السماوة – يوسف المحسن/
كان لأبناء محافظة المثنى السبق في انطلاق ثورة العشرين التي انتقلت للمدن العراقية الأخرى، وكان من أهم نتائجها أنَّها انتزعت اعترافا ضمنيا بأن الشعب العراقي لا يمكن أن يرزح تحت الاحتلال، البداية كانت يوم الثلاثين من حزيران 1920عندما اقتحمت مجموعة مكوّنة من عشرة أشخاص مخفر الرميثة وأطلقت سراح شعلان أبو الجون بعد معركة مع أفراد الحامية، حادثة هبّت بعدها رياح الثورة في المدن العراقية تباعاَ.
ويحيي أبناء المثنى مثل كل العراقيين ذكرى مرور 103 أعوام على اندلاع ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني للمطالبة بالاستقلال، التي أصبحت نقطة لافتة في التاريخ الحديث، وتحوّلت إلى يوم وطني للأجيال اللاحقة يحتفل بذكراها من كل عام بوصفها ذكرى احتجاجية مشتعلة.
إذ يقول الدكتور متعب خلف إنَّها تعاظمت بعد الفتوى التي أطلقتها المرجعية الدينيّة في النجف الأشرف، ويضيف خلف وهو أستاذ متخصّص في التاريخ المعاصر في جامعة المثنى أنها كانت البداية للدولة العراقية الحديثة، وقد ورد وصف دقيق لجانب من مجريات الثورة وأسبابها ونتائجها في كتاب الثورة العراقية الكبرى للمرحوم المؤرخ عبد الرزاق الحسني وتحديداً في الصفحات 223 و224 و328.
واحدٌ من أحفاد الثوار وهو المرحوم الشيخ ناجح كامل غثيث الحرجان أخبرنا في وقت سابق أن قائمة شهداء الثورة من عشيرة الظوالم ضمّت مشعل حاجم سلمان وثعبان حاجم سلمان وشمران حاجم سلمان ومهدي حاجم سلمان وابو عيون حرجان حاجم وكريم سدخان حاجم والجرحى كانوا كلاً من المجاهدين دلّي راضي حاجم وغالي سدخان حاجم ومحمد عوفي حاجم وغضب سلمان، وذكر أيضا أسماء الشهداء دحام عبد الله وكشوش نعمة وصالح نعمة وحبشان كاطع فليح، مشيرا الى أن الليرات العشر كان من بينهم حبشان كاطع وأبو عيون حرجان وجنخيت كاطع وعبد آل عيّار وحمود راضي وعبد الحسين زغير وخضير عبود، وهو ما تمت الإشارة له في كتاب (نواب لواء الديوانية) في العهد الملكي للكاتب علي صالح الكعبي.
الثورة شارك فيها العراقيون بطوائفهم وقومياتهم كافة، وطوال أربعة أشهر تعرّضت مدن الرميثة والسماوة والخضر الى قصف بالطائرات لم يمنع الثوار من قطع طرق الامداد عن الجيش البريطاني وإغراق سفن له ومهاجمة القطارات وبما أجبره على الانسحاب الى قاعدة أور في الناصرية، إذ يضيف الدكتور خلف أنّ الانتقال السريع للثورة ووصولها الى الديوانية والنجف الاشرف ومن ثم بغداد أجبر القوات الغازية على استقدام تعزيزات كبيرة والسعي للدخول بمفاوضات جانبية أجبرتها على إعادة استراتيجيته في التعامل مع العراق، فمن احتلال مباشر الى انتداب انتهى خلال عقد من الزمان بعد الإقرار بالمملكة العراقية واعتمادها عضوا في عصبة الامم في الثالث من تشرين الاوّل عام الف وتسعمئة واثنين وثلاثين وبناء على الطلب الذي قدمته حكومة نوري السعيد في الثاني عشر من تموز من ذات العام ليصبح العراق أوّل دولة عربيّة تنال اعترافا وعضوية في المنظمة الدوليّة.
والحق أن ثورة عام 1920 كانت من أهم الثورات ضد القوات البريطانية في العراق، وكانت وراء اندلاعها أسباب متعددة، من أبرزها سوء الإدارة البريطانية وتعسفها في إدارة البلاد.