السيبرانية وستراتيجيات المواجهة الدولية)، الذي صدر مؤخراً عن دار (مكتبة عدنان للطباعة والنشر والتوزيع) للباحثة في مجال العلوم السياسية (سرى غضبان غيدان)، والدكتور (محمد منذر جلال)، إذ يعد هذا الكتاب من المراجع التخصصية النادرة، سواء من حيث مضمونه الدسم أو طريقة طرحه السلسة لقضايا الأمن السيبراني ومخاطرها في عصرنا الحالي وتفاصيلها الرقمية.
يتحدث الكتاب باختصار عن تصنيف الحروب الحديثة إلى ستة أجيال منها: حروب الجيل الأول منذ معاهدة (ويست فاليا) من 1648 إلى 1860 التي تُعرف بـ (الحروب التقليدية)، وهي التي تكون بين عدوَّين على أرض محددة. أما حروب الجيل الثاني؛ فقد كانت أكثر تطوراً بالنسبة إلى سابقتها، وذلك من ناحية المعدات والأسلحة المستخدَمة، وهي فترة الحرب العالمية الأولى، إذ ارتفعت فيها قدرة إنتاج النيران.
صراع أجيال
إن ما يميِّز حروب الجيلين الأول والثاني هو أنَّ الجيوش تتقاتل على خطِّ الجبهة، أما حروب الجيل الثالث، التي تتمثل في فترة الحرب العالمية الثانية إلى نهاية القرن العشرين؛ فيمكن وصفها بأنها أكثر تطوراً من حيث إدخال الطيران العسكري إلى ميادين القتال. ففي الجيل الثالث من الحروب استطاع العدو، بسبب التطور الذي طرأ على الأسلحة، أن يقاتل على الجبهة ويلتف على العدو أيضاً. إن حروب الجيل الأول اعتمدت بشكل كبير على القوة البشرية، أما في الجيلين الثاني والثالث؛ فكان اعتمادهما على القدرة الكبيرة في إطلاق النيران بسبب تطور الأسلحة. لكن العامل المشترك الذي جمع حروب الجيل الأول والثاني والثالث هو أنها تتكون من جيوش واضحة المعالم تابعة لدول كاملة السيادة.
جاء مضمون هذا الكتاب الورقي في ٢٤٠ صفحة، ولا شك في أنه ذا فائدة كبيرة للباحثين في هذا المجال، وكذلك المثقفين وطلبة الجامعات في كتابة البحوث، إذ إنه يفصل بطروحاته للقارئ آليات وآيديولوجية القرصنة والابتزاز والهجمات الإلكترونية أو السيبرانية، وهو ما يستدعي تأمين البيانات والمعلومات من خلال التثقيف بخطورتها وأهميتها في بث الثقة والأمان بالتعاملات في البيئة الرقمية المفتوحة التي نعيشها اليوم، التي تعد المعلومات فيها وكيفية السيطرة عليها من أهم ركائزها.
ثلاثة فصول
قسم الكتاب بين ثلاثة فصول: الأول بعنوان (الإطار النظري والمفاهيمي)، الذي بدوره قسم بين ثلاثة مباحث، الأول تناول (مفهوم التكنولوجيا والسيبرانية)، والثاني درس (مفهوم الحرب ونظرياتها)، وختم الفصل بالمبحث الثالث بعنوان: (تأثير التكنولوجيا في الحرب). وكان عنوان الفصل الثاني (العامل التكنولوجي وتطوير نظرية الحرب)، الذي قسم بين ثلاثة مباحث، الأول بحث في (مواجهات التطور التكنولوجي)، والثاني درس (تأثير التكنولوجيا في الحروب)، والثالث شرح (التكنولوجيا والستراتيجيات العسكرية)، وختم الكتاب بالفصل الثالث بعنوان (الحروب السيبرانية)، الذي قسم بين ثلاثة مباحث، الأول بعنوان (تاريخ الحروب السيبرانية ومميزاتها)، والثاني يشرح (الستراتيجيات الدولية في مواجهة الحروب السيبرانية)، وختم الفصل بالمبحث الثالث المعنون (مستقبل الحروب السيبرانية). وعزز الكتاب بالعديد من الجداول والمخططات البيانية لإغناء ما ورد في متنه. ويعد مفهوم الأمن السيبراني اليوم من أهم المفاهيم التي تسعى الدول الى تحقيقها، ولاسيما بعد التقدم التكنولوجي الهائل في مجالات الحياة، ومدى تأثير هذا التقدم على التفاعلات الدولية، وتأثيره حتى في تغيير شكل الحرب، وصولاً الى الشكل الجديد للحرب ألا وهو (الحرب السيبرانية).