طه الحسني /
مع تفاقم أزمة الكهرباء والنقص الحاد الحاصل في إمداداتها، تسعى الحكومة الى إيجاد سبل جديدة لرفع إنتاج البلد من الكهرباء عبر مشاريع الاستثمار، ولاسيما مشاريع إنتاج الطاقة المتجددة. فمنذ عقود فشلت الدولة في سد حاجة البلاد من الكهرباء، التي غدت واحدة من أكبر المعضلات التي تنغص حياة المواطنين، وتلقي بتبعاتها على مفاصل العمل والإنتاج التي تعتمد على الكهرباء.
وفي محاولاتها لوقف فصول معاناة المواطن العراقي وحرمانه من الحصول على احتياجاته الكاملة من هذه النعمة، ولاسيما في فصلي الصيف والشتاء، وتلبية الزيادة الطبيعية الحاصلة في طلب الطاقة الكهربائية لمواجهة حرارة الصيف اللاهبة وبرد الشتاء القارس، تتعدد الحلول على أمل بحل جذري لأزمة مزمنة.
حلول ترقيعية
المواطن أسعد طالب الشيحاوي أكد لـ “مجلة الشبكة” أن “جميع المشاريع التي نفذتها وزارة الكهرباء خلال الأعوام السابقة، ولاسيما بعد التغيير الذي شهدته البلاد وإزالة النظام البائد، لم تسهم –للأسف- في إعادة الاستقرار للتيار الكهربائي، على الرغم من المبالغ الخيالية التي صرفت من قبل الحكومة على هذا القطاع الحيوي، التي تجاوزت الثمانين مليار دولار، التي كانت كفيلة، لو وظفت بالشكل الصحيح، ببناء منظومة كهربائية وطنية جبارة يزيد إنتاجها عن حاجة البلاد، بل وتصدير الفائض منها الى البلدان المجاورة، إلا أن جميع تلك المشاريع لم تكن حقيقية وجميع الحلول التي طبقت كانت حلولاً ترقيعية لا أثر حقيقياً لها على أرض الواقع.”
حرمان متعمد
أما المواطن أمجد علي السيلاوي فقد أفصح عن قناعته التامة بأن “الحرمان الذي يعاني منه المواطن العراقي في التمتع بحقه بالتجهيز الكامل بالطاقة الكهربائية هو حرمان متعمد، إذ أن هنالك أجندات خارجية وقوى عالمية تسعى الى استمرار هذه الأزمة والعمل على عرقلة وإفشال كل الجهود الرامية والساعية الى إعادة عمل منظومة الكهرباء الوطنية بالشكل الذي يسهم في استقرار آلية تجهيز المواطنين بالتيار الكهربائي على مدار الأربع والعشرين ساعة يومياً، أسوة بباقي دول العالم التي احتفلت –غالبيتها- مؤخراً بعدم انقطاع التيار الكهربائي فيها ولو لدقيقة واحدة فقط خلال الأربعين سنة الماضية، كما هو الحال في اليابان والإمارات العربية المتحدة.”
مشاريع جديدة
رئيسة الهيئة الوطنية للاستثمار سهى داود النجار كشفت في تصريح خاص لـ “مجلة الشبكة” عن تعاقد الهيئة مع عدد من الشركات العربية والأجنبية لتنفيذ مشاريع جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية، سعياً منها في دعم إنتاج المنظومة الوطنية للكهرباء. مشيرة إلى أن “العقود التي أبرمتها الهيئة تتضمن قيام الهيئة، بالتعاون مع شركة مصدر (الإماراتية) وشركة توتال (الفرنسية)، بتنفيذ مشاريع لإنتاج الطاقة الكهربائية من المؤمل أن تسهم بإضافة (2000) ميكاواط الى الشبكة الوطنية في عموم المحافظات من خلال استخدام الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية) في إطار جهود الهيئة المتواصلة في هذا الاتجاه، التي كان آخرها توجيه هيئات الاستثمار في المحافظات للاستفادة من مبادرة البنك المركزي العراقي بتمويل اقتناء وحدات توليد الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة لتغطية احتياجات التمويل التي امتدت لتشمل الوحدة السكنية المفردة والمشاريع الاقتصادية الصغيرة والصناعية والتجارية والمتوسطة، فضلاً عن المجمعات السكنية وجميع الفئات الأخرى، ويأتي ذلك انسجاماً مع توجيهات رئاسة الوزراء المستمرة بالاعتماد على الطاقة البديلة.”
كما بينت النجار أن “الشركات المتعاقد معها باشرت فعلاً بإكمال جميع الإجراءات الخاصة للمباشرة بالعمل، بعد انتهائها من استحصال الموافقات الرسمية الأصولية كافة.” لافتة الى أن “رفد المنظومة الوطنية بهذا القدر من الطاقة الكهربائية سيسهم في حل جزء من أزمة الكهرباء التي تعاني منها البلاد.” مضيفة أن “هناك مشاريع مماثلة لعدد من الشركات العالمية والعربية يجري التفاوض معها من أجل تنفيذها مع وزارة الكهرباء حالياً.” مبينة أن “البحث عن مصادر بديلة عن النفط لإنتاج الطاقة الكهربائية أصبح ضرورة ملحة، ولاسيما بعد الارتفاع الحاد في أسعار النفط عالمياً، مع ازدياد الطلب العالمي عليه، إضافة الى الأضرار البيئية والمناخية والصحية الناتجة عن استخدام المنتجات النفطية، كالكازولين والغاز في إنتاج الطاقة الكهربائية”.
يذكر أن مستوى تجهيز الطاقة الكهربائية في البلاد يشهد انخفاضاً كبيراً وملحوظاً خلال فصل الصيف بسبب الارتفاع الحاد في درجات الحرارة، الذي يؤثر سلباً على كفاءة عمل منظومات توليد الطاقة الكهربائية، إضافة الى امتناع بعض الدول المجاورة عن تزويد العراق بمادة الغاز الضرورية لتشغيل تلك المنظومات، كذلك الزيادة الكبيرة في طلب الحصول على الطاقة الكهربائية خلال تلك الفترة لتشغيل أجهزة التكييف والتبريد في الصيف وأجهزة التدفئة والسخانات في الشتاء.