الشبكة/
على ضفاف دجلة، في شارع الأخطل الرابط بين منطقتي الأعظمية والكريعات، تقع واحدة من أهم المدارس الثانوية في العراق والوطن العربي، إنها ثانوية كلية بغداد التي تأسست عام 1932 على يد الآباء اليسوعيين الأمريكيين، وتضم خمس بنايات بطابقين، ومازالت المدرسة تحتفظ ببنائها الذي لم تجر عليه أية إضافات.
الثانوية التي ليس لها نظير في طريقة تدريسها وفي برامجها إلا في بريطانيا وأميركا اختيرت في عام 1935 كأفضل مدرسة في آسيا، ومنذ تأسيسها تتبع نظام تدريس المواد العلمية باللغة الانجليزية.
اختبار الذكاء من شروطها
تستقطب المدرسة منذ تأسيسها نخبة التلاميذ في بغداد بعد أن تخضعهم إلى امتحان الذكاء لاختيار الموهوبين منهم، ومازالت المدرسة تتبع نفس الآليات التي وضعها مؤسسوها، التي تتضمن نقل الطالب الذي لايحقق معدلاً أعلى من 75 درجة في الصفوف غير المنتهية إلى مدرسة أخرى، لكن مديرها رياض عطا العبيدي يشكو من “الاستثناءات” وتدخلات تربك نظام الكلية وتضعف المستوى العلمي المتقدم الذي حافظت عليه الثانوية منذ بداية تأسيسها.
تعاني كلية بغداد اليوم من بعض المشكلات التي لاينبغي أن تشكو منها ثانوية بهذا المستوى من الشهرة والتميز والنظام التدريسي الصارم، ومن بينها النقص في الملاك التدريسي وفي عدد عمال الخدمات، وناشد مدير الثانوية رياض عطا العبيدي الوزارة مراراً لتعيين عدد إضافي من عمال الخدمات نظراً للمساحة الكبيرة للكلية، فحدائق الكلية الزاهية فقدت رونقها بسبب عدم وجود رعاية لتلك الحدائق.
خريجوها من المفكرين والمثقفين
على امتداد تأريخها خرجت ثانوية بغداد مفكرين ومثقفين وعلماء في شتى المجالات، وتولى خريجوها مراكز سياسية مرموقة، نذكر من بينهم الدكتور إياد علاوي رئيس الوزراء الأسبق ونائب رئيس الجمهورية حالياً، وعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية السابق، لكن المدرسة تفتخر أيضاً بطلبتها السابقين ومنهم اللورد آرا درزي، جرّاح ومستشار في وزارة الصحة البريطانية، الذي أكمل الدراسة الطبية الأولية في آيرلندا وهو الآن جراح أول في الجراحة التنظيرية، وعيزار إسحاق أول من أجرى عملية ترقيع شبكية العين.
كانت كلية بغداد تضم غالبية من الطلبة المسيحيين واليهود، ومنذ البدء رحبت الثانوية بالطلبة المسلمين وكانوا من أبناء الوزراء والأثرياء.
ظروف صعبة
عاشت كلية بغداد بعد العام 2003 ظروفاً صعبة نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية، وتعرضت إلى تهديدات أدت إلى إغلاقها، ونقل طلبتها إلى مدرسة المتميزين في شارع فلسطين، لكن التضارب حصل لكون طلبة ثانوية كلية بغداد يدرسون “الأحياء والكيمياء والرياضيات” باللغة الانجليزية بينما مدارس المتميزين تدرّس طلابها باللغة العربية، ولهذا اضطر طلبة كلية بغداد للعودة إلى ثانويتهم وتحمل الظروف الأمنية التي تشهدها منطقتهم.
وقعت بعض الأحداث التي هددت الأمن في منطقة الأعظمية ببغداد (موقع كلية بغداد) بعد عودتها من ضمنها إرسال تهديد إلى الكلية نص على أن تغلق المدرسة أبوابها وإلا سيتم استخدام أسلوب العنف والتهديد بالقتل، لكن الثانوية واصلت دوامها حتى تحسنت الأوضاع الأمنية وعادت الحياة الى طبيعتها.
ويسعى مدير ثانوية بغداد الذي يعمل إلى جانبه خمسة من المعاونين إلى المحافظة على بريق كلية بغداد التي تتميز بوجود أكبر المختبرات في الفيزياء والكيمياء والصوت.
قفزة جديدة
في العام الماضي شهدت الكلية قفزة جديدة في عملية مواكبة الثانويات الأميركية والبريطانية التي تعتمد ذات البرامج التي تدرس في الثانوية، من خلال اعتماد التدريس الإلكتروني حيث يمكن للطالب أن يتابع المحاضرة وهو في بيته في حال تعذر حضوره إلى المدرسة.
وأشار العبيدي إلى أن ثانوية كلية بغداد كانت على الداوم محط اهتمام الوزارات لكنها عانت في السنوات الأخيرة من بعض الإهمال، بيد أن وزير التربية الحالي شكل لجنة بهدف دراسة احتياجات كلية بغداد وأهمية المحافظة على تاريخها الزاخر بالنجاحات والتأكيد على بقائها مصنعاً لتخريج المواهب التي شقت طريقها إلى تحقيق إنجازات في مختلف مجالات الطب والكيمياء والعلوم، داعياً إلى إنهاء الاستثناءات التي تعد السبب الأول في إضعاف المستوى العلمي المعروف للكلية ولكي تبقى مكاناً للموهوبين والمتميزين.